رحلت وهي تفكر بفلسطين.. بشرى عبد الصمد وتاريخها المشرف
الاعلامي احمد حازم
تاريخ النشر: 29/08/24 | 11:09تعتبر الإعلامية اللبنانية المعروفة بشرى عبد الصمد التي رحلت عنا قبل أيام عن عمر 55 عاما، احدى اشهر الصحفيات العربيات. لم يمهلها المرض وغادرتنا في عز عطائها الاعلامي نتيجة مرض عضال الم بها وتغلب عليها. كانت الراحلة التي وللأسف لم اتعرف عليها عن قرب، بمعنى لم تجمعنا ظروف المهنة، تتميز عن غيرها من الاعلاميات اللبنانيات بثلاثة امور: انها ضد الطائفية البغيضة، وطنية بامتياز، عروبية حتى النخاع، والاهم من ذلك انها كانت فلسطينية الهوية والهوى رغم انها لبنانية الجنسية والمنشأ.
هذه الصفات اكتسبتها بشرى بالوراثة عن ابيها وجدها وبالاحرى من عائلتها بشكل عام. فوالدها هو نديم عبد الصمد السياسي العربي المعروف كان أحدَ قادة الحركة الوطنية اللبنانية، وشغل منصب نائب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني ورئيس المجلس الوطني للحزب. كما شارك عام 2004 في تأسيس حركة اليسار الديمقراطي ، وتولَّى رئاسة هيئتها الوطنية.
يقول التاريخ ان نديم عبد الصمد يشهد له رفاقه بدور بارز في تقديم الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات إلى القيادة السوفياتية في خطوة مهدت للتطور اللاحق في العلاقات الوطيدة بينهما. وكان لنديمٍ الدور الكبير وفضلٌ أساسي في اعتبار منظمة التحرير حليفاً للسوفيات والمعسكر الاشتراكي في المنطقة. إذ كانت تربطه علاقات شخصية مميزة مع ياسر عرفات منذ أن التقيا في الحركة الطلابية.
اما فيما يتعلق بزوجها وعائلته فهي حالة خاصة ومميزة في العالم العربي . فزوجها ربيع بشور هو ابن معن بشور أحد اهم رموز التيار العروبي الذي ولد لأب سوري مسيحي، وأم مغربية مُسلمة، وهو يحمل هوية لبنانية منذ الولادة، وزوجته فلسطينية أردنية .كما ان أبناءه وبناته متزوِّجون ومتزوِّجات من جنسيات مختلفة ومن الطوائف الدرزية والسنية والشيعية. فابنه ربيع متزوِّج لبنانية هي الصحفية بشرى عبد الصمد، وابنه الآخر متزوج مصرية، وابنتاه إحداهما متزوجة أردنيًّا والأخرى لبنانيًّا، أي أن متجاوزٌ للحدود الوطنية والطائفية في العالم العربي.
كانت الراحلة تدافع بشدة عن القضايا الإنسانية والوطنية، ولا سيما القضية الفلسطينية. على مواقع التواصل الاجتماعي كانت تعبر عن ألمها على ما يحدث للفلسطينيين من معاناة، وتدعو العالم إلى التحرك لوقف هذه المعاناة. آخر تدوينة لها على فيسبوك كانت صرخة لنجدة فلسطين، حيث كتبت: “كيف يمكنكم، كمجتمع عالمي، أن تشاهدوا شعبًا بأكمله يُباد بشكل منهجي؟ كيف أدرنا ظهورنا لإنسانيتنا المشتركة؟ إن هذا العنف المستمر لن يؤدي أبدًا إلى تحقيق العدالة؛ بل إنه لن يؤدي إلا إلى توليد المزيد من الغضب وتأجيج حلقة من الانتقام.”
كادت وفاة الزميلة الإعلامية الكبيرة بشرى عبّد الصمد تتحول إلى مشكلة اجتماعية – اخلاقية – إنسانية عندما رفض بعض من اهل بلدتها دفنها في مقابر البلدة، لإعتبارات دينية. وعندما عرف سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور بالمشكلة اقترح دفن الإعلامية الراحلة في مدافن شهداء فلسطين في بيروت كحل للمشكلة.
صحيح ان تراب الارض اللبنانية – الفلسطينية يستحق ان يضم جسد الاعلامية بشرى التي ظلت حتى اهر عمرها وفية للقضية الفلسطينية تحديدا وتستحق كل تكريم ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه عما اذا كان اشرف دبور ثد تصرف من تلقاء نفسه بالاقتراح ام ان عصفورة ما همست في اذنه لفعل ذلك؟