مالك بن نبي.. كتبه عظيمة في بدايتها ونهايتها، وتمكّنه الجيّد والمميّز من فهم اليهود

معمر حبار

تاريخ النشر: 20/08/24 | 12:38

أوّلا: مالك بن نبي: كتبه الأولى عظيمة، وكتبه في أواخر عمره عظيمة:

من الحقائق الجديدة التي وصل إليها القارئ المتتبّع من خلال مواصلة قراءته لكتب للأستاذ مالك بن نبي رحمة الله، ورضوان الله عليه، ويكتب عنها لأوّل مرّة بهذا التّفصيل:

هناك تطابق بين الكتب التي كتبها مالك بن نبي في بداياته، والكتب التي ألّفها في أواخر حياته.

الكتب الأولى التي ألّفها بفرنسا، وباللّغة الفرنسية كانت عظيمة، كـ: شروط النهضة، ووجهة العالم الإسلامي، والظاهرة القرآنية.

والكتب الأخيرة التي ألّفها في أواخر حياته كـ: “مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي” كانت عظيمة.

لايفهم من حديثي هذا أنّ مالك بن نبي لم يكتب الجيّد بين بداياته، وأواخره. وهذا مالم يقل به أحد. لأنّ الغاية هي تأكيد على عظمة البداية، وعظمة النهاية.

ويمكن للقارئ الكريم أن يراجع مقالنا الأوّل[1]، والثّاني[2]، والثّالث[3] في هذا الموضوع دون ذكر كلّ المقالات التي كتبت.

ثانيا: مالك بن نبي العارف جيّدا للصهاينة:

يعرف مالك بن نبي اليهود معرفة جيّدة، ومبنية على تجارب رآها رأي العين، وطيلة حياته، وعن علم، ومقارنة.

رآهم في الجزائر أثناء الاستدمار الفرنسي، وفي فرنسا، وأوروبا حين كان يقيم بها طالبا يطلب العلم. وبعد احتلال فلسطين سنة 1948.

مازلت أزعم -وإلى أن تكذّبني الأيّام- أنّ نظرة مالك بن نبي لليهود تختلف عن الذين سبقوه، والذين جاؤوا من بعده. فهو -حسب قراءاتي- لايلتفت إلى ماهو معروف، ومتعارف عليه حول اليهود. إنّما يركّز على مالا يلتفت إليه الجميع وعبر المقارنة بالجزائري أثناء الاستدمار الفرنسي -مثلا-، فيقول:

اليهودي يقدّم الواجبات، ويعمل بصمت. والجزائري والعربي -مثلا- يقدّم الحقوق، وكثير الكلام، وفوضوي، ويعمل في صراخ الذي يفقده الفاعلية. والنّتيجة أنّ اليهودي يجد العمل، ويعمل لأمّته. والجزائري، والعربي -مثلا- يظلّ في بطالة، وفقر.

ويتحدّث عن تغيير نمط حياتهم بسرعة فائقة. فاليهودي يتمّ تغيير شكله، ومشيته، وملبسه وهو يتّجه -من الجزائر المحتلّة- إلى الأرض المحتلّة بثقافة تناسب ثقافة “الأرض الموعودة؟!”.

واليهودي الذي ظلّ يعلّم أبناءه سرّا رغم المنع الذي طالهم أثناء الحرب العالمية الثّانية -حسب مالك بن نبي، والرّواية الغربية- وحين انتهت الحرب خرج من الأنقاض علماء يهود في ميادين متعدّدة، وظلّ غيرهم في جهل يرجون تدخل اليهود (وشروط اليهود طبعا).

أمّا فيما يخصّ كتابه “وجهة العالم الإسلامي- الجزء الثّاني- المسألة اليهودية”. فقد نظر إلى اليهود من ناحية الدولة، والقادة، وأهل الفكر، والمال، والنفوذ. وكيف أصبح الغرب تابعا لهم وإلى درجة أنّه أمسى يؤذي دولته، ومجتمعه، وحضارته لأجلهم. وكيف يمنحهم حقوقا ليست لهم، ويحرمها مجتمعهم وهو يعلم ذلك. وكيف يتعمّد إظهار “نبوغ؟!” اليهود ويخفي نبوغ غيرهم عمدا.

أقولها لأوّل مرّة في حياتي: أرجو من المهتمين بإرث مالك بن نبي أن يجمعوا كلّ ماكتبه عبر كتبه عن اليهود وهي ليست قليلة -فيما أزعم ولغاية هذه الأسطر-، ويعيدوا نشرها عبر كتاب مستقلّ وليكن عنوانه: “اليهود في نظر مالك بن نبي”، أو عنوان آخر يرونه مناسبا. ويضاف هذا العمل الحضاري إلى الجهود العربية، والغربية التي درست اليهود. ووفّق الله الجميع.

بالمناسبة، كتبت مقال عن كتاب “المسألة اليهودية[4]” لمالك بن نبي من حلقتين. فمنع “غوغل” الحلقة الثّانية[5] من الظهور، والنّشر.

للأمانة، قرأت عن اليهود لفرنسيين محتلّين للجزائر أثناء بدايات الاستدمار الفرنسي. ولفرنسيين أثناء الثّورة الجزائرية. ولجزائريين عاشوا الثّورة الجزائرية، ولقادة الثّورة الجزائرية عبر مذكراتهم.

ملاحظة القارئ المتتبّع بين التّأجيل، والإلغاء:

في الصّدر ملاحظتين تتعلّقان بمفهوم القابلية للاستدمار، وقادة الثّورة الجزائرية. لكن لم يصل الأمر لدرجة اليقين، والبوح. فاكتفي القارئ المتتبّع وإلى أن يشاء ربّك بالتّأجيل، ومواصلة القراءة، أو إلغائها من قائمة الجديد. ويبقى نفس التّعامل مع كلّ جديد يزعم القارئ المتتبّع أنّه جديد.

الثّلاثاء 16 صفر 1446هـ، الموافق لـ 20 أوت 2024

الشرفة – الشلف – الجزائر

[1] مقالنا بعنوان: كيف نقرأ مالك بن نبي؟ – معمر حبار

وبتاريخ: الجمعة 24 شعبان 1436هـ الموافق لـ: 12جوان 2015م

[2] مقالنا بعنوان: مالك بن نبي.. اهتم بفكره ودعك من شخصه – معمر حبار

وبتاريخ: الثلاثاء 3 ربيع الثاني 1440 هـ الموافق لـ 11 ديسمبر 2018

[3] مقالنا بعنوان: مالك بن نبي بين الكتب التي نشرها في حياته، والكتب التي نشرت بعد وفاته – معمر حبار

وبتاريخ: الأربعاء 29 محرم 1445 هـ، الموافق لـ 16 أوت 2023

[4] الأستاذ مالك بن نبي، “وجهة العالم الإسلامي، الجزء الثّاني – المسألة اليهودية”، الطبعة الأولى، 1434 هـ – 2013، دار الوعي، رويبة، الجزائر، من 161 صفحة.

[5] مقالنا بعنوان: مالك بن نبي والمسألة اليهودية.. الحلقة الثّانية. متن الكتاب – معمر حبار

وبتاريخ: الأربعاء 15 شوال 1445هـ، الموافق لـ 24 أفريل 2024

الشلف – الجزائر

معمر حبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة