فصل التّين و شمّ ولا تذوق
زهير دعيم
تاريخ النشر: 23/07/24 | 10:20الشهر تمّوز … وكما كانت تقول المرحومة جدتي : ” بتمّوز بتغلّي المي بالكوز ” وفعلًا غلت في جرّة الماء وبكيزان الصّبار ؛هذا الصّبّار الذي هو كما التين والعنب عطايا الهيّة لجليلنا وشرقنا الجميل .
ولكن للأسف أضحت هذه الفواكه ضنينة على الشّعب البسيط – ولعلّ 90 بالمائة من مجتمعنا العربيّ في البلاد هو من هذا الشّعب البسيط – .
حقًّا أضحت ضنينة وبعيدة المنال كيف لا وكيلو واحد من الصّبار والتين والعنب قد تصل الى خمسين شاقلًا ؟
لا أقول سِرًّا … فماذا يفعل عامل يتقاضى راتبًا 7000- 8000 شاقل ويعمل بمفرده ويعيل عائلة مكونة من 4-5 أفراد ؟
وهل بمقدوره أن يُمتّع نفسه واسرته بالتين والعنب والصّبار ؟
لقد أضحت هذه الفواكه البلديّة مقتصرة على الأغنياء فقط .
وهنا أتذكّر قصّةً لشّابّ فقير الحال خرج وزوجته في ليلة ليتمشيا في شوارع مدينتهم ، ومرّا أمام دكّان لبيع الشّوارما ، ولم يكن بمقدورهما أن يشتريا فوقف قائلًا لزوجته :
” شمّي ” فالشّمّ مجانًا .
وتركا المكان ليقول لزوجته بعد ان قطعا مسافة ما :
ما رأيك أن نعود الى دُكّان الشّوارما ؟
فابتسمت والحلم يراودها :
أتريد أن تشتري لي رغيفًا ؟
فقال والغصّة تخنقه :
لا يا غالية ، أريد أن أشمّ وإياك رائحة الشّوارما ثانية ؟
نعم لم نصل بعد الى هذا الحدّ .
والمؤلم فعلًا أنّ هذا الغلاء لم يصب الفواكه فقط ، بل تعدّاها الى الخضراوات واللحوم وكل البضائع بل وكل جوانب حياتنا .
هذا والحكومة غافية .. نائمة .. وكأنّ شيئًا لم يكن ، في حين أن الرّاتب ” مكانك عُد ”
أمِنَ المعقول أن تغلب وتتفوّق اسعارنا على الأسعار في أوروبا وتغلبها بكثير ؟
أمِنَ المعقول أن ننافس سويسرا في غلاء المعيشة ومتوسط دخل الفرد عندنا لا يصل الى ربع دخل السويسريّ ؟
والسؤال الذي يطرح نفسه هو :
الى أين سنصل ؟ وهل هناك هيئة وزارية تراقب وتحاسب وتنتفض دفاعًا عن الطبقة المتوسطة والفقيرة ؟
حتى الآن نسمع سمعًا ولا نرى طحنًا .
بتُّ أفكّر بجدّية أن أقضي الصيف في قبرص من باب التوفير والأمان فلم يعد عندنا شيء رخيص الّا الأرواح .
أتراني أتشاءم ؟!!!