ندوة ثقافيّة وسياسيّة حول حرب الإبادة في كفرياسيف
علي هيبي
تاريخ النشر: 25/05/24 | 15:04غصّت قاعة المكتبة العامّة في كفر ياسيف بجمهور لافت ونوعيّ من المثقّفين والأدباء والمهتمّين، مساء يوم الخميس الفائت ، حضروا تلبية لدعوة من مؤسّسة “محمود درويش للإبداع” للمشاركة في ندوة ثقافيّة وسياسيّة حول حرب الإبادة الّتي شنّتها إسرائيل على قطاع غزّة وعلى الشّعب الفلسطينيّ، وحول الأجواء السائدة في المجتمع العربيّ وانعكاسات الحرب السّلبيّة على المجتمع الإسرائيليّ عامّة. وقد انعقدت النّدوة بالتّعاون مع مجلس كفر ياسيف المحلّيّ تحت شعار “بعدل ومساواة نريد أن نعيش معًا عربًا ويهودًا على هذه الأرض”.وكان مدير مؤسّسة “محمود درويش” الكاتب عصام خوري قد استهلّ الأمسية بالتّرحيب بضيوف النّدوة على المنصّة وهم: السّيّد عصام شحادة رئيس مجلس كفر ياسيف المحلّيّ ومعوز المبادر للسّلام رغم فقدانه لأبويْه يوم 7 أكتوبر من العام الماضي، الكاتب والصّحفيّ عودة بشارات، رئيس الكنيست السّابق أبراهام بورغ ورئيس قائمة الجبهة الدّيمقراطيّة والعربيّة للتّغيير النّائب أيمن عودة. كما رحّب خوري بالجمهور الكبير الّذي حضر من أهالي كفر ياسيف وضيوف من القرى والمدن المجاورة. وقد بدأ مداخلته الافتتاحيّة بتهنئة رئيس المجلس الجديد وأعضاء المجلس، ومن ثمّ تطرّق إلى أثر الحرب وإمكانيّات العيش اليهوديّ العربيّ المشترك، ودعا إلى عدم اليأس من السّعي نحو السّلام رغم صعوبة الظّروف. وكانت الكلمة الأولى في النّدوة لرئيس البلد المضيف السّيّد عصام شحادة، فرحّب بدوره بالضّيوف على المنصّة والحضور الكريم، معربًا عن دعمه بكلّ ما أوتي لنشاطات مؤسّسة “محمود درويش” الثّقافيّة وفي كلّ المجالات المعرفيّة، ومن ثمّ تطرّق إلى برامج إدارته المحلّيّة المستقبليّة، وقد تحدّث عن دور كفر ياسيف التّثقيفيّ والتّعليميّ وعن تاريخها الوطنيّ النّاصع منذ تأسيس مجلسها سنة 1925، وأشار إلى أنّه في السّنة القادمة سنحتفل بمرور قرن على هذا التّأسيس. وكذلك استنكر شحادة هدم البيوت في النّقب وأدان الاعتداء العنصريّ على النّائب الجبهويّ يوسف العطاونة.
أمّا المداخلة الثّانية فكانت للسّيّد “معوز” أحد نشيطي السّلام في المجتمع اليهوديّ والّذي فقد أبويْه يوم السّابع من أكتوبر من العام الماضي قبل العدوان الإسرائيليّ على غزّة. وقد أشار معوز إلى ضرورة عدم فقدان الطّريق نحو السّلام العادل الّذي يضمن الحياة بحرّيّة وكرامة للشّعبيْن رغم هول المآسي والمعاناة الطّويلة، ورغم خسارته على المستوى الشّخصيّ.الكاتب عودة بشارات تحدّث عن الأجواء المتعكّرة والّتي قد تبعث على اليأس نتيجة للحرب وأجواء العنصريّة والفاشيّة الّتي تبثّها الحكومة اليمينيّة المتطرّفة، وكذلك تحدّث عن الحصار الإعلاميّ وسياسة كمّ الأفواه، الّتي تمنع التّظاهر والاحتجاج ضدّ الحرب، ودعا رغم قسوة الظّروف إلى التّضامن مع شعبنا الفلسطينيّ وقضيّته العادلة. ودعا أبراهام بورغ في مداخلته الموسّعة إلى تكثيف اللّقاءات العربيّة واليهوديّة بهدف صدّ الهجمة على الدّيمقراطيّة وحرّيّة التّعبير، وأشاد بالأمل عند الشعبيْن رغم كلّ ما يدعو إلى اليأس، فاليأس كما انتهى في كلّ مكان وصراع سينتهي هنا أيضًا، وقد أشار إلى أنّ 7 أكتوبر فتحت أبواب جهنّم، في المنطقة والبلاد خاصّة، وبعد 75 عامًا من التّنكّر لحقوق الشعب الفلسطينيّ، وقد أدّت هذه الأوضاع العدائيّة إلى مزيد من التّقاطبات والتّكتّلات السّياسيّة والحزبيّة والدّينيّة بين قوى اليمين وبين الصّهيونيّة والجماهير العربيّة. ومن بين هذه الصّراعات هناك من يدعو إلى بناء الأسوار العالية لتبقى هذه التّقاطبات الحادّة، وثمّة من يدعو إلى هدم الأسوار كي يتمّ الالتقاء وبناء السّلام والمساواة والثّقة بين المواطنين عامّة بمواطنة متساوية، ولكنّ الشّجاعة السّياسيّة لمّا تتوفّر، وبخاصّة عند اليمين الحاكم في إسرائيل.
النّائب أيمن عودة استهلّ مداخلته بالتّنويه بمعوز الثّاكل معزيًّا بفقدانه لأبويْه، ورغم ذلك ظلّ مؤمنًا بالسّلام، ومن ثمّ تطرّق إلى تاريخ أبراهام بورغ وتحوّلاته السّياسيّة نحو قوى السّلام والدّيمقراطيّة، رغم تقلّده لعديد من المناصب الرّفيعة، كان أبرزها رئاسة الكنيست، وتطرّق عودة إلى زيارته الأخيرة إلى بلفاست العاصمة الأيرلنديّة للتّعلّم من تجربة “الشّين فين” الكفاحيّة الّتي نجحت في تسعينيّات القرن الماضي في أيرلندا كما نجحت في جنوب أفريقيا بانتصار الكفاح ضدّ الأبرتهايد الأبيض، لكنّ التّجربة الكفاحيّة لمّا تنتصر في فلسطين. ولكنّ عودة أشاد بنضال الشّعب الفلسطينيّ من أجل حرّيّته وكرامته واستقلاله، رغم الآلة الوحشيّة الّتي مارستها الحكومات الإسرائيليّة المتعاقبة، وبخاصّة الحكومة اليمينيّة المتطرّفة في عدوانها الغاشم على غزّة وعلى الوجود الفلسطينيّ عامّة، وهي السّياسة الّتي منعت تحقيق السّلام العادل حتّى الآن. وقد انتهت النّدوة بنقاش بين الجمهور والمتكلّمين كان أبرزه ردّ أيمن عودة على أحد المتناقشين الّذي سأله حول إذا ما كان عنده نيّة لتأسيس حزب جديد، فرّد عودة مؤكّدًا أنّه جاء من إطار سياسّيّ وتنظيميّ جبهويّ لن يتخلّى عن مبادئه وعن الانتماء لها وسيبقى هذا التّنظيم بوصلة الكفاح حتّى إنهاء الاحتلال وكنسه وقيام الدّولة الفلسطينيّة المستقلّة وعاصمتها القدس. واختتمت النّدوة بإجماع على عدم اليأس مهما ساد الظّلام.