عدنا للمدارس … وأيّ عودة
بقلم أ. يوسف كيّال
تاريخ النشر: 26/09/24 | 13:29لا أريد كمعلّم ان أشكّك بمكانة المعلّم، ولا لأدفعه أن يعيد النّظر في اختيار هذه المهنة، والتي لطالما تبوّأت مكانة مرموقة على مدار العصور في مجتمعنا، بقدر ما أريد من خلال مقالي هذا ان أشخّص بصورة موضوعيّة، عقلانيّة وواقعيّة الأزمة التي يواجهها ويعايشها المعلّم وقد أستأنف ممارسة مهنته مؤخرًّا. فالمعلم لا يمكنه التنكّرللمكانة الاجتماعيّة والإنسانيّة الرّاقية التي تسربل بها.
فمِن وَصْفِهِ بإشارة أنّه يتبوّأ مكانة تشبه مكانة الرّسل، إلى قول بعضهم: “من علّمني حرفا صرت له عبدًا”، وهذه المكانة ليست حصريّةً على المعلّم العربي أو الفلسطيني أو المسلم، فقد قالت في الثناء عليه مستشارة ألمانيا السّابقة ميركل إنّه يبقى معلّمًا للقُضاة والمحامين وغيرهم من أصحاب المناصب.
ولكن في حالتنا كأبناء الداخل الفلسطيني، على كاهل المعلّم أعباء ومسؤوليّة ثقيلة تتجاوز بكثير الدّور المناط بالمعلّم المتعارف عليه بين الشّعوب وعلى مدار التّاريخ.
فهنا، في حالتنا، يذهب المعلّم إلى المدرسة ويعود إلى بيته وملفّات الأمانة المهنيّة تتراكم على مائدة ضميره وإنسانيّته، نقل المواد المدرسيّة وتنقيتها من سموم المواد المشبوهة والمشوّهة وأمانة تعزيز الانتماء الاجتماعي والوطني عند الطّلب، وبالتّالي صناعة إنسان جاهز ليقود في مجتمعه، محصن من الآفات الاجتماعيّة،مدرك للتحدّيات السياسيّة، الاجتماعيّة، والاقتصاديّة الناجمة عن طبيعة واقعنا على هذه الأرض.
أذن، هي مسؤوليّة تتجاوز مجرّد نقل مواد تعليميّة، فنحن كمعلّمين تتطلّب المروءة المهنيّة منّا أن نكون قدوات ومربّين ومنارات خير وواعين سياسيًّا واجتماعيًّا وتربويًّا وأصحاب خُلُق ومواقف سياسيّة نظيفة، محترفين مهنيّا و محترفين في “صناعة” الإنسان وأهلٌ لما وصفونا به. فهل ندرك ذلك ونحن في طريقنا الى حصون طلّابنا وطالباتنا؟ .