قصة” حزمة نور”لنبيهة جبارين في ندوة اليوم السابع

ديمة جمعة السمان

تاريخ النشر: 29/08/24 | 22:01

القدس: 29-8-2024 من ديمة جمعة السمان: ناقشت ندوة اليوم السابع الثقافية المقدسية قصّة الأطفال” حزمة نور” للأديبة الفلسطينيّة نبيهة راشد جبارين، رسومات هيفاء عبد الحسين، صدرت القصة عام 2021م عن دار الهدى للنّشر والتّوزيع كريم في كفر قرع. القصّة مفروزة الألوان وصفحاتها غير مرقّمة.

افتتحت الأمسية مديرة الندوة ديمة جمعة السمان فقالت:

” حزمة نور”: خيال طفوليّ ينير دروب الأمل والسّلام.

قصة ” حزمة نور” للأطفال ليست مجرّد سرد بسيط للأحداث، بل هي أداة قويّة لغرس قيم إنسانيّة عميقة في نفوس الأطفال.

لقد صورت الكاتبة براءة الطفولة من خلال شخصية نور التي بدأت قصتها وهي تلعب مع أقرانها بسعادة، وعندما عادت إلى البيت، شاهدت الأحداث الأليمة على التلفاز مع أسرتها.

هذا التناقض بين سعادتها البسيطة، وتأثرها الشّديد بمشاهدة ويلات الحروب يعكس براءة الأطفال وتأثرهم السريع بالعالم من حولهم.

وهذا يجعلهم يلجأون إلى الأحلام كوسيلة هروب نفسية ونقل رسالة أمل.

حلم “نور” بالتحدث مع القمر يعبر عن رغبتها العميقة في الهروب من واقع الحروب إلى عالم مثالي يسوده السلام والمحبّة.

تحمل القصة في طياتها رسالة مهمة حول عدم الأنانية والتفكير في الآخرين. إذ أنّ أمنيات “نور” لم تقتصر على مصلحتها الشّخصية، بل شملت أصدقاءها، ثم كل أطفال العالم، ثم البشريّة جمعاء. وهذا التدرج يعكس نمو وعيها، إذ بدأت بنفسها ومن ثم اتسع اهتمامها ليشمل الآخرين.

وقد كان للقمر وحزمة النور في القصة رمزية للأمل والنور الذي يمكن أن ينير العتمة، وهو مصدر خيالي للقوة والتحرر من الواقع المرير. إذ وجدت في القمر القوة الداخلية والإيمان بالأمل والعمل من أجل تغيير الواقع حتى في أصعب الظّروف.

وقد أشارت الكاتبة بشكل غير مباشر إلى دور الأهل في توجيه أطفالهم والحديث معهم ومساعدتهم على التّفريغ عند مشاهدتهم أحداث عنف أو مآسي.

كما وجّهت نقدا بشكل غير مباشر أيضا للتأثيرات السلبية لوسائل الاعلام على الأطفال، وبالتالي دور الأدب في تقديم بدائل تخفف من هذه التّأثيرات من خلال الخيال والأمل.

القصة جميلة ولها بعد تربوي نفسي قوي.

وقال جميل السلحوت:

المضمون: تتحدّث القصّة عن الطّفلة “نور” الّتي راقبت الأطفال وهم يلعبون بالكرة في ساحة الحارة، بعدها شاركت الأسرة بمشاهدة وسماع الأخبار الّتي تتحدّث عن الحروب والقتل والدّمار والخراب، وعندما نامت حلمت بأنّها تناجي القمر، الّذي أهدى قلبها حزمة نور وقل لها” فقط آمني بها، واجعليها تنير قلبك أوّلا، ثمّ ضعي يدك فوق موضع القلب، واطلبي منها ما شئت عند الحاجة”.

وأوّل طلب طلبته “نور من حزمة النّور هو أن تعيد لها” قوّة بصرها كما كانت قبل الاجتياح العسكريّ، وكان لها ما طلبت ممّا أدخل الفرحة إلى قلبها وقلوب والديها وإخوانها وزملائها وزميلاتها ومعلّميها ومعلّماتها وكلّ من يعرفونها. أمّا الطّلب الثّاني فكان أن تعيد حزمة النّور البصر لكلّ من فقد بصره أو ضعف بسبب الحرب، فتحقّق طلبها ودخلت الفرحة لقلوب الجميع دون أن يعرفوا سبب ذلك. والطّلب الثّالث كان شفاء قدَم زميلها” سالم” المصابة بسبب الحرب، فشفيت قدمه وعاد يلعب الكرة سعيدا مع أقرانه، والطّلب الثالث كان لشفاء زميلها “عادل الّذي يعاني من الإنطواء بسبب الحرب، وشفي عادل وعاد يلعب مع زملائه.

وبما أنّ” نور” تحبّ الخير للجميع فقد طلبت من حزمة النّور أن تشفي جميع من يعانون من آثار الحرب مهما كانت معاناتهم.

وإمعانا من”نور في حبّ الخير للبشريّة جمعاء فقد طلبت من حزمة النّور:” ليتك يا حزمتي الطّيّبة تدخلين القلوب، وتمحين منها شعور الحقد والكراهيّة والأنانيّة، وتملئينها بالحبّ والخير والطّمأنينة والتّسامح، فيسود السّلام والاستقرار، ولا تعود المشاكل والحروب؛ لتسبّب الموت والحزن والدّمار.” فدارت حكمة النّور على جميع الأسلحة جميعها وأبطلتها.

وعندما استيقظت نور من نومها دعت الله أن يتحقّق السّلام في كلّ مكان، ليعمّ الخير على الجميع. وتنتهي القصة عندما تردّد “نور ” وأسرتها من الكتاب المقدّس:” المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السّلام وفي النّاس المسرّة.” ومن القرآن الكريم بسم الله الرّحمن الرّحيم:” ونزعنا ما في قلوبهم من غلّ إخوتنا على سرر متقابلين”.

والقارئ لهذه القصّة سيجد أنّها رسالة سلام وحبّ للبشريّة جمعاء، توجّهها الكاتبة لأطفالنا، لتحثّهم على حبّ السّلام والخير لجميع البشر، ولو كان الجميع يوجّهون ويربّون أطفالهم على حبّ السّلام والخير للجميع، وتخلّوا عن الأنانيّة والكراهيّة؛ لعاش البشر جميعهم حياة هانئة سعيدة.

القصّة هادفة وتعكس ثقافة الكاتبة وثقافة أمّتها التّي تدعو إلى التّسامح والمحبّة.

الرّسومات: جميلة وتناسب النّص.

ملاحظة: كان من الواجب ترقيم صفحات القصة، ولا داعي لكتابة ” تأليف” أمام اسم الكاتبة.

وقالت د. روز اليوسف شعبان:

الطفولة تنشد السلام، في قصّة حزمة نور، تأليف الكاتبة نبيهة راشد جبّارين، رسومات هيفاء عبد الحسين، إصدار دار الهدى كريم(2021).

تطرح الكاتبة في قصّتها، موضوع انعدام الأمن والسلام، في ظلّ الحروبات المتفشيّة في العالم، والّتي خطفت من الأطفال فرح الحياة وبهجتها.

بطلة القصّة هي الطفلة نور، التي لم يكن اختيار اسمها محض صدفة، وإنّما جاء متماهيا مع مضامين القصّة، التي تدعو للسلام والمحبّة، وجعل النور والإيمان يملأ قلوب البشر.

الطفلة نور التي تعاني من ضعف البصر نتيجة إحدى الغارات، تحلم بأنّها تلتقي القمر، فتفرح لرؤيته؛ لأنه جميل وينشر الخير في كل مكان، وينير العالم، فتطلب منه أن يأخذها إليه؛ لتبتعد عن الشرّ وتعمل خيرا لكلّ الناس، وتساعد كلّ من يحتاج مساعدة، دون حساب للجنس أو اللون أو القوميّة أو العقيدة، لكنّ القمر يخبرها أنّها لا تستطيع العيش في القمر؛ لانعدام الهواء والماء والطعام، فيعطيها القمر هديّة “حزمة نور”، تدخلها إلى قلبها، ويطلب منها أن تؤمن بها، وتطلب ما تتمنى من حزمة النور وستتحقّق أحلامها.

تفرح نور وتطلب أن يعود لها بصرها، فيعود لها؛ فتفرح ويفرح أهلها، ثم تطلب أن يعود البصر لجميع الناس الذين فقدوا بصرهم في الحروبات، فيرتدّ لهم البصر ويفرح الناس دون أن يعرفوا كيف ارتدّ لهم بصرهم، وتطلب أن تسعد كلّ الأطفال في العالم، وأن تدخل حزمة النور إلى قلوب الناس وتمحو منها الكراهية والحقد والضغينة، وتملؤها بالحبّ والطمأنينة، وأن تبطل مفعول جميع الأسلحة؛ لينعم الناس بالأمن والسلام.

كتبت القصّة بلغة سلسلة جميلة، تكثر فيها الحوارات الخارجيّة والداخليّة، خاصّة حوارات نور مع نفسها، هذه الحوارات تضفي تشويقا على القصّة.

تبرز في القصّة قيم عديدة هامّة لتنشئة أطفالنا تنشئة صالحة، مثل حبّ الآخرين وتقديم المساعدة لهم، حبّ الخير ونبذ العنف، التعاون والمحبّة، تقبّل الآخر، والتّفكير بالآخرين، التمسّك بالتراث من خلال الألعاب الشعبيّة التي ذكرتها الكاتبة، وهي بذلك تلفت نظر الأطفال إلى وجود ألعاب شعبيّة جميلة، يمكنهم اللّعب والاستمتاع بها .

ترسل الكاتبة من خلال قصّتها رسالة هامّة، بضرورة الاهتمام بالأطفال والمحافظة على سلامتهم وراحتهم وأمنهم، والتخلّص من الأسلحة والعيش بمحبّة وسلام. كما ترسل رسالة إلى البالغين، بضرورة إدخال النور والإيمان إلى قلوبهم؛ ليعيشوا بأمان ورضا. وقد استخدمت الكاتبة التنّاص الديني، الذي جاء على لسان نور وأسرتها:” المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السّلام وفي النّاس المسرّة.”(الكتاب المقدّس)، ومن القرآن الكريم: بسم الله الرّحمن الرّحيم:” ونزعنا ما في قلوبهم من غلّ إخوانا على سُرُرٍ متقابلين”.

انتهت القصّة بأغنية جميلة ودعاء صادق من الطفلة نور، بأن ينعم كلّ الناس بالأمن والسلام.

قصّة حزمة نور قصّة شائقة هادفة تنشد السلام لأطفال العالم الذين يعانون من ويلات الحروب، فتستباح الطفولة بين أنياب الأسلحة.

فهل ستصل رسالة الكاتبة، وتنتهي الحروب، وينعم الأطفال بطفولة سعيدة آمنة؟

وكتبت رائدة أبو الصوي:

بداية بصورة الغلاف الجميلة جداً للرسامة هيفاء عبد الحسين.

الرسومات جذابة جدا ومثيرة للاعجاب

فيها حزمة الضوء وفي وسطها حمامة بيضاء وفي فمها غصن زيتون رمز السلام للافكار المطروحة في القصة الأطفال تجذبهم الألوان البراقة . موفقة جدا الكاتبة المبدعة نبيهة جبارين في الاعداد والتقديم . وهذه أول ملاحظة، اختيار العنوان موفق جدا للقصة ويعيد استخدام كلمة عربية جميلة كي لا ننسى.

حزمة ما جمع وربط من بعض الأشياء كالحطب والفحم وهنا في القصة.

حزمة الضوء وهي مجموعة من المستقيمات تتقاطع في نقطة واحدة. الدمج

بين الفكرة التقليدية والفكرة المبتكرة في قصة الأطفال حزمة ضوء دمج موفق جدا وفي مكانه المناسب.

الحلم بالأمن والأمان وأن يعم السلامة في جميع أنحاء العالم.

أعجبني كثيرا في القصة التأكيد على تعزيز مفهوم اليقين ( الإيمان ) بالفكرة

في القصة قلب نور النابض بالمحبة للجميع.

غالبية قصص الأطفال تستخدم اسم نور . تكرار الاسم بصورة مبالغ فيها يستخف بعقل القاريء ويبعد عن الواقع.

وقالت هدى عثمان أبو غوش:

نحن أمام قصّة أطفال تبحث عن السلام والأمن لكلّ البشر، فيها أمنيات ودعوات لنبذ الحروب التي تحطم أحلام الطفولة، وتكسر قلوب البشر، فيها صرخة أعطونا الطفولة، وقد حملت الكاتبة رسالتها من خلال الطفلة نور التي أخذت تحاور القمر في منامها، وقد أهداها حزمة النور العلوي التي تشبه مصباح علاء الدّين من حيث تحقيق الأحلام.

وقد أظهرت الكاتبة من خلال أمنيات نور، مجموعة من الحالات التي تضررت جرّاء الحروب، والتي تعافت بسبب حزمة النور العلوي.

المكان في القصّة هو البيت والجيران، أمّا الزمان فهو النهار واللّيل.

العنوان”حزمة نور”مرتبط ببطلة القصّة نور وحزمتها، ويجعلنا نتساءل ماذا حدث لحزمة نور؟ ماذا يوجد في الحزمة؟

أسلوب السّرد في القصّة: جاء السّرد في الصفحة الأولى من القصّة بشكل جميل، حيث وصفت الأطفال وهم يلعبون، ونور تراقبهم من خلال شرفتها، وهي ترتدي نظارتها، ثمّ انتقل السّرد بلغة الكبارمستخدمة بعض الجمل التي لا تتناسب للغة الطفل عامة، فقد جاءت بشكل إخباري أو إنشائي، بعضها اعتدنا سماعها من خلال نشرات الأخبار.

“وأخبار ويلات الحرب على المواطنين الآمنين في كلّ مكان، وشاهدوا تبعات الحرب”، وأيضا بعض المصطلحات التي لا تلائم أن تكون في قصّة للأطفال؛ لأنها تحتاج لشرح عميق، وأيضا حجمها أكبر من سنّه، ستدخله في دوامّة السياسة مثل: العقيدة، القومية، الاجتياح العسكري، مفاعل نووي،أساطيل حربية وغيرها” استخدمت الكاتبة التأنيس في القصّة مثل:( عندما حاورت نور القمر).نجد غياب الهواتف الذكية، خاصة أثناء اللعب وهي صورة جيّدة ، على الرّغم من ندرتها في المجتمع، حيث تحول الهاتف لعضو من أعضاء الجسم يلازمه في كلّ مكان، وأيضا أعجبني اجتماع العائلة لمشاهدة الأخبار، هي أيضا صورة نادرة، فالعائلة لم تعد تجتمع كما قبل، بسبب غزوّ الهواتف والحواسيب، فأصبحوا يشاهدون ما يريدون على انفراد.

كان اختيار الكاتبة للقمر والاسم نور جميلا،حيث ارتبطت المعاني معا، فالقمر يضيء الكون في اللّيل، ونور في معناها تشعل النور، وكلاهما محب للخير،فنور والقمر مرتبطان بفحوى القصة، في إنارة قلوب البشر بالخير ونبذ الحروب.

ختمت الكاتبة القصة بألفاظ دينية تشير إلى المحبة والسّلام، حيث اقتبست أقوالا من الإنجيل، وآية من القرآن، ممّا يذكرنا بالأسلوب الإنشائي حين يختم الطالب موضوعه إما بعبارة أو آية إلخ، وليس سردا بلغة خاصة بالطفل، فقد تحولت القصّة وكأنها مواعظ وخطب.

من الملاحظ في القصّة عدم وجود الصراع بسبب غياب مشكلة ما، فالقصة هي مجموعة أمنيات وصور تتمنى أن تتحقق من خلال الطفلة نور عبر حزمتها السّحرية، ربما تكون المشكلة هي رمزية جماعية،هي مشكلة الحروب وآثارها.فالحلّ هنا خيالي،غير واقعي، ويصطدم به الطفل، وكأني أسمع الأطفال يصرخون في ظلّ الحرب: نريد حزمة نورحالا.

وأيضا فإن إسهاب الكاتبة في الأغنية ليس لصالح القصّة، فمن الممكن أن تشتت أفكاره وتركيزه بالقصة خاصة بسبب طولها، ومن الجميل هو الاختصار في الكلمات.

لم تكن هناك علامات ترقيم للصفحات، أمّا الرسومات فكانت جميلة، واضحة. برزت شخصية الطفلة نور صاحبة القلب الرقيق والرّوح الجميلة، التي ترمز إلى المحبة بين البشر، تنشر نورها بالحب لتضيء القلوب، تقول” أرجوك لا أريد أن أفرح أنا وحدي.” هنا إشارة ودعوة إلى حبّ الخير للجميع، وهذا ما نفتقده في عالمنا الذي أصبح هدفه الكراسي وحبّ الذات والمال، على حساب أطفال العالم.

باعتقادي أنّ شخصية نور الحنونة الطيبة ستجذب الطفل، لأنه سيتعاطف وينضم معها لصرختها المحبة للخير لكلّ البشر. وأنهي قراءتي بصرخة ما زالت مستمرة قالها شاعرنا القومي توفيق زيّاد حين قال” وأعطي نصف عمري للّذي يجعل طفلا باكيا يضحك”.

وقال المحامي حسن عبادي:

تتحدّث القصّة عن الطّفلة “نور” (الّتي فقدت بصرها نتاج الاجتياح العسكريّ)، ينقصها اللعب بالكرة في ساحة الحارة مع الأطفال، فتتابع أخبار الحرب مع الأسرة، وفي نومها حلمت بمناجاة القمر، الّذي أهداها حزمة من النور العُلُويّ قائلا:” فقط آمني بها، واجعليها تُنير قلبك أوّلا، ثمّ ضَعي يدك فوق موضع القلب، واطلبي منها ما شئت عند الحاجة”. ومن البديهي أن يكون طلبها الأوّل “أعيدي لي قوّة بصري كما كانت قبل الاجتياح العسكري، لا أريد أن أضعَ نظّارةً…” وكان لها ما طلبت وتمنّت.

أمّا الطّلب الثّاني فكان أن تعيد حزمة النّور البصر “إلى كلّ من أُصيب أثناء الحرب، وفقد بصرَه أو ضعُف بصره فاستجابت لطلبها/ أمنيتها وعاد النور لعيون جميع من فقد بصره من أهالي البلد.

وكان الطلب الثّالث “تساعدي سالماً وتُبرئي له قدمه لكي يلعب ويشارك أصدقاءه، وفعلا شفت قدمه من إصابتها وعادت سليمة كما كانت.

أمّا الطلب الرابع فكان لشفاء زميلها عادل، دائم الإنطواء والتفكير منذ سمع صوت الانفجارات الأخيرة، وشفي عادل وعاد يلعب كرة القدم مع زملائه.

الحروب والقصف أفقدت الجميع الشعور بالسعادة والطمأنينة فكان طلب نور الخامس “أريد أن يفرح كل الأطفال في كلّ مكان” فعادت الحزمة “ومعها صورة أطفال العالم وهم فرحون، مبتسمون، مبتهجون، ومحتفلون بالسلامة من كلّ ما كان يؤذيهم”.

وكان الطلب القادم لنور:” ليتك يا حزمتي الطّيّبة تدخلين القلوب، وتمحين منها شعور الحقد، والكراهيّة، والأنانيّة، وتملئينها بالحُبّ، والخير، والتّسامح، فيسود السّلام والاستقرار… ولا تعود المشاكل والحروب لتسبّب الموت والحزن والدّمار.”

واستيقظت نور من حلمها وفي فمها دعاء إلى الله “ربّي حقّق السّلام على الأرض، وبين الناس كلّ الناس…في كلّ مكان”. يل لها من أمنية صادقة طيّبة.

قصّة هادفة تعكس ثقافة المحبّة والتسامح والخير.

قرأت غالبية قصص الأطفال التي نشرتها الكاتبة نبيهة جبارين فوجدتها تحملُ رسالةً واضحةً غايتُها تربيةُ الطفلِ، تحسيسُ الطفل بعالمِه وبشخصيّتِه مراعيةً عمره الزمني وقدراتِهِ العقليّةِ. مما يلفت الانتباه اهتمام الكاتبة بالرسومات الجميلة المرافقة لكتبها ونصوصها، وكذلك صور الأغلفة، حيث أن هذه الرسومات تمكن الطفل من فهم الأحداث وتسلسلها وتذويتها حتى لو أنه لا يعرف القراءة، وهذه الرسومات تبعث الروح في النصوص وتثريها، فالطفل يهتمُ في مراحلِه الأولى بالصورةِ وتجذبه، حيث تنقلُ له الرسالةَ منذ الوهلةِ الأولى ويذوّتها، وزاد ذلك في عصر اليوتيوب والتيكتوك وغيرها.

استعملَت الكاتبة لغةً بسيطةً، عربيّةً فُصحى، والتزمت بها ليفهمها الطفل، بعكس بعض كتاب القصة الذين يكتبونها باللغة العاميّة المحكيّة مما يشكّل جريمة نكراء بحق أطفالنا ولغتنا، أسلوبها سلس ومشوّق وانسيابي مما يحبّب الطفل بلغته العربيّة ويقرّبه منها وإليها.

ملاحظات لا بدّ منها: جاءت نهاية القصّة مبتذلة، فمن غير المعقول أن تردّد نور وجميع أفراد عائلتها: “المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السّلام، وبالناس (وليس في النّاس، مع أنها تُلفظ كما كتبت الكاتبة) المسرّة.”(إنجيل لوقا 2: 14) مقرونة بآية من الذكر الحكيم؟

كما وتنقص القصّة الفئة العمرية المستهدفة، ويتوجّب ترقيم صفحات القصة.

وقال بسام داود:

القصة خيالية هادفة تندرج تحت ادب الاطفال وهي تعبر عما يجول في نفوس الاطفال الذين يعيشون ظروف الحرب، وما تسببه لهم من خوف وتوتر واضطراب مما يدفعهم للتفكير في الهروب من هذا العالم الى مكان يتوافر فيه الأمن والسلام والاستقرار، كما قالت نور انها تود ان تكون نجمة أو ان تعيش عند القمر لتبتعد عن العالم المليء بالحروب والظلم والقهر .

وتمنت أن تكون مثل القمر فهو جميل يحب الخير ينتشر نوره في كل مكان، وتود أن تساعد الجميع دون عنصرية أو تمييز.

قدم لها القمر هدية عبارة عن حزمة من النور تحتفظ بها في قلبها لتستطيع مساعدة الجميع وبالفعل ساعدت نفسها ورجع اليها بصرها بشكل طبيعي ثم ساعدت أصدقاءها للتخلص من أمراضهم كما دارت الحزمة على مصانع ومخازن الأسلحة ودمرت كل ما فيها ليعيش العالم بأمن وسلام واستقرار .

صحيح ما ذكر هو عبارة عن حلم لكنه هو المطلوب، وكلنا نتمناه لنتخلص من كل أنواع العنف والدمار والخراب وليعم الأمن والسلام .

العبر المستفادة من هذه القصة :

– أن نحب الخير للغير كما نحبه لأنفسنا، وهذا يتطابق مع حديث رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- يقول: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه .

-نبذ الأنانية .

-نبذ العنصرية.

-نبذ العنف والكراهية .

-الدعوة الى المحبة والتسامح .

-غرس القيم والأخلاق في نفوس أطفالنا .

-الحرص على أطفالنا لعدم مشاهدة أخبار الحروب والعنف لما لها من أثار سلبية عليهم .

-تشجيع الأطفال للقيام بألعاب رياضية لما فيها من الفائدة لأجسامهم ولتبعدهم عن الألعاب الإلكترونية .

– كما أن لهذه القصص الكثير من الفوائد للأطفال تحببهم بالقراءة وتزيد مهاراتهم اللغوية، وتحثهم على الابداع والتفكير وتنمية المواهب، وفيها تسلية لهم وإرشاد وتوجيه.

وكتبت المحامية سيما صيرفي:

القصة القصص موجهة للأطفال وتعكس مواضيع إنسانية واجتماعية عميقة، وتتسم بروح الأمل والتفاؤل. تثير القصة عدة قضايا تتعلق بالطفولة، الحرب، والأمل، مما يجعلها تلامس قلوب القرّاء من مختلف الأعمار. فهذه القصة تعتبر إضافة متميزة للأدب العربي الموجه للأطفال، حيث تجمع بين السرد القصصي المشوق والرسالة الإنسانية العميقة.

نجحت الكاتبة في نقل مشاعر الأمل والإصرار على الخير في ظل الظروف الصعبة، مما يجعل من القصة نصا مؤثرا يبعث على التأمل والتفكير لدى الأطفال والكبار على حد سواء. تتجلى براعة الكاتبة في رسم شخصية الطفلة نور، بطلة القصة التي فقدت معظم بصرها، والتي تجسد الطفولة الحالمة والروح الإنسانية النقية. فـنور ليست مجرد طفلة تراقب من الشرفة، بل هي عقل مفكر يطرح تساؤلات عميقة حول الظلم والشر في العالم، وتتمنى أن تكون “نجمة” لتبتعد عن الظلم والفقر والجهل. هذا العمق في تصوير الشخصية يظهر منذ بداية القصة: تَتَمَنَّى أَنْ تَكُونَ نَجْمَةً حَتَّى تَبْتَعِدَ عَنِ الظُّلْمِ، وَالْفَقْرِ، وَالْجَهْلِ. تعكس هذه الأمنية رمزية قوية لرغبة الأطفال في الهروب من قسوة العالم والبحث عن ملاذ آمن.

الكاتبة حبارين استخدمت الرموز بفعالية في القصة، مثل حزمة النور التي تمثل الأمل والقوة الداخلية للتغلب على الصعاب. عندما تطلب الطفلة نور من حزمة النور أن تعيد لها بصرها، فتعيد البصر ليس لها فقط، بل لكل من فقد بصره في الحرب، نرى في هذا الموقف رمزاً للأمل الجماعي والإيثار: “أرجُوكِ ياَ حُزمَةَ ٱلنُّورِ ٱلطيِّبةَ أكُونُ سَعِيدَة جِدًا إذِا عادَ ٱلبَصر إلِى كُّلِّ مَنْ أصِيبَ”. هذه الرمزية تتيح للقصة أن تتجاوز حدود الأدب الطفولي البسيط، لتصل إلى أعماق المشاعر الإنسانية.

هذه القصة تحفز خيال الأطفال وتشجعهم على التفكير في قضايا إنسانية كبرى من خلال أحداثها وشخصياتها. على سبيل المثال، رغبة نور في مساعدة زميلها سالم الذي يعاني من إصابة تمنعه من اللعب، فتُظهر للأطفال قيمة التعاون والمساعدة: “أرجُوكِ ياَ حُزمَةَ ٱلنُّورِ ٱلطيِّبَةَ أنْ تسُاعِدِي سالم وَتبرئي لهُ قدَمَهُ”. هذا النوع من السرد لا يروي قصة فحسب، بل يطرح مواقف تستدعي التفكير والتأمل.

تستخدم الكاتبة نبيهة لغة عربية بسيطة وسهلة تتناسب مع مستوى الأطفال، لكنها في الوقت ذاته تحتوي على لمسات بلاغية جميلة تعزز من جمالية النص الأدبي. فمثلا تستخدم الكاتبة أفعالًا بصيغة التوجيه والطلب مثل “أرجوكِ” و”ساعديني” مما يُضفي على القصة شعورا بالحيوية والتفاعل المباشر مع الأحداث، ويُساهم في إبراز التوترات العاطفية والمشاعر النابعة من الشخصيات.

يظهر أن بعض الأحداث تتطور بسرعة في القصة، مما قد يجعل القارئ يشعر أن هناك بعض القفزات الزمنية غير المبررة. فبعد أن تتلقى نور حزمة النور، تتحقق أمنياتها بسرعة فائقة. كان من الممكن أن تستفيد الكاتبة من توسيع السرد لتطوير الحبكة بشكل أكثر تدريجي، مثل سرد محاولات نور لمعرفة قدرات حزمة النور وكيفية استخدامها في مواقف متعددة قبل الوصول إلى المعجزات.

بينما تتميز شخصية نور بعمق كبير، إلا أن الشخصيات الثانوية مثل سالم وعادل وغيرهم من الأطفال لم تحظَ بتطوير كافٍ. كان من الممكن للكاتبة أن تستفيد من إعطاء هذه الشخصيات ملامح وخلفيات أعمق، مما قد يساهم في إثراء الحبكة وزيادة تفاعل القراء مع القصة.

يلاحظ أن الكاتبة جبارين تعتمد في سرد القصة بشكل كبير على فكرة المعجزة كحل للمشكلات، وهذا قد يُفهم على أنه دعوة للأطفال للاعتماد على قوى خارقة لحل مشاكلهم، بدلا من توجيههم نحو البحث عن حلول واقعية وتعزيز مهاراتهم في التعامل مع المواقف الصعبة. كان من الأفضل تضمين مواقف تظهر فيها نور وأصدقاؤها محاولاتهم الفعلية لتحسين حياتهم دون الاعتماد الكلي على حزمة النور.

وكتبت خولة سالم:

بطلة القصة “نور” التي تعاني من مشكلة في النظر نتيجة اصابة في الحرب، وتضع نظارة طبية بشكل دائم، تبتعد عن أجواء الصخب مع أقرانها وهم يلعبون الكرة ربما خوفا من أن ترتطم بشيء أثناء اللعب، تدخل غرفتها وتشعر بالقلق وتبدأ حوارا متخيلا مع القمر، الذي يهديها “حزمة ضوء”، ويطلب منها كلما أرادت شيئا أن تضع يدها على صدرها وتخاطب حزمة الضوء في قلبها بأي شيء تريده، وما أن تشرع باستخدام ملكة “حزمة النور” تلك حتى تستعيد بصرها، ثم تبدأ شيئا فشيئا تخاطب “حزمة الضوء” لرفع الأذى عن مصابي الحروب من أصدقائها، ثم تطلب منها أيضا أن تعيد الطمأنينة والراحة لكل الأطفال في مناطق الحروب، وما أن تتحقق رغباتها حتى تشرع بطلبات أكبر مثلا أن تدمر الأسلحة والمعدات الحربية، ليعيش العالم بامن وأمان.

تجليات السرد تشد القاريء للنهاية بشكل سلس وجميل، ربما اكتشاف أن حزمة الضوء تلك هي مجرد حلم تعيد القاريء الى الواقع فجأة فكأنه يرتطم ارتطاما بالوجع.

وكتبت نزهة الرملاوي:

عرضت الكاتبة في قصتها أفكارا عديدة من بينها:

رسالة إلى الآباء لاحتواء أبنائهم ومساعدتهم على الانخراط في مجتمعهم وبيوتهم بعد أن غزت التكنولوجيا حياتهم، وأحكمت وجودها بين أيديهم.

– إعادة الموروث الشعبي من الألعاب مثل لعبة (الغميضة) ( الحجلة) (صفّت).

– إعانة الأبناء في تفهّم ما يدور حولهم من أمور سياسية كالحروب والحصار وأثرها النفسي والجسدي والمادي عليهم وعلى غيرهم في المجتمع.

– استخدام الخيال في تحقيق الأحلام الفرديّة والجماعيّة يساعد في اقتناص الفكرة وتعميمها. والتي تمثلت ( بحزمة النّور الطّيبة المتخيّلة للشفاء وتحقيق الأمنيات).

– تنمية قيم الانتماء للوطن والتّسامح والخير والسّلام، ونبذ كل أشكال الكراهية والعنف والعداوة السّائدة في المجتمع.

تتطرق الكاتبة لمشكلات وويلات الحروب المتكررة، والقتل والحصار والدّمار الذي يلحق بالنواحي الإنسانية والاجتماعيّة والعمرانية. وأظن أن الكاتبة تأثرت بالحرب الرابعة على غزة عام 2021 أثناء كتابتها للقصة، مما يحسب لها، لأن الكاتب ابن لبيئته، هو نبيّ الكلمات ناشر للحقيقة وإن طعّمها بالخيال.

اختيار الكاتبة لفكرة النور المستمدة من القمر المنعكس من أشعة الشّمس، جيدة وفي محلها، لأن النّور يمثّل الأمن والاستقرار والمحبّة والرّفاه والجمال، وهو عكس الظّلمة والفقر والجهل والسّواد والقتل الذي يبتر الأطراف ويفقد الأبصار ويُميت الأحبة، ويُدمّر البيوت والأحياء والمدن، فتصبح خرابا وركاما، تفقد المساجد مصليها، والمدارس طلبتها ومعلميها، فالحروب لا تخلّف إلا العاهات والأمراض والمآسي والذكريات المريرة.

اتكأت الكاتبة على الأسلوب الخيالي، وطعمته بالجمل التقريرية، مثال (أحبّ أن أساعد الناس دون أيّ حساب للجنس أو اللون أو العقيدة أو القومية).

( دارت الحزمة على مستودعات الأسلحة والمفاعلات النووية، والأساطيل الحربية وكل مستودعات الطائرات المقاتلة وأبطلت مفعولها) هذه الجمل التقريرية كبيرة على مفاهيم الأطفال ومداركهم، لذا أرى أن القصة تناسب فئة الفتيان، ولا تناسب جيل الطفولة.

استخدام الكاتبة لجمل من الإنجيل وآية من القرآن الكريم، يثري القصة ويعزز الإيمان في قلب المتلقّي، ويثبت فكرة الخير ويدعم الإنسانية، أضف إلى ذلك أنّ استخدامها يعتبر دلالة واضحة على رسالة السّلام والحبّ والتّسامح، ونبذ الحقد والغلّ في كلّ الشّرائع السّماوية.

استخدام النشيد في القصة يقلل من انفعالات الحزن ويساعد على الابتهاج والفرح، وترسيخ الفكرة في ذهن المتلقّي.

للخير والسّلم قد غنّت القلوب

ندين بالحبّ لا وقت للحروب

لا وقت للقتال وليس للسّلاح

بل ننبذ الشرّ وتقبل الأفراح

العرض:

جاء عرض القصّة عن طريق حلم ومناجاة قمر وهب نور بطلة القصة حزمة من نور، بعد مشاهدتها صور الحرب والقتل والدمار في التلفاز، وأكد لها القمر أن مفعول تلك الحزمة النورانية لا يكون إلا بإيمان عميق يسكن قلبها، وأنها سوف تحلّ مشاكل العالم وتعيد إليه روح الحياة.. وأول تجربة لمفعول الحزمة أنها أعادت قوّة بصر نور، كما كانت قبل الاجتياح العسكريّ، وأعادت الفرح إلى قلبها وقلوب محبيها، بعد أن سمعت شكرهم لله وأهازيج تسابيحهم.

لم تكن نور أنانية، فقد طلبت من الحزمة أن تعيد البصر لكلّ من فقد بصره بسبب الحروب.

وأن تعيد أطراف من بترت أطرافهم نتيجة القصف، فقد أعادت لسالم رجله التي بُترت، وأعادت لعادل هدوءه النفسيّ، وشفي من انطوائه على نفسه إثر خوفه من أصوات المتفجّرات.

شاركت نور أهلها بفرحها وبما تمّ إنجازه، فقد طلبت من الحزمة أن تدور وتعيد السّلام والفرح إلى قلوب الناس في كلّ العالم، بدل الكراهية والحقد والقتل والدمار، وقد أشارت إلى ذلك قائلة:( ليتك يا حزمتي الطّيّبة تدخلين القلوب، وتمحين منها شعور الحقد والكراهيّة والأنانيّة، وتملئينها بالحبّ والخير والتّسامح، فيسود السّلام والاستقرار، ولا تعود المشاكل والحروب لتسبّب الموت والحزن والدّمار) فكان لها ما تمنت وطلبت، فقد أبطلت حزمة النور كل أسلحة الفتك وإبادة البشر، ورسمت على وجه الصّغار الفرحة والابتسام.

ذكرت الكاتبة في نهاية القصة أن (نور فرحت للفكرة الجميلة وللانجاز الخيري للأطفال ولكلّ الناس) ولكننا لم نلحظ وجود عمل خيري للأطفال في القصة؟

ترى هل يتحقق حلم نور، وتعمم رسالتها في مجتمعات تعاني من العنصرية والكراهية والقهر والاستبداد وتبيد الفرح في القلوب؟

هل تعيد للمدن بهاءها ومبانيها وجمالها؟ وللقرى اخضرارها ومواسم عزّها وبساطتها، بعد أن داستها بساطير الغرباء ومستوطناتهم؟

هل تعيد الحقّ لأصحابه، ويعيش الانسان بعيدا عن الحروب اللعينة وقسوتها، هل تبعده عن الضّغينة والكره والمجازر؟

وكتبت مريم حمد:

القصة تنطوي على عدة جوانب مثيرة للاهتمام تتعلق بعلم نفس الطفولة وتأثير الحروب على الأطفال. من خلال هذه القصة، يمكن ملاحظة كيف تعكس هذه القصة أفكار الأطفال وخيالاتهم الداخلية، والطريقة التي يتعاملون بها مع الصراعات الخارجية، مثل الحروب والضغوط النفسية الناتجة عنها.

تحليل نفسي للقصة

الهروب إلى الخيال: نور، بطلة القصة، تعكس سلوكًا شائعًا لدى الأطفال في ظل الظروف الصعبة مثل الحروب؛ حيث تلجأ إلى الخيال كوسيلة للهروب من الواقع القاسي. تفاعلها مع القمر وحزمة النور يمثل هذا الهروب النفسي إلى عالم أكثر أمانًا وسلامًا.

حزمة النور كرمز للأمل: في خيال نور، تتلقى هدية من القمر، وهي حزمة من النور العلوي. هذا يمثل رمزًا للأمل والتفاؤل الذي يمكن أن يحمله الأطفال في قلوبهم رغم الظروف الصعبة. الأطفال يحتاجون إلى مثل هذه الرموز النفسية للبقاء متفائلين وقادرين على التعامل مع المصاعب.

استعادة القدرة على الإبصار: يمكن تفسير استعادة نور لقدرتها على الإبصار كرمزية لاستعادة السيطرة على حياتها في ظل الظروف المظلمة. هذه الفكرة تعبر عن رغبة الأطفال في استعادة الشعور بالأمان والقوة وسط الفوضى، لكن من الممكن أيضا أن تكون هذه المعلومة غير مناسبة؛ لأنها انتقلت من عالم الخيال بها لشيء ملموس وهو الأبصار وها يتناقض مع الطبيعة.

أثر الحروب على الأطفال في القصة

القصة تسلط الضوء على التناقض بين براءة الأطفال وفرحهم في اللعب وبين الواقع المرير الذي يحيط بهم، المتمثل في الحروب والدمار. عندما تعود نور إلى البيت وتشاهد نشرات الأخبار، ينتقل تركيزها من اللعب إلى التفكير في ويلات الحرب وتأثيرها على حياة الناس، خاصة الأطفال. هذا التغيير في الجو من المرح إلى القلق يعكس تأثير الصدمات النفسية على الأطفال الذين يعيشون في مناطق نزاع

ملائمة القصة للأطفال

القصة تعزز مفهوم الأمل وقوة الخيال في التغلب على الصعوبات. كما تقدم فكرة عن كيفية تعامل الأطفال مع الأزمات من خلال الرموز والأحلام، مما يجعلها مفيدة للتعامل مع المشاعر الصعبة.

القصة قد تكون غير ملائمة للأطفال الأصغر سنًا بسبب التباين بين جو المرح في بداية القصة والجو الكئيب المرتبط بالحرب والدمار في الجزء الأخير. الأطفال قد يجدون صعوبة في استيعاب هذا التناقض، أو قد يزيد ذلك من قلقهم، خصوصًا إذا كانوا يعيشون في بيئة مشحونة بالصراعات.

القصة تحمل قيمًا نفسية واجتماعية مهمة، وتستخدم الرمزية بطريقة مبدعة لنقل رسالة عن الأمل والصمود في وجه الظروف الصعبة. ومع ذلك، يجب توخي الحذر عند تقديم مثل هذه القصص للأطفال، خاصة إذا كانوا يعيشون في بيئات متوترة، حيث قد يكون من الأفضل تعديل المحتوى لجعله أكثر انسجامًا مع أعمارهم واحتياجاتهم النفسية.

وقالت د. رفيقة عثمان:

والنّشر (كريم عثامنة) كفر قرع؛ وتصميم الرسّومات الفنّانة: هيفاء الحسين.

اختارت الكاتبة موضوعًا هامّا وشائكًا، لم يتطرّق إليه الكثير من الكّتّاب؛ تجنّبًا من تبعاته وحساسيّة الموضوع. برأيي هذا الاختيار مُوفّق؛ نظرًا لقلّة الاهتمام والعناية الملائمة بهؤلاء الأطفال، من قِبل المُعالجين والأهالي.

كان هدف الرّواية الأساسي هو: إبراز أهميّة وتبعات الحروب، وما تجنيه من مصائب، وويلات على حياة الأطفال والنّاس؛ من عاهات جسديّة، واضطّرابات نفسيّة، وغيرها.

هدفت الكاتبة من وراء السّرد زرع الأمل والفرح في قلوب الاطفال، ومناشدة السّلام؛ فابتكرت طريقة علاجيّة خاصّة، وهي:” أن تتمنّى الطّفلة نور ما تشاء من حُزمة النّور العليا، وعليها أن تتقبّلها وتثق بها، وأن تضع يدها فوق موضع القلب، وتطلب ما تشاء”؛ فتتحقّق هذه الأمنية.

برأيي الشّخصي، هذه الطّريقة العلاجيّة، بالتأمّل والتّمني، يكون تأثيرها مؤقّتًا، كنوع من تهدئة النّفس في روح الأطفال، وهي طريقة غير كافية، وغير مُقنعة لعقليّة الأطفال، أو اليافعين وهي غير عمليّة؛ ربّما لو ِاختارت الكاتبة بعض الفعاليات التّربويّة المُختلفة، والّتي تتيح للأطفال التّعبير عن النّفس، بالرّسم، والفنون، والرّياضة، والموسيقى، وتمثيل لعب الأدوار؛ بالإضافة للحوار مع الأهالي والأخصّائين الاجتماعيين والنفسانيين وما إلى ذلك.

زمنكيّة القصّة: افتقرت القصّة إلى ذكر اسم أماكن الحروب، وزمن حدوثها، على الرّغم من معاصرة مجتمعنا العربي والفلسطيني في غزّة، للحروب الّتي أودت بحياة العديد من الاطفال، وخلّفت العديد من الأطفال بفقد الآباء، والأعضاء الجسديّة، والاضطّرابات الفسيّة؛ الّتي لم تحظَ بعناية ملائمة. ربّما قصدت الكاتبة من عدم ذكر المكان والزّمان، هو تعميم هذه القصّة عى كافّة الأماكن بالعالم.

استخدمت الكاتب جبّارين أسلوبًا سرديًّا معتمدًا على الخيال، والسّرحان، والأحلام، والأمنيات؛ بلغة عربيّة فصيحة، تخلو من الّلهجة العاميّة؛ لغة ذات مستوى عالٍ يناسب الأطفال من جيل الثّامنة وما فوق.

نور هو اسم الطّفلة بطلة القصّة، هذا الاختار نسبة إلى حُزمة النّور الّتي رافقت الطّفلة نور، عند تحقيق أمنياتها، وإعادة النور إلى بصرها والاستغناء عن استعمال النّظّارة. بالإضافة لتقبّل حُزمة النّور الصّادرة في قلبها.

في نهاية القصّة، ذكرت الكاتبة بأنّ حزمة النّور ” دارت على مستودعات الأسلحة، والمفاعلات النّوويّة، وكل مستودعات الطّائرات المقاتلة، وكل الأساطيل الحربيّة، وحتّى محازن السّلاح اليدوي وأبطلت مفعولها”. برأيي الشّخصي: إنّ هذه الفكرة غير مقنعة، وفيها شيء من الاستخفاف بعقول الأطفال؛ لأنّها بعيدة كل البعد عن الحقيقة، عِلمًا بأنّ الأطفال في عصرنا هذا مسيطرون على وسائل التّواصل الاجتماعي، ويملكون المعرفة، واكتشاف الحقائق حول الحروب بكلّ تفاصيلها. الخيال في هذه الحقائق غير مقبول.

وردت اقتباسات دينيّة في القصّة دعمًا للسّلام وتقوية رغبته كما ورد من “المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السّلام، وبالنّاس المسرّة” (إنجيل لوقا 14:2)؛ كذلك ااستخدمت الكاتبة اقتباسا دينيّا آخرَ من القرآن الكريم: “بسم الله الرحمن الرّحيم- ونزعنا ما في صدورهم من غلّ إخوانًا على سُرر متقابلين” (سورة الحجر:47). هذان الاقتباسان من الديانتين: المسيحيّة والسلامية، فهما دعوة للتّصالح والسّلام.

نظمت الكاتبة أنشودة تحثّ الدّعوة للسّلام والمحبّة، وتغرس الأمل في نفوس الأطفال؛ هذه الأنشودة منظومة بلغة عربيّة فصيحة على قافية، وسجع، وتصلح للتلحين وتداولها بين الأطفال.

خلاصة القول: قصّة “حُزمة نور” قصّة تصلح للأطفال، مع التّوجيه ولليافعين بالتّخلّي عن الصّور؛ في الحالتين ليست بحاجة للخيال. الفكرة رائدة، بينما طريقة التّعامل مع العلاج غير كافية وغير مقنعة.

وقالت ميرا إيّاد جبارين:

“حزمة نور” عنوان مميز يجذب الأطفال، ولو أننا لم نقرأ القصة لوضعنا الكثير من المعاني والتخيلات حول هذا العنوان، أقول وأكرر عند الحديث عن أي قصة أطفال الصور الكثيرة تشتت الطفل عن القراءة في حين أن قلة الصور تجعل الطفل يرسم بخياله أكثر من صورة للقصة.

اللغة المستخدمة بسيطة مناسبة جداً للأطفال، وفكرة القصة كانت مميزة، وقد أظهرت القصة مدى براءة ونقاء وجمال قلوب الأطفال وأحلامهم اللطيفة، حلمت البطلة بعالم بلا حروب بلا تفرقة عنصرية، بعالم خال من الأوبئة والأمراض، وهذا يعكس لنا مدى سوء هذا العالم ومدى تأثير هذه الحروب على الأطفال، وأكبر مثال على ذلك حرب غزة فكم طفلاً استشهد وكم طفلاُ تيتم وتشرد وكم طفلاً فقد عينا أو رجلاً أو عضواً من جسده . نحن في فلسطين فقدنا الأمان الذي هو أبسط حق لنا.

كانت أحلام الطفلة كبيرة تغرز الأمل في نفوس بقية الأطفال وتحفز خيالهم وأحلامهم .

في النهاية وددت لو أن المؤلفة تحدثت عن الأخيار في هذا العالم حتى لو كانوا قلائل كما تمنيت لو أنها تحدثت عن الأعمال الإنسانية وغيرها من الأمور الجيدة في عالمنا هذا. في النهاية القصة جميلة وممتعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة