مركز “شمس”: الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بشأن الآثار القانونية لسياسات إسرائيل

تاريخ النشر: 20/07/24 | 10:55

مركز “شمس”: الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية
بشأن الآثار القانونية لسياسات إسرائيل وممارساتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة : يشكل انتصاراً لحق الشعوب في تقرير مصيرها

رام الله : أكد مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية “شمس” على أن الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية اليوم 19/7/2024م بشأن الآثار القانونية لسياسات إسرائيل وممارساتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة وخاصة الاستيطان، يشكل انتصاراً لقيم الحرية والعدالة ولحق الشعوب في تقرير مصيرها، إذ جاء هذا الرأي الاستشاري استناداً إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (247/ 77) الذي اتخذته في 30/12/ 2022م بشأن (الممارسات الإسرائيلية التي تمس حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية)، واستناداً إلى المادة رقم (96) من ميثاق الأمم المتحدة، فإن للجمعية العامة ومجلس الأمن الدولي وأي وكالات تخصصية أخرى تابعة للأمم المتحدة أن تطلب من محكمة العدل الدولية أية فتوى أو استشارة قانونية في أي قضية أو مسالة خلافية، حيث تم اعتماد هذا القرار بأغلبية (87) دولة، ومعارضة (26) دولة وامتنعت عن التصويت (53) دولة، وطلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية استناداً إلى المادة (65) من النظام الأساسي للمحكمة إصدار رأياً استشارياً بشأن الآثار الناتجة عن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وتغيير الواقع الديموغرافي في القدس والآثار القانونية للاحتلال، وخلال المداولات والمرافعات التي تمت في محكمة العدل الدولية تقدمت (52) دولة وثلاث منظمات مرافعات شفهية، والمنظمات هي(الاتحاد الإفريقي، ومنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية)، ودول أخرى منها عربية وإسلامية وأوربية وأمريكية (الجزائر، السعودية، مصر، دولة الإمارات العربية المتحدة، العراق، الأردن، الكويت، لبنان، ليبيا، عُمان، قطر، السودان، سوريا وتونس، فرنسا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة الأمريكية)، إذ أكدت كافة المرافعات أمام المحكمة على حل الدولتين وأن الاستيطان يشكل عقبة رئيسية أمام انطلاق أي مسار سياسي مستقبلي.
وقال مركز “شمس” أن إصدار هذا القرار من محكمة العدل الدولية بتاريخ 19/7/2024م وتأكيده على عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ومطالبته لإسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال أن تنهي احتلالها للأراضي الفلسطينية المحتلة هو انتصار لحقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال وحق تقرير المصير ، إذ طالب القرار إسرائيل بالوقف الفوري لأي نشاط استيطاني في الأراضي التي احتلتها عام 1967، وإخراج المستوطنين من هذه الأراضي، وأكد على أن توسيع تطبيق القانون الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس هو إجراء غير مبرر وفرض السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية والقدس كقوة احتلال فيه انتهاك لما ورد في المادتين (53، 64) من اتفاقية جنيف الرابعة المؤرخة في 12/8/1949م واعتبر القرار أن ترحيل سكان الأراضي المحتلة من أرضهم هو مخالفة لالتزامات إسرائيل أمام المجتمع الدولي وشدد على ضرورة قيام إسرائيل بتعويض الخسائر المادية والمعنوية للمواطنين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، وأن على دول العالم عدم الاعتراف بالوجود غير الشرعي للمستوطنات الإسرائيلية، وعدم الاعتراف أيضا بالوضع القائم والوجود غير الشرعي لإسرائيل في الأراضي المحتلة، وطالب القرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بضرورة وضع حد للوجود غير الشرعي لإسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأكد مركز “شمس” على أن أهمية هذا القرار على الرغم من أنه رأياً استشارياً غير ملزماً، إلا أنه قد يشكل مرجعية قانونية مستقبلية للاستئناس والاسترشاد ويحمل قوة معنوية قانونية مهمة وقد يصبح مستقبلاً جزءاً من القانون الدولي العرفي والسوابق القضائية في القانون الدولي التي يتم الاسترشاد والاستئناس بها قضائيا، وقد يتحول إلى مرجعية قانونية ملزمة، وإن لهذا الرأي الاستشاري أهمية في تطوير القانون الدولي وتفسير مبادئ وأحكام الاتفاقيات الدولية ويكشف عن أعراف دولية، ويتضمن مبادئ قانونية واجتهادات تفسيرية هامة، ويشكل التزام معنوي وقيمي وأخلاقي في المستقبل، ويمثل انتصاراً معنوياً للعدالة الدولية وللمنظومة القانونية لحقوق الإنسان في إدانته للاحتلال وإجراءاته التعسفية وجرائمه بحق الشعب الفلسطيني، ويبرهن من جديد بأن المشكلة لم تكن يوماً من الأيام في المنظومة القانونية والنصوص الناظمة والمؤسسات الدولية، بل هي في سياسة القوة والهيمنة التي تفرضها الدول العظمى، وتسخر القانون الدولي كأداة وظيفية لخدمة مصالحها ومصالح حلفائها، كما أن هذا القرار سوف يشجع بعض الدول التي ما زالت مترددة في الاعتراف بدولة فلسطين بالاعتراف بها، كون أن هناك رأياً استشارياً من أعلى هيئة قضائيا دولية في الأمم المتحدة يؤكد على عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة، ووجوب إنهاء هذا الاحتلال ودعم حق السيادة والاستقلال وتقرير المصير للشعب الفلسطيني على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م.

وشدد مركز “شمس” على أن هذا الرأي الاستشاري يعتبر أداة ضاغطة على المجتمع من أجل الاعتراف بالحقوق الثابتة والمشروعة للشعب الفلسطيني، ويعمل على تشكيل رأي عام دولي ضاغط على الاحتلال وعلى الدول المؤثرة والوازنة في المنظومة الدولية وخاصة الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، من أجل تنفيذ قرارات الشرعية الدولية الخاصة بفلسطين، وأهمها القرار رقم (181) لسنة 1947م وعلى الرغم من أن الجمعية العامة ليس من اختصاصها ولا اختصاص الأمم المتحدة استناداً إلى ميثاقها إنشاء الدول وأن قرار التقسيم لم يكن شرعياً، ومع ذلك أوجب هذا القرار بأن دولة الاحتلال لن يكون معترف بها إلا إذا كان هناك دولة عربية ومقابل ذلك أن تعترف إسرائيل بدولة عربية، إضافة إلى (194) لسنة 1948م الخاص بحق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجروا منها، والقرارات الخاصة بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وخاصة القرار رقم (3236) لسنة 1974 والذي يؤكد على (حقوق الشعب الفلسطيني في فلسطين، غير القابلة للتصرف، وخصوصاً: الحق في تقرير مصيره دون تدخل خارجي، والحق في الاستقلال والسيادة الوطنيين ويؤكد من جديد أيضاً حق الفلسطينيين، غير القابل للتصرف، في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي شردوا منها واقتلعوا منها، ويطالب بإعادتهم ويشدد على أن الاحترام الكلي لحقوق الشعب الفلسطيني هذه، غير القابلة للتصرف، وإحقاق هذه الحقوق، أمران لا غنى عنهما لحل قضية فلسطين ويعترف بأن الشعب الفلسطيني طرف رئيسي في إقامة سلم عادل ودائم في الشرق الأوسط ويعترف كذلك بحق الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه بكل الوسائل وفقاً لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئها، ويناشد جميع الدول والمنظمات الدولية أن تستمر بدعمها الشعب الفلسطيني في كفاحه لاسترداد حقوقه، وفقاً للميثاق ويطلب إلى الأمين العام أن يقيم اتصالات مع منظمة التحرير الفلسطينية في كل الشؤون المتعلقة بقضية فلسطين)، وقرار الجمعية العامة رقم (2535) لسنة 1969م والذي يؤكد على حقوق الشعب الفلسطيني الغير قابلة للتصرف ويلفت نظر مجلس الأمن إلى الحالة الخطيرة الناشئة عن سياسة إسرائيل وممارساتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقرار الجمعية العامة رقم (3237) لسنة 1974م والذي منح منظمة التحرير الفلسطينية صفة مراقب في الأمم المتحدة ويدعوها إلى الاشتراك في دورات الجمعية العامة وفي أعمالها بصفة مراقب والاشتراك في كل المؤتمرات الدولية التي تعقد برعاية الجمعية العامة بصفة مراقب، والقرار رقم (2649) لسنة 1970 في إدانة إنكار حق تقرير المصير خاصة لشعوب جنوب أفريقيا وفلسطين، وبهذا الرأي الاستشاري فإن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة وتطبيق قرارات الأمم المتحدة الخاصة بإنهاء الاحتلال والسيادة والاستقلال وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني قد أصبح ملحاً أكثر من أي وقت مضى في ظل حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني، وفي ظل الاعتراف المتواصل من الكثير من دول العالم بدولة فلسطين كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة، وأن حق تقرير المصير لكافة الشعوب هو حق أصيل لها وهو معترف به في العهد الدوالي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية وهو حق جماعي لكل الشعوب والأفراد، ومن حق الشعب الفلسطيني أن يقرر مصيره كغيره من شعوب الأرض وفق ما أقرته المواثيق والأعراف الدولية.
كما وحيّا مركز “شمس” كافة الدول الصديقة والشقيقة المؤيدة لحق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال وحق تقرير المصير والتي قدمت مرافعات أمام محكمة العدل الدولية داعمة للرواية وللحق الفلسطيني، والدول الأوروبية (إيرلندا وإسبانيا والنرويج وسلوفينيا) التي أعلنت مؤخراً عن اعترافها بدولة فلسطين ، إضافة إلى المواقف السياسية لعدد من الدول الأوروبية الرافضة للاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة والتي قامت بفرض عقوبات على عدد من المستوطنين المقيمين في الضفة الغربية ومنع دخول منتجات المستوطنات الإسرائيلية إلى أسواقها، إضافة إلى عدم التعامل مع المؤسسات الأكاديمية والجامعات المقامة في المستوطنات أو التي يوجد لها فروع في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
وأكد مركز “شمس” على أن الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وأهمها الاستيطان تشكل جريمة فصل عنصري وجريمة حرب وتمرد على إرادة المجتمع الدولي، إذ أن استمرار بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفق سياسات معدة ومقرة مسبقاً من قبل حكومة الاحتلال، يشكل تحدي واضح لإرادة المجتمع الدولي القائمة على أساس حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بناء على مسار سياسي يفضي إلى حل الدولتين، ويثبت للمجتمع الدولي أن “إسرائيل” السلطة القائمة بالاحتلال ما زالت تتنكر للحقوق الثابتة والمشروعة والغير قابلة للتصرف للشعب الفلسطيني وأهمها حق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية على كامل ترابه الوطني، وأن الاستيطان يشكل جريمة حرب مستمرة في القانون الدولي وانتهاكاً جسيماً لاتفاقية جنيف الرابعة المؤرخة في 12/8/1949م لاسيما للمادة رقم (49) من الاتفاقية والتي تنص على (يحظر النقل الجبري أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي دولة أخرى أياً كانت دواعيه وأسبابه، ولا يجوز لدولة الاحتلال أن تنقل جزءاً من سكانها المدنيين وتقوم بتوطينهم في الأراضي المحتلة)، وانتهاك للقاعدة رقم (130) من قواعد الدراسة الخاصة للصليب الأحمر الدولي للقانون الدولي الإنساني العرفي والتي تنص على (لا تقوم الدول بترحيل أو نقل جزء من سكانها المدنيين إلى أراض تحتلها)، وانتهاك للقانون الدولي لحقوق الإنسان لاسيما لاتفاقية روما لعام 1998م والتي تشكل النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، إذ نصت المادة رقم (8) من الاتفاقية على أن (قيام دولة الاحتلال بإلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات والاستيلاء عليها، ونقل جزء من سكانها المدنيين بشكل مباشر أو غير مباشر إلى أراضي تحتلها، أو إبعاد أو نقل سكان الأرض المحتلة داخل الأرض أو خارجها يعتبر جريمة حرب).
وشدد مركز “شمس” على أن أهمية إصدار هذا الرأي الاستشاري بإدانة وعدم شرعية ممارسات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة تكمن في جعل الأعمال العدائية التي يقوم بها الاحتلال بشكل يومي بحق الشعب الفلسطيني محط إدانة من المجتمع الدولي استناداً إلى الرأي الاستشاري هذا، وتدخل تلك الأعمال ضمن نطاق الجرائم المستمرة والتي لا تسقط بالتقادم، بمعنى أن محاسبة الاحتلال مستقبلاً عن تلك الجرائم هو سيناريو وارد، إضافة إلى ذلك قد يشكل هذا الرأي الاستشاري رادعاً قوياً للاحتلال بمنعه من القيام بأية خطوات أحادية الجانب في الأراضي الفلسطينية المحتلة وخاصة ضم الأراضي والتوسع الاستيطاني والتهجير القسري للسكان، إضافة إلى ذلك أن مسار العدالة الدولية يمكن توظيفه واستخدامه لملاحقة قادة الاحتلال ومحاسبتهم على جرائمهم أمام المحاكم الدولية وسواء أمام المحكمة الجنائية الدولية أو أمام القضاء الوطني للدول التي تسمح أنظمتها القضائية بمحاكمة مجرمي الحرب بصرف النظر عن جنسياتهم، وإن القضاء الدولي ورغم هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وضغوطاتها المستمرة عليه، إلا أنه في نهاية المطاف يسير بخطى ثابتة ومهمة نحو تحقيق العدالة الناجزة مهما تأخر ومهما واجه من معيقات وضغوطات، ويمكن استخدام القانون الدولي كوسيلة رافعة وقوية لتحقيق حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال وحق تقرير المصير، ويمكن توظيف التحالف والعمل الجاد مع الدول الصديقة والشقيقة المؤيدة للشعب الفلسطيني لتشكيل رافعة هامة أمام المجتمع الدولي للضغط على الاحتلال لوقف جرائمه وعدوانه على الشعب الفلسطيني ومقدراته الوطنية.
وطالب مركز “شمس” مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة والأطراف السامية الموقعة على اتفاقيات جنيف والدول الأعضاء في اتفاقية روما بالعمل الجاد على تطبيق قرارات الشرعية الدولية الخاصة بفلسطين، ومحاسبة كل من يتمرد على إرادة المجتمع الدولي ولا يلتزم بما يصدر عن الأمم المتحدة ومؤسساتها من قرارات وتوصيات وخاصة تلك المتعلقة بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة