من معاني الاحتفال بمولد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم
معمر حبار
تاريخ النشر: 08/09/24 | 8:50الاحتفال بمولد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم هو احتفال بالنّصر:
ولد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، في عام الفيل. وفي 12 من شهر ربيع الأوّل. وحاول حينها أبرهة الحبشي، وجيشه أن يهدم الكعبة “فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ”، سورة الفيل: 5. إنّ الله تعالى دافع عن بيته الكريم، إكراما لمولد حبيبه سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
هزيمة أبرهة، وجيشه يوم ولادة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، دليل على أنّ الاحتفال بمولد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، هو احتفال بيوم النصر، والنّجاة.
نصر الله تعالى حبيبه سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وهو في بطن أمّه. ونصر أمّته في حياته، ونصرها وينصرها بعد التحاق سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، بالرّفيق الأعلى. وأمّته صلى الله عليه وسلّم أمّة النّصر. ولا يخدعنّك ماتعيشه الأمّة من سقوط، وجروح، وآلام، وانكسار. فتلك ظاهرة صحية في جميع الأمم ولفترة من الزّمن، وفي محطّة من محطاتها التي لم تحسن فيها التّعامل مع السّنن الكونية.
الاحتفال بمولد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم هو احتفال بالثّقة بالله تعالى:
دخل جدّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، عبد المطلب على أبرهة الحبشي وطالبه أن يعيد له غنمه. وخاطب أبرهة بلهجة الواثق، وغير الخائف: أنا ربّ الغنم، وللبيت ربّ يحميه.
آمن عبد المطلب بنصر الله فانتصر، وانتصر ابنه سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، الذي كان يعامله معاملة الإبن. وانتصرت الأمّة. ولا يطلب منك في المعركة غير الثّقة في الله تعالى.
الاحتفال بمولد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم هو احتفال بالدّفاع عن الأرض، والعرض:
عبد المطلب كان فردا واحدا. وواجه قوّة لاقبل لقريش، والعرب مجتمعة بها. وحين تحتلّ الأرض، ويدنّس العرض فواجه ولو بمفردك، وبما تحسن، وتملك. لأنّ النّصر من عند الله تعالى. والوسائل تبع لنصر الله. “وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ۚ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ”، سورة الأنفال: 10. فالاحتفال بمولد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، هو احتفال بالدفاع عن الأرض، والعرض، والوفاء، والصّدق، ومواجهة الخيانة من أيّ كان، ومهما كان.
من فضائل الاحتفال بمولد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، الانكسار لله تعالى وحده، وأن لامكانة للخيانة:
قد يقول: وماذا يفعل الفرد بمفرده أمام قوّة خارقة لاقبل للدولة، والمجتمع بها. كقوّة الفيل يومها. والإجابة: لكي تعرف قيمة الفرد تخيّل لو أنّ عبد المطلب -وهو فرد- خان العرب، وقريش، ومكّة وهو كبيرها، وعظيمها، وسيّدها، وزعيمها الذي يطيعه الجميع، وكلمته سارية على الجميع.
لايطلب من الكبير -رئيس الدولة حاليا، والدولة، والمجتمع تحقيق المعجزات التي يعجزون عن تحقيقها. إنّما يكفي أن لاتخون، وتواجه العدو بما تستطيع. فعبد المطلب لم يكن يملك غير بعض الغنم، واستردّها من يد قوّة عاتية لاقبل له بها. وظلّ يدعو الله تعالى، أن يحمي بيته. فالاحتفال بمولد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، هو احتفال بالانكسار لله تعالى، ورفع اليد لله تعالى وحده دون غيره. وحين تتلبّد السّماء، وينقطع الرّجاء إلاّ من الله تعالى. و”إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا”، سورة الأحزاب: 10.
لايؤمن بالاحتفال بمولد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، إلاّ مؤمن بالله تعالى، ومدافع عن مقدّسات الأمّة:
عبد المطلب كان يؤمن بالله تعالى. لأنّ نسل سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، طاهر شريف. وعبد المطلب دافع عن أرضه، ومقدساته بما يملك، ويؤمن به. ولا يدافع عن أرض الأمّة، وعرضها، ومقدّساتها إلاّ مؤمن بالله تعالى، وبسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وبالدّفاع عن مقدّسات الأمّة. ومن هنا كان الاحتفال بمولد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، هو احتفال بالإيمان بالله تعالى، وبالمدافعين عن أرضها، وعرضها، ومقدّساتها.
الاحتفال بعظمة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، التي لا ينافسه فيها أيّ كان، ومهما كان:
سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، عظيما وهو في عالم الغيب، وعظيما وهو في بطن أمّه، وعظيما قبل أبرهة -وغيره-، وعظيما بعد أبرهة -وغيره-. والاحتفال بمولد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، هو احتفال بعظمة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. ولأجلها كان الكون، والأمّة.
لايحقّ أن تنافس عظمة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، بـ: رجل كسيّدنا الصّدّيق، أو امرأة كسيّدتنا أمّنا عائشة، أو بنت كسيّدتنا فاطمة، أو ابن عمّ كسيّدنا علي بن أبي طالب، أو حفيد كسيّدنا الحسين، أو فاتح كسيّدنا خالد بن الوليد، أو قائد كسيّدنا عمرو بن العاص، أو كاتب كسيّدنا عثمان بن عفان، أو خليفة كسيّدنا عمر بن الخطاب. فإنّ ذلك من سوء الأدب، وقلّة الأدب، واستهتار بعظمته صلى الله عليه وسلّم، التي لاينافسها أحد. وكلّ تبع لها، وبفضلها، ومهما كان.
من احتفل بمولد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، سينال من عظمة الاحتفال، وينقله للأجيال إن استمرّ:
احتفل عبد المطلب بمولد ابنه سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. فأكرمه الله تعالى برعاية حبيبه صلى الله عليه وسلّم في طفولته. وكلّ مظاهر القوّة، والعظمة التي ميّزت عبد المطلب عن العرب، وقريش هي تبع، وجزء من عظمة احتفاله بمولد ابنه صلى الله عليه وسلّم، التي كانت من نتائجها عظمة رعايته صلى الله عليه وسلّم. والأمّة التي تحتفل طوال حياتها بمولد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، طوال حياتها ستنالها عظمة الاحتفال، وستنقله لأجيالها. فهي من عظمة إلى عظمة.