أغلق الملف ولكن… !!!
بقلم: رانية فؤاد مرجية
تاريخ النشر: 21/08/24 | 9:27هناك في إحدى مستشفيات الأمراض النفسية والعقلية ترقد نجوى دون حراك، كجثة دون حياة، دموعها تتدفق بشدة، وروحها هائمة في ملكوت السماء.
كانت نجوى فتاة كسائر الفتيات اللواتي اخترن الحجاب، لتهرب من جحيمها الأرضي، لكنها ما زالت تائهة في دوامة الآهات والدموع، فباتت جسدًا دون روح، وكل شيء تبدّل وتغيّر، وما عادت ملامحها تشبهها أبدا، ولا شيء فيها صالح بعد اليوم.
قبل أربع سنوات كانت تدرس في دار المعلمين، وكانت تشع طاقة وفرحًا وأملا، لكنها اكتشفت أن أمّها تخون والدها مع ثلاثة من أعمامها، ومن ثم اكتشفت أنهم أيضًا يعتدون ويمارسون شذوذهم على أختها ابنة ال 30 المعاقة ذهنيّا وجسديّا.
ذات يوم قررت أن تُعرّيهم وتفضحهم، فواجهت أمها أمام أعمامها، وأخبرتهم أنها تعلم كل شيء وستفضحهم، إلا أنهم أنكروا ذلك جملة وتفصيلا، واتهموها بالجنون، وأنها تلفق قصصًا، من ثم منعوها من الخروج من البيت، ومنعوها من التواصل مع أحد، فازدادت نحولا وشقاء واكتئابًا، ولم يصدقها أحد، لا جدّها ولا أبوها.
أقنعت نفسها أن لا مجال أمامها، إلا الخروج من وسطهم. لكن كيف وهي باتت أسيرة في بيتها، ممنوعة من الخروج من غرفتها إلا لقضاء حاجتها؟
بعد أسبوعين من أسرها توجهت إلى أمها واعتذرت لها قائلة: يبدو أني أخطأت بحقك، أظنني مصابة بداء الجنون وتخيل الأشياء البعيدة عن الواقع، والتي يرفضها العقل. سامحيني يا أمي، وأنا سأخبر الجميع أني لفقت عليك وعلى أعمامي هذه التهمة، لأنكم رفضتم أن أشترك برحلة ترفيهية نظمتها دار المعلمين.
فعلا هذا ما كان، وعادت لمقعد الدراسة، إلا أنها كانت تخطط للهرب، وعدم العودة لبيتها مع أول فرصة تتيح لها ذلك. لم تخبر أحدًا من زملائها أو زميلاتها بما حدث معها،إلا أنها باتت تقضي كل يومها في مكتبة دار المعلمين على الشات، وتعرفت هنالك على شاب من الضفة، بدا لها بهيئة ملاك حارس سينقذها من جحيمها، وبعد شهر وجدت نفسها هناك، لتكتشف أنها تعيش مع رجل مدمن على المخدرات، يكبرها بعشر سنوات، متزوج من اثنتين ولديه سبعة أطفال.
مع هذا رضيت به وتزوجته فقط بورقة بينهما، وأصبحت تشاركه تعاطي المخدرات، وبعد أشهر وجدت نفسها حاملا، ولكن حملها لم يثبت فأجهضت، وقررت أن تعالج نفسها، وتنفصل عن هذا الزوج الذي لم تذق معه إلا حياة الذل والهوان. لكنها عرفت من صديقة من قريتها كانت لا تزال على اتصال بها عبر الفيسبوك، أن أعمامها يبحثون عنها ويريدون أن يقتلوها، لأنها أساءت إلى شرف العائلة بتركها لمنزل والدها دون إعلامه.
صارحت زوجها بأنها تود الانفصال عنه، والتوجه للشرطة الإسرائيلية لطلب مساعدتهم، وإيجاد مكان آمن لها يساعدها على ترك المخدرات والبدء من جديد، فجن جنونه ورفض، إلا أنها أصرّت وحاولت الهرب، فأمسك بها وأتى بثلاثة من أصدقائه ليغتصبوها الواحد تلو الآخر، وأعطوها حبة فقدت معها توازنها، ورموها وهي تتدرج بدمائها في أحد الأحراش فاقدة وعيها والنطق، ومن هناك تمّ نقلها إلى إحدى المستشفيات من قبل الجيش الإسرائيلي، وبدأت مأساتها الجديدة.
لقد توفيت أختها بشكل مفاجئ، ليتضح بعدها أنها توفيت نتيجة سم قاتل، وهي حامل في شهرها الثالث، فانهارت أمها أمام الجميع، واعترفت أنها السبب وراء كافة الجرائم هذه.
لكن لم ينل أحد عقابه، وأغلق الملف، وما زالت نجوى تتلقى العلاج هناك.