غاندي من خلال كتابه غاندي
معمر حبار
تاريخ النشر: 12/07/24 | 16:07“مهاتما غاندي في سبيل الحق 1869- 1949″، ترجمة: إسماعيل عيد، كنوز المعرفة، سلطنة عمان، الطبعة الأولى، 2019، من 264 صفحة.
مادفع القارئ المتتبّع لشراء الكتاب، وقراءته:
رأيت الكتاب منذ سنوات عبر المعرض الدولي، واشتريته هذا الأسبوع بعدما تأكدت -وإلى غاية هذه الأسطر أنّ الكتاب لغاندي-.
مادفعني لشراء الكتاب، وقراءته -ولغاية هذه الأسطر-: مفهوم عدم العنف لدى غاندي وبقلمه. ونظرة مالك بن نبي لغاندي من ناحية إعجابه الشّديد -حسب قراءاتي- بعدم العنف-. ونظرة صديقنا، وأستاذنا محمّد شاويش Mohamed Chawich رحمة الله عليه، وأسكنه حول موقف مالك بن نبي من عدم العنف، ونظرتي حول الموضوع. وسبق أن تناقشنا في الموضوع.
العناوين الفرعية من وضع صاحب المقال.
الكتاب من الناحية الشكلية، والتّرجمة
الطبعة في غاية الجودة، والسّهولة، والجمال، والإتقان. وتغري على القراءة، والمتابعة.
ترجمة الأستاذ إسماعيل عيد في غاية الجمال، والإتقان، والبساطة، والسّهولة. وفضله على القارىء كبير، وعظيم. وله منّي بالغ الاحترام، والتّقدير، سائلا له السّداد، والتّوفيق.
لم أستطع يوما أن أحذق فنّ الغشّ:
جاء في فصل “الطفولة والنشأة” الممتد عبر صفحات: 19-22. وممّا جاء فيهه: ألقى مفتش التّعليم على مسامعنا خمس كلمات لنكتبها في امتحان السّنة الأولى من المدرسة الثّانوية. وحاول معلمي أن يلفت نظري بغمزة لكي أنقل الكلمة الصّحيحة من التّلميذ الذي بجانبي. ولم أستطع فهم إشارة أستاذي. “فقد كنت أظن دائما أنّ عمل المعلّم إنّما هو مراقبتنا حتّى يمنعنا من الغشّ”. والنّتيجة أنّ “جميع التّلاميذ، باستثنائي وحدي، استطاعوا أن يأتوا بالكلمات الصّحيحة -عبر الغشّ-، وفشلت لأنّي لم أغشّ. ولم “أستطع يوما أن أحذق فنّ الغشّ”.
زواج غاندي المبكر:
تزوّج غاندي في 13 من عمره. وخطب له أبوه وللمرّة الثّالثة وهو في السّابعة من عمره. 23
غاندي: شديد الوفاء لزوجه، ومطيع لوالديه، ولا يشرب الخمر، ولا ينقض العهد:
يرى أنّ شرب الخمر من الكبائر التي لاتغتفر، ولا تليق بالمرء، ويغضب الوالدين. 27
كان شديد الوفاء، والغيرة على زوجه، وطيلة حياته. ومن فرط حبّه لها لايسمح لها بالخروج من البيت إلاّ بإذنه. والمرأة عنده تعبّر عن التسامح. 25-33
يعترف علانية بأخطاء ارتكبها في صغره تجاه الوالدين، والزّوجة، ونفسه.
كان مخلصا، ووفيا لوالديه. 40
غاندي نباتي ولا يأكل اللّحم. ولم تسمح له أمّه بالذهاب إلى انجلترا للدراسة إلاّ بعد أن استدعت الكاهن وأقسم أمامه أن لايأكل اللّحم، ولا يشرب الخمر، وأن لايقرب النّساء”. وظلّ على عهده. لأنّ الوفاء سمته، وطاعة الوالدين ميزته، ونقض العهود لاتليق بالمرء. 47
يقول: إيماني عميق بسبب المربية التي علّمتني في الصّغر. 54
يرفض نزع القلادة في عنقه لأنّها هدية الأم. ويرى أنّ طاعة الأم واجبة، ودون سبب.
قال: “كنت زوجا قاسيا ولكن في شفقة وحنان.”. 138
غاندي: يحب المسلمين، وينتقد الهندوس، ويرفض بقوّة تبشير المسيحيين:
قال: تعلّمت من مجالسة أبي للمسلمين: “روح التّسامح نحو جميع الأديان. وأبغض المسيحية لأنّهم كانوا يستهزؤون بالهندوسي. والهندوسي الذي يتحوّل إلى المسيحية فهو مرتد”. 42
قرأ غاندي بالإنجيل. لكنّه لم يتأثّر به. وقرأ القرآن الكريم باللّغة الإنجليزية. 77
قال: “معرفتي بالشريعة الهندوسية، والإسلامية ضعيفة جدّا”.
حاول المسيحيون أن يدخلوه المسيحية عبر التبشير فرفض. ويذكر عيوب المسيحية، وطائفته الهندوسية. ولا يذكر أبدا ومطلقا عيوب المسلمين. بل ظلّ محترما للإسلام، وللمسلمين -ولغاية صفحة 124-. ص104
أقول: يبغض غاندي المسيحية لعيوبها، وتناقضاتها، ولا يكنّ لها احتراما.
يعترف غاندي أنّ المسلم دادا عبد الله خاطر بشركته لأجله. 126
وضع ساحة المسجد تحت تصرف غاندي، والهندوس وغيرهم. 195
غاندي: تعلّم في الغرب، وأنفق المال لأجل تعلّم لغاته، ولم يفتتن بالغرب:
كان لغاندي قدرة لتعلّم كلّ شيء ويدفع ثمنها كتعلّم اللّغات. 59
قال: لم يدم الافتتان بعادات الإنجليز الذي اعتراني (وأنا في انجلترا) غير ثلاثة أشهر. 60
عقيدة غاندي: البساطة، والتّقشف، والتشبّث بالعادات، وخدمة نفسه بنفسه:
قال: كانت عادة المشي لمسافات طويلة محبّبة لنفسي. 61
قال: لقد وفّرت لي البساطة في الحياة كثيرا من الوقت. 64
قال: كنت أرفض أن أركب العربة التي يجرّها رجل. ولم أكن في يوم من الأيّام أستعذب ركوب هذا النّوع من العربات. 127
تحدّث غاندي وبالتّفصيل عن الاعتداء، والضّرب، واللّكم الذي تعرّض له في جنوب إفريقيا ثمّ قال بالحرف: “فخطف عمامتي”. 35 أقول: العمامة بالنسبة لغاندي تعبّر عن تمسّكه الشّديد بالتّقاليد، والأصالة. وكأنّ ماحدث له من اعتداء جسدي مادي لايساوي شيئا مقابل “خطف العمامة”. 128
قُدّمت لغاندي وهو عائد من جنوب إفريقيا هدايا ثمينة جدّا ومنها الذهب، والفضّة، وعقد من الذهب لزوجه. فرفض أن يستلمه ووضعه وديعة لدى المصرف ليستفيد منه الهنود العاملين بجنوب إفريقيا، وبما فيهم الهنود المسلمين. وقال: “الرجل الذي يعمل في خدمة المجتمع لايجوز له أن يقبل الهدايا الثمينة”. 146-148
غاندي: يرفض أن يدرّس أبناءه في مدارس المسيحية التبشيرية:
قال: “لم أكن مستعد لإدخال أبنائي مدارس المبشرين”. 133
أقول: يرى غاندي أنّ التّربية الروحية التي تلقاها أبناؤه عنه أفضل بكثير من المدارس العلمية التبشيرية. ولذلك لم يندم لأنّه لم يدخل أبناءه المدارس التبشيرية، ولا أفضل المدارس العلمية في جنوب إفريقيا. 134
قال: “لاينبغي لصغار الأطفال أن يفترقوا عن آبائهم”. 133
يفتخر غاندي بكون أبناءه تلقوا التّربية الرّوحية على والديه، وتلقوا عنه دروسا عملية في الحرية، واحترام النّفس. وما كان لهم أن يتعلّموا ذلك لو دخلوا في مدارس نظامية لايستطيع غيرهم من أمثالهم أن يدخلوها. 135
غاندي: يرفض التّمييز الأوروبي، وتمييز طائفته، ولم يمارس التّمييز ضدّ المسلمين ولا غيرهم:
تعرّض غاندي وهو في جنوب إفريقيا إلى عنصرية رهيبة، وكذا العمال الهنود هناك. 81
ظلّ غاندي يدافع عن العمال الهنود في جنوب إفريقيا بقوّة، وشراسة. 115
يعذر غاندي الأوروبيين على عنصريتهم ضدّ الهنود. معلّلا ذلك بقوله: “إنّنا في الهند لانسمح لحلاقينا أن يقصوا شعر “إخواننا” المنبوذين”. 136
قال: “إنّني لم أعرف التّمييز ونفسي كانت تعجز عن التّمييز. “. ويقرّ أنّه لم يكن عنصريا تجاه المسلمين، وآخرين. 137
غاندي يقول: ابدأ بنفسك تغيّر ماحولك، ووجوب تقديم الواجبات على الحقوق:
قال غاندي للهنود الذين طالبوه بحقوقهم وهم في جنوب إفريقيا: نظّفوا بيوتكم قبل المطالبة بحقوقكم. وقال: “كنت أكره دائما أن أستتر على سوءات مواطني”. 143
قال: “المصلح هو الذي يتحمّس للإصلاح”. 144
أقول: غاندي وفي سبيل تقديم الواجب على الحقّ رضي بأداء أصغر الأعمال، ومنها تنظيف المراحيض وهو محامي كبير يومها. 150
العظيم عند غاندي: لايمارس التّمييز، ويقبل “المنبوذ”، والثّابت على موقفه، والمحارب للاستعباد:
أقول: يقف غاندي مع من يحرج الحكومة حقيقة. وليس من يتظاهر بالإضراب. 203
أقول: لايقبل غاندي في صفوفه من الهندوس من لايقبل “المنبوذبن”. 209
أقول: يقف معك غاندي في احتجاجك، واضرابك، ومطالبك شريطة أن تثبت على موقفك، ولا تتراجع، وتتوقع كلّ المصائب بما فيها الطرد، والسجن. 220
أقول: قاعدة غاندي: قاوم لتتحرّر من الظلم، والعبودية، وتنال حقّك. وفي الوقت نفسه ابقى على احترام دافع مع من تتظاهر ضدّه. 225
أقول: العظيم عند غاندي الذي لايمارس التمييز. 253
مالك بن نبي وغاندي:
استنكرت -وما زلت- على مالك بن نبي رحمة الله عليه تأثّره بفكرة غاندي والمسماة بـ”عدم العنف”. واعتبرت -وما زلت- أنّ الفكرة لاتناسب وضع الجزائر المحتلّة يومها. وما زلت أعتبرها من الأخطاء التي وقع فيها مالك بن نبي.
يلتقي مالك بن نبي مع غاندي في تقديم الواجبات على الحقوق، ودون أن يلتقيا، ولا أن يقرأ أحدهما للآخر. واتّضح ذلك بجلاء لمن قرأ للإثنين، وانتقد الإثنين.
حكم غاندي:
التّعلّق بالحقّ إحدى الصفات المتأصلة في نفسي. 25
الصداقة الحقيقية هي التي تقوم على تآلف بين روحي الصديقين. ولا يمكن أن تدوم إلاّ بين من كانا على شاكلة واحدة. 27
من الواجب تجنب كلّ صداقة مستأثرة دون مصادقة النّاس. 27
الإنسان يتأثّر بالرذيلة بأسرع ممّا يتأثّر بدواعي الفضيلة. 28
وفّرت لي البساطة في الحياة كثيرا من الوقت. 64
حاسة الذوق مردها العقل لا اللسان. 64
السكوت جزء من التّربية الرّوحية. 67
قال: من كان كلامه قليلا قلّما يندفع في كلامه دون تفكير. 67
من واجب الشباب الوثاب. 154
“عليكم أن تحاولوا استرضاء الأوروبيين إذا كنتم تريدون أن تعيشوا بين ظهرانيهم” 155
“كلّ عمل طيب لابدّ أن يؤتي ثمره في النهاية”. 157
خير الفرد في خير الجميع. 162
الحياة من غير تبتل لاطهر لها. 170
الموانع والنواهي إذا فرضت من الخارج نادرا ماتنجح. 171
كل تعليم تعوزه الثقافة الروحية هو تعليم لاجدوى منه. 176
لاتحمل أكثر ممّا تحتاج إليه. 194
عقيدتنا الأخلاق في الحق. 207
يتوقف خلاص الناس عليهم وحدهم وعلى قدرتهم على الاحتمال والتضحية. 228
لاأندم أبدا على صداقتي بالمسلمين. 230
جاء في فصل “الختام”: الطريق الوحيد للوصول إلى الحق هو طريق المحبة. 257
الله تعالى لن يتجلى لمن كان قلبه أعمى. وطريق الطهر طريق شاق شديد الانحدار. 258
حقيقة غاندي التي توصّل إليها القارئ المتتبّع:
أقول: ذكر غاندي سبب بغضه للمسيحيين. لكنّه لم يذكر أنّه يبغضهم لأنّهم احتلوا أرضه، ومجتمعه.
يرى أنّ الزّيادة في الأكل لايتّفق مع المسلك اللاّئق. 53
أقول: ممّا فهمته من الكتاب ولم يذكره غاندي أنّ الضعف الجسدي لدى غاندي يعود لأنّه نباتي، ولا يأكل اللّحم.
أقول: ممّا فهمته من الكتاب أنّ غاندي عفيف النفس. لايقرب النّساء، ولا الخمر وهو في انجلترا، ولا يخون زوجه. 72
أقول: عقيدة غاندي: البساطة، وقلّة الإنفاق. 121`
أقول: يعترف غاندي بالأخلاق العالية لصديقه المسلم الذي رافقه، وساعده في جنوب إفريقيا. 124
أقول: ممّا فهمته من الكتاب أن غاندي لايطيق المسيحية، والبعثات المسيحية لما لمسه، ورآه رأي العين من تناقض، واحتيال، وخبث، ومكر، واستغلال. وذكر أمثلة عن ذلك. وظلّ تعامله معهم محدودا في الجانب الإنساني الضّيق جدّا.
أقول: يرى غاندي أنّه ابن “الإمبراطورية البريطانية”. ولذلك تطوّع، وبمحض إرادته في المشاركة في الحروب التي خاضتها بريطانيا، وبافتخار شديد. والمسلم يومها -وغيره- شارك في هذه الحروب. لأنّنا “إخوة من أم واحدة”. 140
دخل غاندي الحياة وهو شاب. واكتسب تجربة مبكرا. وخاض صراعات، ودخل السّجون، وأهين، وطرد، وتعرّض للشتائم لأجل الفقراء، والمساكين من أبناء وطنه، وبما فيهم المسلمين، ودون تمييز.
أعلنها طوال صفحات الكتاب أنّه هندوسي. لكن لايعرف عن الهندوسية إلاّ القليل. ولم يكن المتحمسّ لمعرفتها، ولم يندم على عدم معرفتها.
يدافع عن حقوق المستضعفين ولو كان المسيحي الذي احتلّه، والمسلم الذي يختلف معه، و”المنبوذ” من طرف طائفته.
شارك في ثلاثة حروب إلى جنب إنجلترا، وهي: حروب البوير، وحرب الزولو، والحرب العالمية الأولى. وشارك بحماس، وقوّة، وطواعية، وبطلب منه، وحثّ الهنود وبما فيهم المسلمين للانضمام إلى انجلترا في حروبها. كيف يقال -بعد هذا- أنّه يدعو إلى عدم العنف.
لم يعارض غاندي يوما الاحتلال الإنجليزي للهند. واعتبر أنّ الهند استفادت من الاحتلال.
قرأت الكتاب قراءة القارئ المتتبّع ولم أقف على أن غاندي يدعو إلى عدم العنف رغم أنّه يزعم ذلك، ويدّعيه عبر صفحات الكتاب.
يحترم غاندي المسلمين، ويدافع بشراسة عن حقوقهم المهضومة شأنهم في ذلك شأن أي مواطن هندي، وبغضّ النّظر عن دينه.
طلبت إنجلترا من غاندي أن يتوقف عن الدفاع عن المسلمين، وتوثيق الصّلة والصداقة بين الهندوس والمسلمين. واستجاب غاندي في أواخر أيّامه لطلبها.
أقول للجزائريين، والعرب، والمسلمين: غاندي ليس مسلم، وليس أمّك. فلا تنتظر منه الكثير، واسرع في رفع الفطام عن نفسك، والغشاوة عن عينيك.
لم يكن غاندي سببا في خروج إنجلترا من العند سنة 1947. لأنّه لم يطالب يوما بطردها.
قارئ الكتاب وكاتب المقال معلم حبار “ظلم” غاندي
في أحكامه وإجماله كقوله:
– إنّ غاندي دعم حروب إنجلترا!
– إنّ غاندي لم يطالب برحيل الإنجليز واستقلال الهند.
– إنّ غاندي لم يكن من مؤيّدي عدم اللجوء للعنف!