ولّع الباطون ولّع!
د.محمود ابو فنه
تاريخ النشر: 06/07/24 | 13:20 ((من كلمة قدّمتُها في لقاء عائليّ بتاريخ 12.8.11))
أحبّائي أيّها الجمع الكريم
دارت عجلة الزّمن بلا رحمة!
لكنّها منحتنا مزيدًا من التّجارب ومزيدًا من الحكمة!
وعبر مساحات الزّمن المنصرم حقّقنا الإنجازات الرّائعة!
وتمسّكنا بالإيمان الصّادق، وتسلّحنا بروح الأمل والتّفاؤل!
تعود ذاكرتي إلى الوراء، إلى سنوات خلت، فأتذكّر هذه “الحاكورة” المباركة،
كانت أرضًا خصبة معطاء، وكانت مسيّجة بالصّبّار، وفيها بعض أشجار التّين!
كنّا نفلحها ونزرعها بخضار الصّيف أو بالدّخان أو بالسّمسم!
وجاء يوم قبل أكثر من خمسة عقود، يوم قرّرت الأسرة بناء دار جديدة في الحاكورة!
بدأ العمل، وأخذت المداميك ترتفع، ووصلنا للصّبّة – صبّة السّقف، وفي تلك الأيام
لم نكن نعرف الرّافعات ولا الخلّاطات، كانت السّواعد القويّة المتحابّة تحضّر “الجبلة” “بالطّواري والكريكات/المعاول” – ثمّ تُملأ الدّلاء ويرفع الباطون للسّقف وسط الهتافات والغناء:
ولّع الباطون ولّع
وما زلتُ أذكر “صبّة” الطّابق الثّاني، وكيف احتشد الأهل والأقارب والجيران للتّعاون على الصّبّة، كانت الدّلاء المملوءة بالباطون تنقل من الجبلة للسّواعد المفتولة القويّة للشّباب، حيث وقفوا على السّقالات في بناء متصاعد، مَنْ في الأسفل يناولون الدّلاء لمن يعلونهم وهلمّ جرّا حتّى السّقف الثّاني!
أما نساء العائلة والجارات فكانت تُعدّ طبخة الصّبّة الشّهيّة، ومن حين لآخر تنطلق زغاريد الفرح!
ما زلت أذكر العم الغالي المرحوم “أبو حسين” كيف كان يقفز من السّقالات على الجبلة بجسمه الرّشيق كلاعب جمباز ماهر، يقفز معاونًا ومشجّعًا ومحمّسًا!
وتتمّ الصبّة بجهود الشّباب المتعاونين، ويبارك والدي الجميع ويدعوهم لوجبة الغداء الّتي أعدّتها والدتي بالتّعاون مع نساء العائلة والحارة!