التربيّة والتعليم عندنا هما المشكلة وهما الحلّ!
د. محمود أبو فنّه
تاريخ النشر: 28/08/24 | 23:06تعاني الأمّة العربيّة الكثير بسبب التّشرذم والانقسام، وبسبب سيطرة التّعصّب
الدّينيّ والطّائفيّ والعرقيّ، وكذلك بتأثير الاستقطاب الاجتماعيّ الاقتصاديّ،
فهناك فئة قليلة تتمتّع بالموارد والإمكانيّات والثّروات، بينما غالبية المواطنين يرزحون تحت الفقر وشحّ الموارد والدّخل المحدود!
ولا ننسى انتشار التّفكير الخرافيّ والإيمان بالغيبيّات، والانجرار وراء العاطفة والمظاهر البرّاقة، بعيدًا عن المنطق والموضوعيّة.
ومن المظاهر السّلبيّة انعدام الانتماء والتّسيّب القيميّ واللّجوء للعنف بعيدًا عن الحوار.
وتعاني مجتمعاتنا من القصور والتّخلّف بكلّ ما يتعلّق بالصّناعة، خاصّة الصّناعة المتطوّرة التّكنولوجيّة، وهذا ينعكس على مجالات الإنتاج والدّخل الأخرى كالزّراعة والسّياحة والتّجارة وو..
والسّؤال: ما هو الحلّ، وكيف يمكن تجاوز هذه المحنة؟
في رأيي المتواضع: المشكلة مركّبة ومتشعّبة وتحتاج إلى الدّراسات المنهجيّة المستفيضة وإلى توفير الخطط والبرامج مع التّمويل المناسب…
لكن، من منطلق تجربتي في مجال التّربية والتّعليم وإعداد المناهج الدّراسيّة أؤكّد على دور التّربيّة والتّعليم كرافعة لإحداث نقلة نوعيّة في الأوضاع الرّاهنة المتردّية؛
– نحتاج لمناهج دراسيّة متطوّرة نابعة من ظروفنا وحضارتنا وثقافتنا وليست منسوخة ومستوردة من بيئات وظروف وثقافة غريبة!
طبعًا، هذا لا يعني الانغلاق وعدم الاطّلاع والتّأثّر بما هو موجود في العالم المتنوّر المتقدّم.
نحتاج لمناهج دراسيّة تنمّي الإبداع والابتكار والتّفكير العالي، نحتاج لمناهج تعزّز الانتماء والقيم السّامية الخيّرة.
نحتاج لمناهج تتعامل مع الطّالب ككلّ متكامل بجميع جوانب شخصيّته:
الجانب العقليّ والعاطفيّ والنّفسيّ والجسديّ والفنّيّ …
نحتاج إلى مناهج تتعامل مع التّكنولوجيا الحديثة ولا تقتصر على الجانب اللّفظيّ،
نحتاج إلى مناهج تركّز على مهارات التّعلّم الذّاتيّ، وليس على حشو الدّماغ
بالمعلومات بأسلوب الحفظ والتّلقين…
– بعد إعداد مثل تلك المناهج تأتي مرحلة إعداد الموادّ والكتب التّعليميّة المناسبة
بروح تلك المناهج، بعيدًا عن التّجارة والرّبح المادّيّ السّهل!
– ث مّ تأتي مرحلة إعداد المعلّمين والمربّين لتنفيذ تلك المناهج بمرونة وبنجاعة!
– ولا بدّ من توفير البيئة الدّاعمة من غرف وقاعات ومختبرات وتجهيزات عصريّة
وملاعب وساحات وو.. فغرفة الصّفّ مع المقاعد واللّوح لم تعد بيئة صالحة وكافية.
– ولا بدّ من توفّر قيادات تربويّة ذات رؤيا تربويّة عصريّة، فنحن بحاجة إلى مديرين ومفتّشين ومرشدين ذوي خبرة ومعرفة ومعطيات قياديّة مهنيّة وليسوا مجرّد موظّفين إداريّين…
– ولضمان سيرورة العمل التّربويّ السّليم هناك ضرورة لعمليّة تقويم/تقييم دائمة،
سواء التّقويم البنائيّ المرحليّ لفحص سير العمليّة التّعليميّة التربويّة، وإدخال التّعديلات على ضوء هذا التّقويم، أو التّقويم الإجماليّ النّهائيّ للوقوف على التّحصيلات والإنجازات، ويجب أنْ لا يقتصر التّقويم على الجانب المعرفيّ التّحصيليّ فقط، بل هناك حاجة لتقويم الجانب السّلوكيّ القيميّ العاطفيّ كذلك!
للإجمال أقول:
قد تكون مشكلة التّربية والتّعليم هي من أهمّ المشاكل الّتي نعاني منها، ولكنّها في نفس الوقت هي الحلّ للخروج من هذا المأزِق الحضاريّ الّذي نواجهه!