كُنتَ الفتى الأبيَّ المُهَاب

شعر: الدكتور حاتم جوعيه - المغار - الجليل -

تاريخ النشر: 12/08/24 | 11:54

( قصيدة نظمتُها في رثاء المأسوف على شبابه علي محمد علي سعيد من مدينة طمرة – قضاء عكا . لقد اختطفهُ الموت وهو في ريعان الشباب.. ويعرفهُ الجميع باستقامته ونقائه وطهارتِهِ وبأخلاقه الرفيعة والعالية .. ويتحلى بجميع الآلاء والصفات والمناقب الحميدة والقيم والمثل والمبادىء السامية . ولهُ الكثيرمن الأعمال خيريَّة لمساعدة الآخرين. وهو ابن الكاتب والأديب المعروف والمشهور الصديق العزيز أستاذ محمد علي سعيد ) .

عليٌّ رحلتَ بأوْجِ الشَّبابْ – وَكُنتَ الفتى الأبيَّ المُهَابْ
فواحسرَتاهُ يغيبُ السَّناءُ – وَتذوي ورودُ الرياضِ الرّطابْ
وَواحسرَتا للشّبابِ البهيِّ – يغيبُ وَيُدرجُ تحتَ الترابْ
رحلتَ وقد كانَ خطبٌ عظيمٌ – بكاكَ الجميعُ بدمعٍ مُذابْ
رحيلكَ أبقى فراغًا رهيبًا – وَمنْ سوفَ يُمليهِ بعدَ الغيابْ
وَإنَّ الفراقَ لصعبٌ عصيبٌ – وَعندَ المُلوَّعِ سُمٌّ وَصَابْ
أبوكَ الأديبُ الأريبُ الأبيُّ – تعمَّدَ بالحُزنِ ذابَ اكتِئابْ
وَيقطعُ شطرًأ من العُمرِ غمًّا – وتقسُو عليهِ الدُّهُورُ العجابْ
لِيُلهمَ والدَكَ اللهُ صبرًا – وَوالِدَةً في جليلِ المُصَابْ
وهذا مصيرُ جميعِ البرايا – وَكُلُّ الأنامِ هنا في ذهابْ
هيَ الدنيا متاعُ الغرورِ – ففيها السُّرورُ وَفيهَا العذابْ
وَيومًا سَنُسقى سُلافًا وَشهدًا – ويومًا نُجرَّعُ سُمَّ الشّرابْ
ويومًا تُشعُّ الشّمُوسُ ضياءً – وَيومًا يُغطي الوُجودَ ضبابْ
كانَّا وُلِدنا لأجلِ الشّقاءِ – وَتأتي النوائبُ من كلِّ بابْ
وهيهات يهنأ بالٌ وَعيشٌ – وأنّى تُحَقّقُ كلُّ الطِلابْ
وكم قد بنينا صُروحَ الأماني – تلاشتِ وزالتْ وصارتْ يبابْ

رحلتَ سريعًا تركتَ الصّحابْ – فقدناكَ والعُمرُ غضُّ الإهابْ
غيابُكَ أرَّقَ كلَّ ضميرٍ – وأضحَى الوجودُ يموجُ اضطرابْ
وكنتَ كماءِ السَّحابِ نقاءً – وَطهرًا وفيكَ المزايا الرّغابْ
وَأترِعتَ من كلِّ خير وَحُسنٍ – وَقد كانَ غيرُكَ صِفرَ الوِطابْ
قطعتَ صَحائِفَ هذي الحياةِ – وَنجمُكَ يُضيىءُ الذرَى والشّعابْ
وَكنتَ المنارَ لكلِّ جليسٍ – وَخيرَ أنيسٍ كشهدٍ مُذابْ
وَكُنتَ السلامَ وَكُنتَ الوِئامَ – ونبعَ حنانٍ لكلِّ الصّحابْ
وَحُزتَ المَآثرَ خلقًا وَخُلقًا – وَيشهدُ كلٌّ بحُسنِ الأدابْ
نثرتَ أريجَكَ في كلِّ أرضٍ – ترفُّ عليكَ الاماني العِذابْ
لبستَ البراءَةَ نورًا وَطُهرًا – وفي العَتمِ كُنتَ كضوءِ الشّهابْ
وَعُمرٌ جميلُ كغضِّ الوُرودِ – يمرُّ سريعًا مُرورَ السَّحابْ
بكاكَ الجميعُ بدمعٍ هَتُونٍ – بكاكَ الشّيوخُ وَكُلُّ الشّبابْ
وَكُلُّ ضميرٍ تلوَّع حُزنًا – جميعُ النساءِ وَكلُّ الكَعابْ
لقد غمرَ الحُزنُ كلَّ مكانٍ – تلاشَتْ جميعُ اللحونِ الطرابْ
تسربلَ بالحُزنِ كلُّ مُحِبٍّ – وَعندَ المصابِ يغيبُ الصَّوابْ
وَمَنْ يستطيعُ يرُدُّ المنايا — إذا كشَّرَتْ هيَ عن كلِّ نابْ
هُوَ الموتُ يأتي بدونِ سؤالٍ – وَحقٌّ علينا وَما من جوابْ
سنرضى بِما قدَّرَهُ الربُّ ليسَ – لنا من كلامٍ هُنا أو عِتابْ
هُو العمرُ يمضي سريعَ الخُطى فَ – كأنَّا نُطاردُ خيطَ سرابْ
على هذه الأرضِ نحنُ ضيوفٌ – نعيشُ عليها حياةَ اغترابْ
وَنُنقلُ نحنُ لدارِ البقاءِ – وكلُّ سينظرُ يومَ الحسابْ
إلى جنّةِ الخُلدِ يا أيُّها البارُّ – نعمَ الفتى في الخطوبِ الصعابْ
إلى جنّةِ الخُلدِ يا أيُّها الشَّهْ – مُ تبقى لكَ المنزلَ المُستطابْ
إلى جنّةِ الخُلدِ حيثُ الملائِ – كٌ والخيِّرُونَ وَنعمَ المآبْ

شعر : الدكتور حاتم جوعيه – المغار – الجليل –

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة