رِثاءُ ٱلأُسْتاذِ ٱلـمُربِّي رائِد جَميل عَرَفات

الشَّاعِرُ ٱلعَروضِيُّ مَحْمودُ مَرْعي

تاريخ النشر: 27/06/24 | 10:42

مَنَعَ الرَّحيلُ تَلاقِيَا

(رِثاءُ ٱلخالِ ٱلحَبيبِ ٱلـمَرْحومِ ٱلأُسْتاذِ ٱلـمُرَبِّي رائِد جَميل عَرَفات (أَبو طارِقٍ) نَجْلِ ٱلـمَرْحومِ ٱلباحِثِ جَميل قاسِم عَرَفات، الَّذي قَطَفَتْهُ ٱلـمَنِيَّةُ في عِزِّ عَطائِهِ)

سَهْمُ ٱلقَضاءِ مُسَدَّدٌ وَمُصَوَّبُ.. لا يُخْطِئُ ٱلأَهْدافَ إِذْ يَتَصَوَّبُ

يَأْتيكَ مِنْ غَيْبٍ، فَلا ميعادَهُ.. تَدْري وَلا ما يَجْتَبي أَوْ يُعْقِبُ

قَدَرُ ٱلإِلٰهِ عَلى ٱلجَميعِ مُنَزَّلٌ.. مِنْ بَدْئِها حَتّٰى ٱلقِيامَةِ، أَغْلَبُ

تَغْدو وَتُمْسي في ٱلحَياةِ مُعانِقًا.. طِفْلًا تُعانِقُهُ ٱلحَياةُ وَتَحْدِبُ

وَمُشَيِّعًا مَنْ صابَهُ سَهْمُ ٱلقَضا.. في ساعَةٍ كانَ ٱلـمُشَيَّعُ يَلْعَبُ

ما بَيْنَ آتٍ لِلْحَياةِ وَراحِلٍ.. عَنْها، تُسافِرُ غافِلًا وَتُثَوِّبُ

تَغْدو وَتَمْرَحُ في ٱلحَياةِ مَظَنَّةً.. أَنَّ السَّلامَةَ مِنْ وَتينِكَ أَقْرَبُ

فَإِذا ٱلـمَنِيَّةُ أَقْبَلَتْ وَتَسَرَّبَتْ.. مِمَّا ظَنَنْتَ بِقُرْبِهِ لا تُعْطَبُ

قَدْ لَفَّكَ النِّسْيانُ في غَمَراتِها.. وَنَسيتَ نِسْيانَ ٱلهَوى، يا مُجْدِبُ

وَكَأَنَّ ما يَأْتيكَ مِنْ نُذُرٍ جُذًا.. فَوْقَ ٱلفِراشِ وَلَذْعَها تَتَجَنَّبُ

فَلَأَنْتَ مِنْ خَوْفِ ٱلـمَنِيَّةِ مَيِّتٌ.. وَلَأَنْتَ ما بَدَتِ النَّصائِبُ تَنْحَبُ

وَنُفورُكَ ٱلـمَشْهودُ ما ذُكِرَ الثِّوا.. تَحْتَ التُّرابِ، فَعِلَّةٌ تَسْتَوْجِبُ

طِبَّ ٱلقُلوبِ قُبَيْلَ تُصْبِحُ فَحْمَةً.. وَكَذا النُّفوسِ قُبَيْلَ ذٰلِكَ أَوْجَبُ

في كُلِّ يَوْمٍ لِلْجَنائِزِ مَوْكِبٌ.. يَمْضي بِها لِـمَراقِدٍ تَسْتَرْهِبُ

وَٱلكُلُّ نازِلُها، وَرَبِّكَ، إِنَّها.. بَيْتُ ٱلإِقامَةِ وَالثِّوا وَٱلـمَقْلَبُ

لا الدَّمْعُ يُسْعِفُ أَوْ يُساعِفُ مَيِّتًا.. لا ٱلآهُ تُرْجِعُهُ، وَعَزَّ ٱلـمَطْلَبُ

يا حامِلينَ النَّعْشَ فَٱتَّئِدوا بِهِ.. فَالرَّائِدُ ٱلـمَحْمولُ غَرْسٌ طَيِّبُ

قَدْ طابَ فَرْعًا وَٱسْتَطالَ إِلى الذُّرى.. وَالطِّيبُ حَطَّ بِطيبِهِ يَتَطَيَّبُ

قَدْ عاشَ حُرًّا وَٱلعَلاءُ دِثارُهُ.. قَدْ كانَ صَدْرًا، وَٱلكَرامَةُ مَشْرَبُ

وَشُموخُهُ كَشُموخِ مِئْذَنَةٍ عَلَتْ.. عَمَّا يُجاوِرُ مِنْ مَساكِنَ تُعْجِبُ

جَنَباتُ “كَنَّا” رَدَّدَتْ أَصْداءَهُ.. رَدَحًا، وَما زالَتْ تُعيدُ وَتُطْرِبُ

وَسَلوا بِذا أَحْجارَها وَطُيورَها.. وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّها لا تَكْذِبُ

وَٱسْتَخْبِروا الصَّرْحَ ٱلـمَشيدَ وَساحَهُ.. عَمَّا وَعى عَنْ رائِدٍ، فَسَيُطْنِبُ

في ٱلـمَدْحِ وَٱلإِطْراءِ تَكْريمًا لَهُ.. فَلَهُ لَدَيْهِ مَآثِرٌ لا تَنْضُبُ

حَتّٰى ٱلحِجارَةُ ذاتُ وَعْيٍ مُدْرِكٍ.. وَلَها لِسانٌ بِٱلحَقيقَةِ مُعْرِبُ

يا رائِدَ ٱلعَزَماتِ يا تِرْبَ ٱلعُلا.. شَمْسًا لِغَيْرِ ٱلعُرْبِ لَيْسَتْ تُنْسَبُ

وَسَلوا الرِّياضَةَ يَوْمَ خاضَ غِمارَها.. مُتَحَفِّزًا في خَوْضِها يَتَوَثَّبُ

لَعِبًا فَتَدْريبًا سَما لِـمَنازِلٍ.. عَزَّتْ عَلى أَيَّامِنا تَسْتَقْطِبُ

لَوْ كانَ لِلْإِعْلامِ بَهْرَجُ يَوْمِنا.. لَطَغى حُضورًا لا يَغيبُ وَيُشْطَبُ

ذَرَعَ ٱلـمَلاعِبَ لاعِبًا وَمُسَدِّدًا.. هَدَفًا وَرا هَدَفٍ وَهاجَ ٱلـمَلْعَبُ

ثُمَّ ٱسْتَقَلَّ مُدَرِّبًا لِشَبابِنا.. نِعْمَ ٱلـمُدَرِّبُ كانَ، نِعْمَ ٱلـمَرْكَبُ

نَسَلَتْهُ أَحْرارٌ زَكَتْ وَحَرائِرٌ.. وَٱلأَصْلُ يَعْرُبُ عَنْ أَصيلٍ يُعْرِبُ

يا رائِدًا صَدَقَ الرِّيادَةَ فَٱنْثَنَتْ.. بِٱلعَزْمِ وَٱلبَذْلِ ٱلـمَعالِـيَ تَخْطُبُ

قَدْ قامَ يَرْعى النَّشْءَ لا مُتَحَيِّزًا.. كَلَّا، وَلا مُتَحَزِّبًا يَتَعَصَّبُ

طُلَّابُهُ في عُرْفِهِ أَبْناؤُهُ.. وَمِنَ ٱلبَنينِ مُشاغِبٌ وَمُهَذَّبُ

يَحْنو عَلى هٰذا وَذاكَ سَجِيَّةً.. يَعْيا ٱلحَليمُ، وَرائِدٌ لا يَتْعَبُ

“يُدْني ٱلبَعيدَ إِلى ٱلقَريبِ” وَيَحْتَوي.. لِكِلَيْهِما حُبًّا يَسودُ وَيَعْذُبُ

لَـمْ يُعْيِهِ ٱلهَدَفُ النَّبيلُ وَما وَنى.. لِبُلوغِ ما يَرْجو بِما يَتَوَجَّبُ

فَهُوَ ٱلـمُعَلِّمُ في تَعاهُدِ غَرْسِهِ..يَسْتَدُّ طُلَّابَ ٱلعُلا وَيُنَشِّبُ

وَرِفاقُهُ ٱلأَعْلامُ نِبْراسُ ٱلعُلا.. أَنَّى مَشى كانوا لَهُ ما يُحْبِبُ

وَإِدارَةٌ هُوَ بَعْضُها كَأَصابِعٍ.. في ٱلكَفِّ شَدَّتْ بَعْضَها إِذْ تَضْرِبُ

بَذَلَ ٱلـمَحَبَّةَ وَٱلإِخاءَ لِبَلْدَةٍ.. وَقَدِ ٱسْتَوى ٱلقاصي بِذا وَٱلأَقْرَبُ

بَذَلَ ٱلـمَحَبَّةَ مُخْلِصًا لَـمْ يَثْنِهِ.. عَنْ بَذْلِها ذو غايَةٍ وَمُذَبْذَبُ

لَـمْ يَحْمِلِ ٱلحِقْدَ ٱلبَغيضَ، لِعِلْمِهِ.. حِمْلُ ٱلكِبارِ مَحَبَّةٌ وَتَحَبُّبُ

وَأَحَبَّ طُلَّابًا فَجازوهُ عَلى.. حُبٍّ بِحُبٍّ مِنْهُ ضاءَ ٱلـمَوْكِبُ

أَلْقى عَلَيْهِ اللهُ مِنْهُ مَهابَةً.. فيها الرَّزانَةُ مَنْ رَأَى يَتَهَيَّبُ

لا خَوْفَ، لٰكِنْ فِعْلُ إِجْلالٍ لَهُ.. فَإِذا ٱلـمُجِلُّ مِنَ ٱلـمُجَلِّ مُقَرَّبُ

وَمِنَ التَّواضُعِ قَدْ كَساهُ عَباءَةً.. وَالنَّسْجُ أَخْلاقٌ بِها يَتَجَلْبَبُ

بُرْدُ ٱلوَقارِ كَذاكَ زَيَّنَ سَمْتَهُ.. فَتَرى النَّقائِصَ حَيْثُ يُشْرِقُ تَغْرُبُ

حازَ ٱلـمَكارِمَ مِنْ جَميعِ جِهاتِها.. إِنَّ ٱلـمَكارِمَ لِلْأَكارِمِ مَذْهَبُ

وَأُولو ٱلـمَكارِمِ في ٱلبِلادِ نُجومُها.. أَنَّى خَطَوْا ضاءَ ٱلفَسيحُ ٱلأَرْحَبُ

لَـمْ يَثْنِهِمْ عَنْ نَهْجِهِمْ وَطَريقِهِمْ.. جاهٌ رَفيعٌ أَوْ نُضارٌ يَخْلُبُ

قَرَنوا ٱلـمَسيرَ مَعَ ٱلـمَصيرِ فَفَجَّروا.. نَهْرَ ٱلكَرامَةِ، ماؤُهُ لا يَنْضُبُ

يا خالُ قَدْ مَنَعَ الرَّحيلُ تَلاقِيًا.. ما عادَ يُرْجى مُلْتَقانا ٱلأَعْذَبُ

وَٱقْرَأْ وَصِيَّتَهُ قُبَيْلَ رَحيلِهِ.. نَطَقَتْ بِحَقٍّ: في ٱلقَريبِ سَيَغْرُبُ

ذَهَبَتْ أَماسي السَّامِرينَ وَطيبُها.. وَسَوالِفٌ وَطَرائِفٌ تُسْتَعْذَبُ

ذَهَبَتْ وَلا يُرْجى الرُّجوعُ لِسالِفٍ.. وَلَّى، وَلا يُرْجى لِذاكَ تَأَوُّبُ

فَمِنَ ٱلـمُحالِ دَوامُ حالٍ في الدُّنى.. وَلِغَيْرِ رَبِّكَ لا بَقاءٌ يُحْسَبُ

وَٱلـمَوْتُ سَدٌّ لا نَرى ما خَلْفَهُ.. وَٱلبَرْزَخُ ٱلـمَنْصوبُ ذٰلِكَ يَحْجُبُ

وَٱلقَبْرُ بَيْتٌ بَيْنَ بَيْتَيْنِ ٱسْتَوى.. وَنَزيلُهُ في مَرْقَدٍ لا يُقْلَبُ

حَسْبي ٱلجُموعُ وَراءَ نَعْشِكَ لا يُرى.. مِنْها أَواخِرُها لِـمَنْ يَتَرَقَّبُ

فاضَتْ بِالَاحِبابِ الدُّروبُ فَلا تَرى.. إِلَّا وُفودًا بِٱلوَداعِ تَرَغَّبُ

وَٱلكُلُّ يَجْأَرُ خاشِعًا مُتَضَرِّعًا.. للهِ بِٱلغُفْرانِ، نِعْمَ ٱلـمَكْسَبُ

فَعَلَيْكَ مِنْ رَبِّي السَّلامُ وَرَحْمَةٌ.. حَتّٰى اللِّقاءِ ٱلـمُرْتَجى يا أَطْيَبُ

في رَحْبِ جَنَّاتٍ يَدومُ نَعيمُها.. وَدُعاؤُنا للهِ ذٰلِكَ يَكْتُبُ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة