رحلة العذاب إلى شبه جزيرة سيناء
تاريخ النشر: 24/11/11 | 7:22حالة تراجيدية تجسد المعاناة بأبشع صورها
التاريخ: يوم الاثنين 7 نوفمبر 2011 م الحادي عشر لشهر ذي الحجة للعام 1432 للهجرة ثاني أيام عيد الأضحى المبارك.
المكان: معبر طابا البري في الجانب الإسرائيلي ليتعداه إلى مسافة تصل إلى عدة مئات من الأمتار وعلى طول الشارع الذي يصل ما بين مدينة ايلات ومعبر طابا.
جمهور المشاركين: عشرات المئات بل أكثر من الألف على ما أعتقد من الغلابى من فلسطيني الداخل بينهم الشيوخ والنساء ومنهن الحوامل ومنهن المرضعات والشباب والفتيات والأولاد والبنات الصغار وحتى الأطفال الذين يمشون على الأرض أو في العربات التي تجرها الأمهات أو الآباء ومنهم من هم في أحضان أمهاتهم.
المشهد الأول: حوالي العاشرة والنصف قبل الظهر نصل ومجموعة من الأصدقاء بسياراتنا الخصوصية إلى مسافة تبعد حوالي نصف كيلو متر عن معبر طابا لنجد أمامنا طابورا من السيارات الواقفة ، ونقف مع الواقفين ، وعندما نستجلي جلية الأمر يقال لنا أن المعبر مغلق من الجانب المصري وهناك من يشكك في ذلك ويقول أنه مغلق من قبل الجانب الإسرائيلي.
المشهد الثاني: المئات من المواطنين العرب فلسطيني الداخل يجلسون على قارعة الطريق وقد افترشوا الثرى أو جلسوا على أحجار أو على جدار شاطىء الخليج الأسمنتي والممتد على طول الشارع ، وقسم كبير لا أعرف عدده بالضبط قرر التوجه نحو المعبر ليضمن له دورا متقدما عندما يحل الفرج.
أمام مرارة هذه المناظر المأساوية فقد من الله علينا بطقس خريفي معتدل خفف ولو بالنزر اليسير من معاناة الانتظار والجلوس على قارعة الطريق أو داخل السيارات، وحوالي الحادية عشرة ظهرا صرخ أحدهم ومن خلال مكبرات الصوت دون أن يتفوه بكل عام وأنتم بخير، وقال: المعبر سيبقى مغلقا إلى ما شاء الله، ولا نعرف متى سيفتح، أنصحكم الرجوع إلى المدينة، استريحوا هناك، والرجوع منوط ب حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا، ويستجيب البعض لهذا النداء خاصة ذوو العائلات التي أنعم الله عليها بأطفال صغار ورضع، وكانوا قلة مقابل الكم الهائل جدا من الذين فضلوا البقاء…
وتمر الدقائق وحتى السويعات وكأنها الأيام ونحن ننتظر ونترقب ويبدأ الإعياء الشديد ومعه التذمر والتألم والتحسر على هذا الوضع المزري والمخجل ويقول أحدهم وبحق: ماذا لو كان هذا الجمهور من المواطنين اليهود أو من السواح الأمريكيين، هل سيلاقوا نفس هذه المعاملة المذلة؟ لا اعتذار… لا مواساة حتى ولا “شربة ماء”!!! وأمام هذا المنظر المزري يتساءل أحدهم: أين أعضاء الكنيست العرب، أين لجنة متابعة قضايانا؟! وأعترف أن كلمات كهذه كانت محفزة لي الاتصال بالوزير السابق عضو الكنيست الحالي السيد غالب محمد مجادلة، هاتفته وأخبرته عن الوضع وعن المعاناة التي نعانيها جميعا وخاصة كبار السن والمرضى والأطفال، ووجدت لديه آذانا صاغية وقال لي: كفى وصفا لهذا العار ، سأحاول جاهدا وسأتصل بك إن شاء الله…. وبعد أقل من نصف ساعة رن جرس هاتفي النقال لأسمع من الطرف الآخر صوت السيد غالب ليقول لي: اتصلت بالسفارة المصرية ولم أجد هناك إلا وكيل السفارة ، تحدثت معه محتجا ومتذمرا ، فأجابني مبررا الإغلاق من الجانب المصري لخروج أكثر العاملين لقضاء عطلة العيد بين أفراد عائلاتهم…. ولماذا لم تغلقوا المعبر كليا وتعلنوا عن ذلك للملأ مسبقا لتوفروا على جمهورنا المعاناة ومشاق السفر، قالها السيد غالب لوكيل السفارة منهيا بهذا حديثه معه… ليكمل الحديث معي قائلا: خلال وقت قصير جدا إذا لم تحل الأزمة سأتوجه إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية والى غرفة حالات الطوارىء بالذات وسأكون على اتصال بك ، انتهت المهاتفة وسيل الوافدين إلى المعبر من المشاة ما زال متواصلا غير منقطع وخاصة أولئك الذين ألقت بهم الحافلات التي وفدوا بها من أعالي الجليل والمرج والمثلث قبل المعبر بمئات الأمتار ، اضطرهم هذا الإنزال الاضطراري إلى السير بأثقالهم وأطفالهم وعربات أطفالهم وأمتعتهم مندفعين نحو المعبر بانتظار الفرج لينضموا إلى الطابور الضخم من البشر الذي أخذ بالتضخم ساعة بعد ساعة بل دقيقة بعد دقيقة ليصل طوله إلى عشرات الأمتار محشو حشوا كثيفا يصعب التحرك أو التنقل من خلاله ، يسيطر عليه التذمر المصحوب بالألم الصامت وبفقدان الحيلة والأمل ناهيك عن الإحباط ، أقل ما يقال فيه أنه مرعب مثير للامتعاض ، مذل ، مهين ، تتجلى الاستهانة فيه في أبشع صورها ومظاهرها ، وهذه الاستهانة وهذا الاستهتار ترجمته الحرفية إلى عدم اكتراث أي مسؤول في جانبي المعبر ، فلا اعتذار ولا تبرير للتأخير وحتى لا “شربة ماء”.
وبعد الثالثة عصرا جاء الفرج بطيئا، يمشي بسرعة أقل من سرعة السلحفاة بكثير، ويبدأ العبور بطيئا جدا، الطابور البشري الضخم من جهة وطابور السيارات الخصوصية من جهة أخرى، ويستمر مشهد العبور حتى فجر اليوم التالي.
وأمام هذه المشاهد المؤلمة المثيرة للاشمئزاز والتقزز والمعاملة المذلة المهينة وكأننا أيتام على مآدب اللئام، أمام هذه المشاهد هنالك مشهد يثير الاحترام والإكبار، هو نقطة الضوء الوحيدة أمام هذه المشاهد السوداوية، مشهد الطابور البشري الضخم والذي امتاز وتفوق على الآخرين بجدارة حيث اتسم هذا الطابور بالتسامح، بالهدوء، بالانضباط، بالاحترام وعدم التعدي وبالإيثار… فطوبى له على هذا السلوك الإنساني الحضاري.
بقلم: الأستاذ حسني بيادسه – (باقة الغربية)
يعني على الاقل نحترم بعض
الحمد الله ع السلامه وهذا امر عادي في كل عيد نفس المنظر ونفس المشهد فالى متى ؟شكرا لك ابا اياد على طرحك للمشكله بصوره رائعه وانشاء الله تكون هناك اذان صاغيه لحل مثل هذه المشكله وغيرها ؟
أبارك لأخي وعديلي وصديقي الأستاذ حسني بيادسة على هذا الوصف الدقيق
الصادق المعبّر لما عانينا على المعبر من الجانبين الإسرائيليّ والمصريّ
(أنا وزوجتي وبعض الأصدقاء كنّا ضمن ضحايا هذا العبور!!).
وأضيف: إذا لم نتلق ضمانات – أنّ هذا المشهد لن يتكرّر، فلن ننوي مستقبلا
ارتياد منتجعات سيناء!
ومع ذلك هناك بعض التعزيّة بما لاقيناه من حفاوة في الفندق، وبما تمتّعنا
به من مناظر خلّابة في أرض الكنانة أنستنا الكثير من مرارة العبور!
السلام عليكم:في ذلك اليوم كنا انا وعائلتي في ذلك الطابور المليء بالناس في طريقنا الى طابا لقضاء عطلة العيد وصلنا النقطة الساعة الخامسة صباحا وبقينا هناك حتى الساعة السادسة مساء مع طفلين لم يفهما مذا يحدث ولمذا لا يتحرك الطابور….
وعندما دخلنا الاراضي النقطة المصرية وراينا انه هناك لم ياخذ معنا وقت وبنص ساعة كنا قد انتهينا عرفنا واستنتجنا السلطات الاسرائيلية رات هذا الكم الهائل من الناس المسافرين الى مصر وصرف نقودهم هناك حاولت ان تفقد الناس الصبر ليخرجو من الطابور ويذهبوا الى ايلات والبقاء في اسرائيل .وكل هذا الذي حصل مخطط لةمن قبل الاسرائيلين لانة”عز عليهم”رؤية الناس الذاهبين الى مصر وابقاء ايلات شبة فارغة
الرجاء نشر التعليق.
مع كل احترامي للي ساعدو في حل الازمه لاني انا كنت من بين العالقين في المعبر وشاهده على الموقف والمنظر المحزن هناك