أم الفحم عروسٌ …حِنّاؤُها من ربِّ السماء !

تاريخ النشر: 27/11/11 | 5:25

سلوا المطرَ !

سلوا الرياحَ والرمالَ والشجر !

سلوا النساءَ .. حين يَلفَحَهُنّ البرْدَ والخِواء …

على أبوابِ الرحيلِ صوبَ الصَّبْر

سلوا الرجالَ المُلَثَمينَ بالدّم

والحنينِ لِصُبحٍ يُغادرُ الظلام

وَيَغسِلُ السّنينَ .. مِن ذُلِّ

سلاحِ الخاسرين !

سلوا .. أم الفحمِ الصمود !

سلوا .. أشلاءً تبعثرتْ في الهواء .

يا أبناءَ البَلدِ الواحِد .. أما آلمَتكُم الدّماء؟

حزينةٌ أمُّهُم !

وباكيةُ عيونٌ هزّها الحُزْن

حين احترقت بتطايُرِ الأشلاء !

أم الفحم الصّبر ..!

يا وجعَ الألمِ .. وصمتِ العشيرة

يا ظلالَ الأيامِ العسيرة

يا رمالَ الجدبِ .. حين تُفلِحُ في إنباتِ الزّهر

فتُدهشُ الزُّرّاعَ اليائسينَ بالثمار !

يا هَمْسَةَ طفلٍ يُقاوِمُ الموتَ .. بلا أعوان !

يا صَرخَةَ امرأةٍ .. فَقَدَ بيتُها حرارةَ الأسماء

يا صمودَ الترابِ المر !

أم الفحم طوبى للأحرار ..

طوبى لشقيقةِ القدسِ الغضب

وهنيئا .. للصّاعدين لسماءٍ بلا ظلام

نورٌ يَنشَقُّ عن نور

وينتشرُ الوَهَجُ في العيون

في عُمْقِ الحَدَ قات

وعلى حوافِّ الأهداب

نورٌ يسري في الجسدِ .. دماً لا يَنسَكِب

وماءً لا يجف

نورٌ يزرعُهُ الشهداءُ .. على وجهِ الغَيم

فتضحكُ السماء ..!

أم الفحمِ يا طعمَ الصُّمود

حين يصيرُ حُلواً .. على الْسِنةِ الرجال

وحين يغادرُ الصّمتُ عُيونَهم

ليسكُنَها ضياءٌ يَقهرُ الحزنَ .. ويفترسُ الظلال..

أم الفحم يا وجعَ الأحرار…

حين يُطبِقُ العَجْزُ على المِعْصَمَين

وحين يتمَزَّقُ الكفُّ بكثرةِ الأحمال ..

حِملُنا .. ثقيلٌ أم الفحم !

لكننا .. نضُمُّكِ تحتَ عظامِ الصدر

ونصرخُ .. آهٍ يا صبرَ الرجال !

آه يا دمَ الأبِ والابن !

ويا صرخةَ الأراملِ .. في شوارعِ الضحايا الساخنة

يا حيرةَ الصغار

وهم يراقبونَ الطفولةَ تغادرُهُم .. على نُبوءاتِ الرَّصَاص !

أم الفحم نُهديكِ منا السلام !

مصيرُ الأحرار واحد ..

وصمودُنا طريقٌ واحد

صوبَ أنفُسِنا التي غادرناها طويلاً

وأضعنا الطريقَ إليها بالنُّعاس ..

لا سبيلَ للصَّمتِ .. أو التثاؤب !

والدنيا تَتَفَجَّرُ حولَنا بالكلام

لا مكانَ للأعُينِ المُغَطّاةِ بالاسمنت

ومن حولِنا .. تتحدثُ الصُّوَرُ بألْسِنَةٍ من نار !

لا مجالَ للتَّجَاهُلِ .. والرَّصاصُ يُخطِئُك ..

ليَستقِرَّ في صدرِ أخيك

لا معنى للتراجع

يُمكِنُنَا أن نكونَ أكثرَ جدوى

أكثرَ صدقاً .. وأكثرَ رجولة !

عندما يشتدُّ بالعِزَّةِ ساعدُ القبيلة

غَصَّةُ القلبِ تصيرُ تكبيرات

في الشوارعِ المُحتَرِقَةِ بالرَّصَاص

ولا سبيلَ لماءٍ غيرَ ماءِ السماء !

فامنحينا .. بإذنِ اللهِ ماءَكِ يا سماء

أمطِرينا .. حُباً لهذهِ الدّيار

فأخُوَّتُنا .. دمٌ يسري في عروقِنا

عَطَّرَهُ فجرُ هذا الظلام

دمٌ هنا ودمٌ هناك !

يُغيظُهم التفافُ العشيرةِ .. حولَ نارِ الإخاء

يُخيفهم أنْ تَشُدَّ اليَدِ يداً أخرى .. محَمَّلةً بالضِّياء

فاقهريهم أم الفحم ..

ولَمْلِموا .. شجاعَتَكُم يا أحرار..

مصيرٌ واحد !

أم الفحم عروسٌ …

حِنّاؤُها ليست دماء !

أم الفحم عروسٌ …

حِناؤُها من ربِّ السماء !

( القصيدة القيت في خيمة الاعتصام ضد العنف في ام الفحم يوم الخميس 24/11/2011 )

بقلم  الشاعر خالد احمد خليل اغبارية – مشيرفة

‫3 تعليقات

  1. حياك الباري شاعري الكريم على ابيات قصيدتك المتميزة بالجوهر والكلمات..

    الثقافة بانواعها الدواء للعنف المستفحل بربوعنا..مع الثقافة ومن خلالها ننمي

    المعرفة..الادراك..السلوكيات العقلانية, حين نتغلب على الجهل, نتغلب على العنف..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة