حفل إشهار كتاب “أسرى يكتبون” في الأردن
حسن عبادي/عمان
تاريخ النشر: 25/07/24 | 7:05اسمحوا لي بدايةً أن أحيّيكم باسمي وباسم الحركة الأسيرة خلف قضبان باستيلات الاحتلال الصهيونازية.بدأت مشواري التواصليّ مع أسرى أحرار يكتبون رغم عتمة الزنازين في شهر حزيران 2019؛ ودوّنت على صفحتي في الفيسبوك انطباعاتي الأوليّة؛ تعاصفنا وتثاقفنا، وجدت لقائي بهم، بأفكارهم وبكتاباتهم متنفّسًا عبر القضبان.
خلال لقاءاتي بهم، وبالتحديد حين لقائي بالأسير وليد دقّة وحديثنا عن ندوة في حيفا حول كتابه، أدارها مجد كيّال، فاستغرب الأمر وقال إنّه لم يسمع به ولم يقرأ له، وتبيّن لي أنّهم يجهلون كتابات أدبائنا ما بعد أسرهم، وهناك فجوة عميقة بسبب هذا الانقطاع، فتولّدت فكرة “لكلّ أسير كتاب” وبدأت إيصال الكتب إلى سجون الاحتلال، ودوّنت الأمر على صفحتي صباح كل يوم خميس، ومن خلالها اخترقت آلاف النسخ من الكتب إلى أسرانا، قرؤها وكتبوا عنها، ومنها كتب صفاء أبو خضرة، تفاحة بطارسة، زياد جيوسي، صالح حمدوني، أحمد أبو سليم وغيرهم من أعضاء لرابطة الكتّاب الأردنيين.
بعد إحدى التغريدات تواصل معي الصديق أحمد أبو سليم والصديقة صفاء أبو خضرة وأعربوا عن رغبتهم قراءة ما يكتبه الأسرى، وهكذا تولّدت فكرة “من كلّ أسير كتاب” ومن خلالها بدأت بإرسال كتب أسرانا إلكترونيًا إلى كلّ من يرغب ويطلب من العالم العربي.
ومنها، انطلقت فكرة “أسرى يكتبون” عبر رابطة الكتّاب الأردنيين، بمبادرة الأصدقاء رشاد أبو شاور وأحمد أبو سليم وصلاح أبو لاوي وعبد السلام صالح، وأدارت اللقاء الأول سماهر.
من خلالكم تحقّق حُلمَ أسرانا في الانطلاق الروحي المحلّق؛ أصبح حُلمهم بالتواصل يتحقّق؛ فهم مبدعون مهمّشون ومنسيّون، ولكن من يصغي لكلماتهم، ولما يقولون ويكتبون ينصفهم، وفقط مبدعون أمثالكم يقدّرون الكلمة وفعلها وبإمكانهم أن ينصفوهم، يقدّرون الكلمة وفعلها وبإمكانكم صناعة التغيير لتصبح كلمتهم الحرّة على المِحَك، دون محاباة ومراءاة.
أسرانا يكتبون رغم عتمة الزنازين، فالكتابة متنفّس لهم، واختراق كلمتهم للزنازين وأسوار السجون حريّة لهم، ولكن كتاباتهم تعبر درب الآلام لتصل النور، فهناك خطر المصادرة التي يهدّدها السجّان، صعوبة تهريبها عبر القضبان ليبتكروا طرقًا جهنميّة لتصل من يطبعها، وبعدها تبدأ مرحلة التنقيح والتنضيد والتحرير ومنها إلى إيجاد ناشر يتبنّاها وتبدأ رحلة الوعود والتسويفات والمماطلة، لتصل أحيانًا إلى الابتزاز العاطفي والمالي، وبالمناسبة أشيد بدور الأصدقاء نقولا عقل (دار الرعاة) ومحمد الحواري (دار جسور) على وقفتهم مع أدب الحريّة والأحرار.
حبّذا لو تزيد مثل هذه المنصّات لأنّهم يستحقّون، وكانت هذه المبادرة المنصّة الرئيسية لهم في العالم العربي.
تعتبر الكتابة متنفّسًا لهم ولفكرهم، والتواصل الثقافي ضروري كأنه كأضعف الإيمان.
كم كانوا سعداء بفكرة “أسرى يكتبون”، ويعتبرونها عيد حريّتهم ونصراً كبيراً على السجّان، لأنها لم تكن نزوة أو فزعة عرب أو شعاراتيّة، فكل ندوة كانت عرساً احتفلوا به وبعريسه؛
كم كانوا سعداء بحفل إطلاق وإشهار كتاب “الكتابة على ضوء شمعة” بمشاركة 36 أسيراً، هنا في عمان، وتكريم كلّ منهم بدرع من الرابطة، تم تسليمه لعائلته في إحدى حفلات الإطلاق في فلسطين؛
كم سَعَد كميل حين كان يتواصل مع صفاء أبو خضرة، وهيثم مع الراحل محمد مشة، وأسامة مع صلاح أبو لاوي؛ وكنّا شهوداً على المحادثة بين صديقي الراحل وليد دقة ورشاد أبو شاور حين الندوة هنا في عمان، فكانت من أسعد لحظاته عبر القضبان.
إصدار الكتاب وهذا الحفل غير مفهوم ضمنًا، وليس من باب رفع العتب، ومن هنا تنبع أهميّته وفرحتهم به وبكم.
كلّي أمل أن تستمرّ هذه المبادرة، من خلال الرابطة، رغم الصعوبات وكل المحاولات والضغوطات لوأدها.
وأخيرًا،
الرحمة والسكينة لشهداء الحركة الأسيرة؛
ولشهداء غزة الأبرار؛
والشفاء العاجل لجرحى العدوان البربري الغاشم على أهلنا في غزة؛
والحريّة لأسرى الحريّة وآمل أن يكون لهذه المبادرة أثر الفراشة ليصل قلمهم إلى كلّ مكان.