حرب شارون على عرفات وحرب نتنياهو على السنوار
الاعلامي احمد حازم
تاريخ النشر: 02/06/24 | 18:54في السادس من شهر يونيو/حزيران عام 1982 قررت الحكومة الإسرائيلية التي كان يرأسها شارون، غزو لبنان من خلال شن عملية عسكرية ضد منظمة التحرير الفلسطينية، والتي كانت كافة قياداتها السياسية والعسكرية ومكاتبها الرئيسية متواجدة في بيروت. وكانت عملية اغتيال سفير اسرائيل في بريطانيا، شلومو والتي نفذتها مجموعة من تنظيم أبو نضال، السبب وراء قيام إسرائيل باحتلال جنوب لبنان.
وقتها هاجمت اسرائيل بيروت الغربيّة وتعرضت لقصف عنيف. وفي الثلاثين من شهر أغسطس/ آب من العام نفسه غادر الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات لبنان إلى تونس تحت حماية قوات حفظ السلام الدولية، بعد تلقيه ترحيبا من الرئيس التونسي.
دخل ياسر عرفات إلى رصيف ميناء بيروت باكيا، وكان يتقدم موكبا فيه قادة الحركة الوطنية اللبنانية، وقبل صعوده إلى السفينة التى ستغادر لبنان إلى تونس لوح بيديه أمام الآلاف الذين احتشدوا لوداعه، قائلا: “أيها المجد لتركع أمام بيروت”.
قطاع غزة وعلى ما يبدو يذكّر في الحرب المقامة عليه منذ السابع من أكتوبر الماضي بما جرى في بيروت، ويأمل رئيس حكومة إسرائيل نتنياهو ان يحدث للسنوار في قطاع غزة ما فعله شارون لعرفات في بيروت، بمعنى ان حرب نتنياهو على السنوار في قطاع غزة شبيهة بحرب شارون على عرفات في بيروت بالأسباب والأهداف، لكن الفارق ان شارون ستطاع اخراج عرفات قوات منظمة التحرير وعرفات من بيروت في فترة أسابيع قليلة من شن الحرب عليه، بينما نتنياهو يحاول منذ ثمانية شهور إخراج حماس من غزة وابعاد السنوار لكنه لم يستطع لغاية الآن.
رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي دافيد بارنباع وخلال اجتماع جرى في وارسو في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، الذي عمل كوسيط مع حماس، تقدم باقتراح يقضي بمغادرة كبار قادة حركة حماس غزة كجزء من اتفاق لوقف إطلاق النار. وحسب شبكة CNNالأمريكية، فإن وزير الخارجية الامريكية انتوني بلينكن أثار هذا الموضوع في العاصمة القطرية في وقت سابق من الشهر نفسه.
التاريخ يعيد نفسه مع تغير الأشخاص لكن بنفس الأساليب. شارون أراد تصفية عرفات او على الأقل اسره، وأراد القضاء على المقاومة الفلسطينية وقادتها. أمريكا وكعادتها في اللعب على الحبلين، تدخلت
بارسال فيليب حبيب ممثلا عن الرئيس الأمريكي ريغان للعمل على اخراج الفصائل الفلسطينية وقادتها من بيروت.
غزة ليست بيروت. فهناك فوارق رغم وجود تطابق في الحدثين. المنظمات الفلسطينية لم تكن موجودة على أراض فلسطينية وعرفات لم يكن في مدينة فلسطينية، لكن حماس موجودة على أرض فلسطينية والستوار موحود في مدينة فلسطينية. فإذا كان عرفات قد قبل بالمغادرة تحت ضغوط أمريكية وعربية لمغادرة لبنان، فإن السنوار رفض الفكرة لأنه في وطنه وليس في وطن غيره، أضافة الى تمسكه بمواقفه.
وأخيرا… شارون كان في قمة شعوره بالانتصار عندما رأى عرفات يودع بيروت بقوله “أيها المجد لتركع أمام بيروت”، ونتنياهو يأمل في رؤية هذا المشهد من السنوار وهو يودع رفح، لكن السنوار ليس عرفات، وإسرائيل أكثر من يعرف ذلك.