الحلقة الأولى عن الاستدمار، والقابلية للاستدمار، والحضارة، والإسلام

معمر حبار

تاريخ النشر: 23/07/24 | 8:36

مالك بن نبي من خلال مجالس دمشق

مالك بن نيبي “مجالس دمشق- محاضرات ألقيت في عامي 1971-1972، حول دور المسلم ورسالته في الثلث الأخير من القرن العشرين”، دار الفكر، دمشق، سورية، الطبعة الثّانية، 1427 هـ -2006، من 192 صفحة.

مقدمة القارئ المتتبّع:

العناوين الفرعية من وضع صاحب المقال.

لم ألتزم بتقسيم الكتاب لأنّي أرى أنّ المحاضرة الأولى تصل لغاية 66 باعتبارها انتهت بأسئلة الحضور، وإجابة مالك بن نبي.

امتدت المحاضرة الأولى عبر صفحات: 48-66.

ألقيت المحاضرات بتاريخ 1972 أي سنة واحدة قبل وفاة مالك بن نبي. ومن هنا كانت أهميتها باعتبارها تعبّر عن آخر ماذكره، وأعاده، وأكّد عليه. وتعبّر بحقّ عن حقيقته.

امتاز مالك بن نبي في كونه لايعتمد على المقدمات، ولا يطيل فيها. وهذا راجع لتكوينه الهندسي. وينتقد بقوّة الذين يطيلون في المقدمات وقد ذكر اسم الشخص المعني في كتابه Les Carnets [1].

يعود بذاكرته إلى أربعين سنة، ونصف قرن إلى الوراء. أي -وحسب تقديري- سنوات 1922، و1932.

ذكر مالك بن نبي أنّ الحركات الإسلامية التي ظهرت منذ قرن ارتكبت أخطاء. ولم يذكرها بالاسم.

تحدّث مالك بن نبي عن مصطلح “المجتمعات التّاريخية” سابقا. لكن يبدو أنّ تغيّرا طرأ على ترتيب هذه المجتمعات، فظهرت مجتمعات، واختفت مجتمعات. ولذلك تعمّدنا عدم ذكر الدول لأنّها في تغيّر مستمرّ.

يقول مالك بن نبي عن الصهاينة: “لاأقول حقيرة كما قال أحمد سعيد، بل دويلة صغيرة”. 63

يستشهد مالك بن نبي بكتابه “الفكرة الإفريقية الأسيوية الذي ألّفه سنة 1956، حين قال: “وكان جوابي على هذا الصدى قبل ستة عشر عاما في كتابي (الأفروسيوية) [2]”. 64

استعملت مصطلح “الاستدمار” للتّعبير عن المصطلح الذي استعمله مالك بن نبي حينها.

استعملنا مصطلح “الصهاينة” الذي لم يستعمله مالك بن نبي.

ثانيا: متن الكتاب:

الاجتهاد المطلوب لإنقاذ المجتمع الإسلامي:

قال عن الاجتهاد: من عطّل الاجتهاد كمن عطّل غرائز الحيوانات. فمن يتكفّل بشروط الحياة إذا تعطّل الاجتهاد. والاجتهاد هو لكشف الجوانب المرضية قصد دقّة العلاج. 52

القابلية للاستدمار:

يؤّكد في أواخر حياته عن الفكرة الجوهرية لفكره والتي ظلّ يدافع عنها طوال حياته، وهي: “المرض الحقيقي ليس الاستدمار إنّما القابلية للاستدمار. وأنّ الذين غلبهم الله على الأعداء. إنّما رزقهم غلبة على أنفسهم”. 52-53

اعتبر أنّ الاستدمار “مجرّد بذرة صغيرة حقيرة ماكان لها أن تنبت وتؤتي أكلها لو لم تهيّأ لها التربة الخصبة في عقولنا ونفوسنا”. 54

أنانية الفرد، وقوّة المجتمع:

قال: “ونحن نحكّم أنانيتنا في القضايا، يجب أن نعرف أنّ مصير الإنسان ليس في يده. لأنّ المجتمع لايسمح لك أن تحقّق أنانيتك”. 55-56

سفينة المسلمين:

المجتمع الإسلامي غير الإسلام. وسفينتنا مهدّدة بالغرق. لذا يجب علينا أن نعلن حالة الطوارئ لإنقاذ السفينة وأهلها. وإنقاذها يعني شيئا محدّدا، يعني تحديد مرفأ أو ميناء نقودها إليه من موقع الخطر تسترجع فيه بعض مرافقها التي ضاعت أثناء الكارثة.59-60

ويرى أنّ الاستقلال الاجتهادي المبني على الأنا مهلك للسفينة، وأهلها. 60

ميناء سفينة المسلمين:

يعتمد الميناء قصد حماية سفينة المسلمين على: الدين أي العقيدة، والحضارة. وعليه أن ينقذ نفسه بدينه. وبالتّالي يمكنه حينها أن ينقذ الآخرين. 61

الوطن بمفرده لايحلّ المشاكل:

قال: “أخطأنا لأنّنا تصوّرنا أنّ كلّ وطن يستطيع حلّ مشكلاته”. 62

الحضارة الأوروبية ليست تجميع لدول. إنّما هي حضارة مسيحية فالحضارة شروطها المجتمع الغربي. 63

أسباب انهزام المسلمين أمام الصهاينة:

قال: نرى أنّ المجتمع الإسلامي وهو أمام الصهاينة مرّتين. لأنّه تفرّق، لأنّه تمزّق، لأنّ كلّ دولة اعتبرت نفسها ميناء مستقلاّ. وهذا هو الخطأ. 63

الأمل في المجتمع الإسلامي لينقذ الإنسانية:

قال: “نستطيع أن نعيد بناء الحضارة الإسلامية، وليس هذا كي ننقذ سفينة المجتمع الإسلامي فحسب، بل كي ننقذ سفينة المجتمع الإنساني بأكمله”. 65

مالك بن نبي وسيد قطب: يقدّره، ويحترمه، ويرى أنّه أخطأ في اجتهاده

يصف مالك بن نبي سيد قطب بقوله: “بعد قراءة كتاب لأحد إخواننا الشهداء، وهو سيد قطب رحمه الله”. 64

“وهذا لايضر أن يكون أحد إخواننا اجتهد فأخطأ، لأنّه يكون قد اجتهد عن حسن نية، وله أجر، خصوصا هذا الشهيد الذي نشير إليه”. 64

مالك بن نبي ومصر:

تأسّف مالك بن نبي بقوّة عن تراجع مصر حين قال: “ونلاحظ أنّ القاهرة لاتشعر بقيمتها كمركز إشعاع إسلامي”. 59

أضيف: هذه الحسرة كانت سنة 1972. كيف ونحن في سنة 1445هـ – 2024. وحفظ الله مصر الأزهر، وأعادها لما هو أفضل ممّا كانت عليه.

الإثنين 16 محرم 1446هـ، الموافق لـ 22 جويلية 2024

الشرفة – الشلف – الجزائر

[1] Malek BENNABI ” Mémoires d’un témoin du siècle L’enfant, l’étudiant, L’écrivain Les carnets” ,Samar, Alger, Algérie,2006. 660 pages.

[2] مالك بن نبي: “فكرة الإفريقية الآسيوية في ضوء مؤتمر باندونج”، ترجمة: عبد الصّبور شاهين، دار الفكر، دمشق، سورية، طبعة 1981، المقدمة بتاريخ: 18 ديسمبر 1957، من 269 صفحة.

الشلف – الجزائر

معمر حبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة