العقاب الجماعي وهدم المنازل وحرب الإبادة الجماعية
بقلم : سري القدوة
تاريخ النشر: 30/07/24 | 10:20الثلاثاء 30 تموز / يوليو 2024.
مارست حكومات الاحتلال الإسرائيلي المتعاقبة سلسلة من الأدوات والسياسات التي تسعى من خلالها للتضييق على المواطن الفلسطيني، وأصدرت قرارات وقوانين لتطبيق تلك السياسات، ودفعتها بالطابع القانوني كتغطية على أعمالها، ولا شك أن سياسة هدم منازل الفلسطينيين في مدن الضفة الغربية عامة والقدس على وجه الخصوص وما يجري حاليا في قطاع غزة ضمن حرب الإبادة الجماعية تعد كأحد أشكال العقاب الجماعي حيث يسعى الاحتلال الى ترسيخ وجوده الاستعماري الاستيطاني من خلال سرقته لأكبر قدر من الأراضي الفلسطينية ومحو الوجود الفلسطيني فيها .
تعود جذور تلك السياسة المعروفة بهدم المنازل الفلسطينية إلى بداية نشأة الاحتلال حيث تم تدمير البلدات الفلسطينية والسيطرة عليها وسرقتها ودمرت قوات الاحتلال منذ عام 1967 آلاف منازل الفلسطينيين على خلفية نشاط أحد أفراد العائلة في أعمال مقاومة ضد قوات الاحتلال مما أدى إلى تشريد آلاف العائلات وتعد هذه السياسة أسلوب عقاب تفرضه مؤسسات الاحتلال العسكرية وتعبر عن فشلها الاحتلال ضمن ادواتها القمعية بحق الشعب الفلسطيني .
عمليات هدم منازل الشعب الفلسطيني المتزايدة باستمرار (سواء الهدم الإداري من دون تراخيص بناء، أو الهدم العسكري خلال العمليات العسكرية، أو ما يسمى الهدم العقابي)، ليست إلا إحدى ممارسات الآلة الاستعمارية الهادفة إلى اقتلاع الفلسطيني من وطنه وأرضه بشتى الطرق ضمن حرب التهجير الجديدة التي تتبناها بوضوح حكومة الاحتلال المتطرفة .
وتمارس سلطات الاحتلال عمليات الهدم بشكل قمعي حيث تفرض في معظم حالات الهدم حالة من الخوف والهلع على أصحاب المنازل المنوي هدمها وتقوم باقتحام تلك المناطق والإحياء المهددة بالهدم وتقوم بفرض حصار على تلك المنازل بأعداد هائلة من السيارات العسكرية والدبابات والجرافات ومساندة بعض المروحيات وتحاصر المنزل المستهدف تنفيذا لقرار الهدم، كما قامت سلطات الاحتلال بهدم ابراج سكنية كاملة خلال الأعوام الماضية بتفجيرها عن بعد بواسطة صواريخ تطلق من الطائرات العسكرية المقاتلة في جو من الرعب والعربدة والممارسات الا إنسانية المنافية لكل القيم والأخلاق والقانون الدولي .
ممارسات الاحتلال تعد ممارسات انتقامية وهدفها تهجير أبناء الشعب الفلسطيني من أرضهم وسلب حقوقهم ولا يمكن بأي حال من الأحوال التسليم لهذه السياسة الإجرامية وخاصة في ظل ممارسات الاحتلال الانتقامية في قطاع غزة وهدم الاحتلال لحتى ألان أكثر من نصف المباني السكانية والمؤسسات العامة في قطاع غزة وقام بتجريفها وما يحدث الان من جرائمٍ وانتهاكات يؤكد خرق القانون الدولي ويعد ذلك من جرائم الحرب الكبرى التي يمارسها الاحتلال .
إما ما يجرى في قطاع غزة من تنفيذ سياسة الأحزمة النارية وهدم المباني والمنشئات فان الاحتلال يهدف منها إعادة هندسة جغرافيا قطاع غزة وتقسيمه الى مربعات يسهل السيطرة عليها وحصر اغلب السكان في مستطيل سكاني في مواجهة البحر الأبيض المتوسط وهذا يعني تغير معالم القطاع بشكل كامل عبر مسح مناطق كاملة من الوجود وفرض سياسة العقاب الجماعي والانتقام من أهلنا في غزة .
سياسة هدم المنازل التي تمارسها سلطات الاحتلال وإعادة احتلال قطاع غزة وتهجير سكانه تتعارض مع المعايير المنصوص عليها في مختلف الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، كما أنها أسلوب عقابي تنتهجه دولة الاحتلال لمواجهة الوجود الفلسطيني في الأراضي المحتلة والتي تعد من جرائم الحرب الكبرى والجرائم ضد الإنسانية كونها تمثل انتهاكا جسيما لأحكام القانون الدولي الإنساني .