وفاة آدمَ الأوّلِ
ترجمة ب. حسيب شحادة جامعة هلسنكي
تاريخ النشر: 24/06/24 | 13:08جمع وكتب بالعربيّة الكاهن الأكبر عبد المعين صدقة (1927-2010)
First Adam’s Death
בנימים צדקה (כתב וערך), אוצר הסיפורים העממיים של הישראלים השומרונים. מכון
א. ב. ללימודי השומרונות, הרגרזים–חולון, 2021, כרך א’ עמ’ 37–40. بنيميم ترجم إلى
العبريّة.
آدمُ يستدعي ذُرّيّته قبل وفاته
قضى الله بنهاية آدمَ بالموت، لأنّه أكل من شجرة المعرفة: هكذا قال له: لا تأكل منها ان في
يوم اكلك منها عقوبة تعاقب/موتًا تموت [تكوين 2: 17، اُنظر حسيب شحادة، الترجمة العربيّة
لتوراة السامريّين، المجلّد الأوّل: سفر التكوين وسفر الخروج. القدس: الأكاديمية الوطنيّة
الإسرائيليّة للعلوم والآداب، 1989، ص. 8–9]. لو أنّ آدمَ لم يأكلْ من شجرة المعرفة، أو
شجرة الحياة، لكان أحدَ الملائكة، التسابيحُ غذاوه، ولا سيطرة للموت عليه. ولكن، كما هو
معروف، لم تكن هكذا الحال.
عندما دنا يوم وفاته، استدعى آدمُ جميعَ أبنائه، ونوح على رأسهم، كلّ نسله، من صلبه،
فجاؤوا إليه إلى مدينة البادان بجوار نابلس وجلسوا أمامَه.
مَغارة المضعّفة
أمرهم آدمُ أن يحملوه بعد موته إلى عيول مطه، في سهل الخليل/حبرون، ودفنه هناك. طالع
آدمُ في الكتب التي جلبها معه من جنّة عدن: كتاب الحروب، كتاب النجوم، كتاب الأعاجيب –
بأنّ سهل الخليل، قد خُلق ليُدفنَ فيه أبرار العالم الصدّيقون، ثمّة يرقدون كلّهم في
مَغارة المضعّفة. وقد خُلقت هذه المَغارة يومَ خُلقت شجرة المعرفة.
بحسب سفر الأساطير، خُصّصت المغارة لثلاثة أنواع من الصدّيقين:
1) خارجو جنّة عدن.
2) خارجو سفينة/فُلْك نوح.
3) المختونون.
نفّذ نسلُ آدم وصيّةَ أبيهم، ودفنوه هناك، ثمّ عاد الجميع مع نوح إلى أماكنهم.
اِختلف موت ونهاية آدمَ عن موت ونهاية صدّيقين آخرين. لقد جرّبه الله مرّتيْن. أوجد الله
تجربة الصدّيقين علامة وشهادة لاستقامتهم وورعهم، محبّتهم لله ومدى محبّة الله لهم. كما
قال: ”لإشقائك ولامتحانك حتى يحسن اليك في آخرتك“ [تثنية 8: 16، اُنظر حسيب شحادة،
الترجمة العربيّة لتوراة السامريّين، المجلّد الثاني: سفر اللاويّين سفر العدد وسفر تثنية
الاشتراع. القدس: الأكاديمية الوطنيّة الإسرائيليّة للعلوم والآداب، 2001، ص. 458–459]. كما
قال الله في مكان آخرَ : ”… اذ ممتحن الله الّهكم اياكم ليعلم هل كنتم محبّين لله الهكم بكل
قلوبكم وبكل نفوسكم“ [تثنية 13: 4؛ اُنظر حسيب شحادة، المجلّد الثاني، ص. 486–487].
تجارب آدم
أحدُ حكمائنا الكِبار، إبراهيم مفرج صدقة الصباحيّ، كان يقول: تجربة الأخيار، من الله قريبون.
لذلك، فإنّ كلَّ التجارب التي مرّ بها آدم الأوّل، لم تُعَدّ إلا لإثبات بِرّه وورعه، وعلاوة على
ذلك، لتبرير لقبه برئيس الأبرار الصالحين.
التجربة الأولى تمثّلت بإخراج آدمَ من جنّة عدن. تلك الساعة، كانت جدّ قاسية، حيث فيها
أصبح آدم قلقًا وغير آمن. أخذتِ الحيوانات تهابه وهو يخاف منها أيضا. في حين أنّه في جنّة
عدن، كانت لديه سيطرة كاملة على جميع المخلوقات، التي بجّلته كثيرا.
صبّ آدمُ جامَ غضبه على زوجته حوّاء، لكونها سببَ كلّ ما جرى له. أجرى آدمُ محادثة
مفعمة بالغيظ مع زوجته:
آدم: ماذا فعلتِ؟ ما الفعلُ الذي فعلتِه؟
حوّاء: أنا لم أفعل ذلك.الثعبان أغواني فأكلتُ.
آدم: لماذا أطعتِ الثعبانَ الخبيث، وخالفتِ قولَ الله؟
حوّاء: الثعبان حضّني قائلًا: لا موتًا تموتان.
آدم: هل عرفتِ الموتَ الذي ينتظرُنا؟
حوّاء: كلّا، لا أعرف.
آدم: أوّلًا، خروجُنا من جنّة عدن، علامة على عذابنا في الحياة، ووقوعنا في أعمال شرّيرة،
لأنّنا لن نستطيعَ أن نكون طاهرين لمدّة طويلة، ثانيًا، الويل لنا، فقدنا شرفَنا الأوّل، غذاؤنا
كان الأمجاد والمدائح؛ شربنا من المياه المقدّسة، سلكنا سلوك الملائكة الذين لبّوا جميعَ
طلباتِنا.
غرِق آدم وحوّاءُ في حزنهما وقتًا طويلا، إلى أن تسنّى لهما رؤية أحدهما الأُخرى بأنّهما
عُريانان. اِستَحْيَيا جدًا؛ عندها عرف/جامع آدمُ حوّاء زوجته فولدت له قايين وهابيل.
التجربة الثانية كانت قتل قايين لهابيل، أظلمتِ الأرضُ في ذلك اليوم بوجه آدم، وعلم أنه
مخطىء جدًا اتجاهَ خالقه. عندها وقف بين يدي ربّه وقال:
يا إلهي، أعرف أنّي أخطأتُ أمامَك، بجسدي، بأوتاري، بأعضائي وبعظامي. الخطيئة تلفّني.
ناقضتْ أفكاري وشلّت حركتي، رمتني في يمّ الخطايا وجازتني شرّا. ها فقدتُ ابنيّ،
الأوّل قَتل وأغضب ربَّه، والثاني قُتِل وولّى إلى الهلاك. هل خطيئتي عظيمة إلى هذا
المدى في نظرك، لدرجة استحالة الرأفة؟
يا ربَّ العالمين، أنت إله رحيم حنون. أنت بشّرت العالَم بمجيء موسى. لا تنقض أقوالَك:
”ليس القادر انسانا فيكذب ولا ابن آدم فيندم“ [العدد 23: 19؛ اُنظر حسيب شحادة، المجلّد
الثاني، ص. 313]. سامحني واغفر لي كلَّ خطاياي، ها أنا أُقدِّم نفسي وأكرّسها لاسمك
العظيم الرهيب ، وأتوسّل إلى رحماتك الجمّة.
نتيجة لفعل قايين، شعر آدم أنه لم يَعُد بارًّا، وعليه أعلن عن تنسّكه. تنسّك مائة عام في
عبادة الله، بالصلاة والصوم. واظب بصلاته ولم يعرف/يضاجع زوجته، ولم يلتفت إلى
أباطيل/تُرَّهات الدنيا.
ذات يوم، رأى علامة قبول مغفرة الله وعندها عرف/جامع زوجته، وأولد ابنا بصورته وشبهه،
وسمّاه شث. فرح آدم جدًّا وشكر ربَّه وقدّم له قربان الشكر.
سافر آدم إلى البادان (آدم المدينة) ليكون قريبًا من جبل جريزيم المقدّس. عرف آدم أنّ اللهَ
قبِل توبته وأعاد له منزلته صدّيقًا، كما حدّد الله عمر آدم، كما هي الحالة بالنسبة لجميع
الصدّيقين.
يوم وفاة آدمَ
اهتزّتِ الأرض يومَ وفاة آدم، وظهرت علامات على الأرض وعلى السماء أدهشتِ المخلوقات،
فسأل الواحد الآخر ما معنى هذا؟ لا أحدَ علم كنهَ هذا الأمر، إلى أن كشفت الملائكة أنّ آدم
الأوّل، أبا البشر، رئيس الأبرار وأبو الصدّيقين، رئيس الأمناء وخير الأخيار، قد رحل عن هذا
الدنيا.
سُرعان ما حلّ الحِداد في قلوب بني آدمَ واِكتنف البكاءُ الجميع.
آدم الأوّل كان ملجأ كلِّ من يسأل ويطالب، دليلَ كلّ ضالّ. اِجتمع كلّ أفراد ذُرّيّته، ابتداءً
من ابنه شث وانتهاءً بنوح وبنيه، آخر نسله، فدفنوه. كلّ واحد من نسله، جاء من جهة أخرى
في الأرض، وجلب معه حشدًا غفيرًا من أبنائه ورجاله. لا يمكن إحصاء عدد الأشخاص
المرافقين لآدم عند وفاته، وقد دُفن باحتفال ضخم جدًا. كل ابن من أبنائه الصدّيقين ألقى
كلمة عظيمة ثمينة وراء نعش آدم، وصف فيها أخلاقه الحميدة، والتمس له الصفح والمغفرة
من ربّه.
هنا برهان قبول توبة آدم، كما ورد في سفر الأساطير: لمّا خرج آدمُ من جنّة عدن، حمل معه
حجرًا ووضعه في مكان اسمه ”ادرمس“، لعبادة ربّه. كما ورد: كما هو مدعوّ ادرمس وهو ربط
آدم قبل خروجه من جنّة عدن.
في هذا المكان، عبد آدمُ ربَّه طوالَ مائة عام تنسّكه، وفيه ظهرت علامة قبول توبة آدم.
وثمّة إثبات آخرُ على موت آدمَ صدّيقًا. لأنّ اللهَ خلقه/جبله من تراب جنّة عدن. هكذا تكلّم
الله: ”وخلق القديم الله آدم ترابًا من الأرض“ [تكوين 2: 7؛ حسيب شحادة، مج. 2، ص. 9]، وإن
خلقه في جنّة عدن فالتراب من هناك، من جنّة عدن أو من تراب جبل جريزيم – بوّابة جنّة
عدن. لذلك قال الفقيه الشيخ إسماعيل بدر رميح [أواخر القرن السادس عشر وبدايات السابع
عشر، تلميذ إبراهيم يوسف القبّصي؛ نظم الشعر، قاضي إسرائيل؛ مؤلّف مولد موسى
وكتاب شرح الاثنتين والسبعين توروت. يبدو أنّه أوّل من ذكر بصراحة كتاب الأساطير، اُنظر
مخطوط SAM 25 في المكتبة الوطنيّة والجامعيّة في القدس، ص. 171ب، 175أ]
في قصيدة ليوم الغفران في البيت شين:
تجمّعتِ المياه كالبحار
وخلق من الحوض آدم
أساس الموجودات
الذي خُلق من تراب سفره- أي جبل جريزيم.
برهانٌ آخرُ: كان آدمُ الأوّل أحدَ اختيارات الله السبعة: آدم، السبت، النور، جبل جريزيم، ألواح
العهد، إسرائيل، موسى. وقد ذكرها العالِم الكاهن خضر إسحق في قصيدته الثالثة ليوم
الغفران – أُعطي العظمة لمن هو – لذي العظمة (تحرير: راضي صدقة، ص. 378–399، في
الأبيات ز-ف، وقال هناك إنّ من يعدّ ”دمعة“/اختيار) مثل سيّدنا موسى عليه السلام، نهايته
في جنّة عدن. كان ”صالحًا“ ومات ”صالحًا“ وأعلن خبرَ وفاته الملائكة الأبرار. والله عالم
الغيب.