محاذير في الاستخدام المفرط للهاتف الخلويّ!
د. محمود أبو فنه
تاريخ النشر: 22/10/24 | 16:061. شيوع استخدام الهاتف الخلويّ وفوائده:
تشير الإحصائيّات إلى شيوع استخدام الهاتف الخلويّ المُفرط في جميع أرجاء العالم، ويقدّر عدد المستخدمين بأكثر من مليار مستخدم.
ويفسّر هذا الانتشار الواسع لاستخدام الهاتف الخلويّ لما له من فوائد وحسنات، مثل: سهولة تفعيله، إمكانيّة “تنقّله” معك واصطحابه لكلّ مكان تتوجّه إليه، تكاليف استعماله – باعتدال – غير مكلفة نسبيًّا، قدرته على الاتّصال والتّواصل مع من تريد داخل البلاد وخارجها على مدار النّهار واللّيل، يتيح التّواصل السّريع مع أفراد العائلة القريبين والبعيدين للاطمئنان على أحوالهم، يسهّل التّواصل الاجتماعيّ مع الآخرين، ويمكّن حامله بمتابعة الأخبار والمستجدّات والوصول إلى المعلومات الّتي يرغب بمعرفتها بصورة فوريّة مباشرة، ويساعد المسافرين على الوصول إلى الأماكن الّتي يتوجّهون إليها (بواسطة ربطه ب – Gps).
2. أضرار وسلبيّات الاستخدام المُفرط للهاتف الذّكيّ:
ولكن، الهاتف الخلويّ/الذّكيّ كسيفٍ ذي حدّين؛ فإلى جانب الفوائد الّتي ذكرتُها – طبعًا هناك فوائد أخرى لم أذكرها – له الكثير من السّلبيّات والمضارّ خاصّة عند الاستخدام المُفرط، والّذي قد يصل أحيانًا كثيرة حدّ الإدمان.
ويجب أنْ نتذكّر أنّ الهاتف الخلويّ يُفقدنا خصوصيّتنا، ويجعلنا مراقبين بكلّ تفاصيل حياتنا وتحرّكاتنا!
إنّ استخدام الهاتف الذّكيّ بكثرة يؤدّي إلى الإضرار بأجسادنا وعقولنا وحتّى بمشاعرنا، وفيما يلي أبرز الأضرار:
3. الأضرار الجسديّة: قد تؤثّر موجاتُ الإشعاع والضّوء المنبعث من شاشة الهاتف الخلويّ على الدّماغ والعينين، خاصّة عند استعماله في الظّلام، وقد يؤدّي ذلك إلى الاضطرابات في النّوم، وإلى الشّعور بالتّعب والإرهاق.
وقد يسبّب استخدام الهاتف الخلويّ كذلك إلى مشاكل في الرّقبة وأوجاع في العمود الفقريّ وذلك يعود إلى الانحناء الدّائم أثناء مشاهدة الشّاشة. كما يؤثّر الضّغط الزّائد على الشّاشة إلى مشاكل في عضلات اليدين والذّراعين.
كما تشير بعضُ الدّراسات إلى النّتائج السّلبيّة من ممارسة الأطفال للألعاب الّتي لا تلائمهم، فيتعرّضون بسبب ذلك إلى أضرار مثل: مرض التّوحّد وضعف المهارات الشّخصيّة.
وأخيرًا قد يؤثّر الإفراط في استخدام الهاتف الخلويّ إلى تقليل نشاط المستخدم وحركته ممّا يسبّب له السّمنة والبدانة!
4. الأضرار العقليّة والنّفسيّة: إنّ الإفراط الزّائد في استخدام الخلويّ قد يتحوّل إلى إدمان خطير، وقد يُصاب المستخدمُ بالاكتئاب والقلق الدّائم والجري المحموم في متابعة مواقع التّواصل الاجتماعيّ. ويزداد هذا الضّرر لدى المستخدمين صغار السّنّ خاصّةً الّذين يتأثّرون من مشاهدة الألعاب الخطيرة، وقد تدفعهم إلى القيام بتصرّفات عنيفة تجاه الآخرين واتّجاه أنفسهم (فهناك مَن أقدم على الانتحار!).
وتكشف إحدى الإحصائيّات عن الإفراط في استخدام الخلويّ الّذي يؤدّي إلى إهدار الوقت الثّمين وتضييعه.
ومن سلبيّات الهاتف الخلويّ إضعاف العلاقات واللُّحمة الاجتماعيّة بين النّاس، فبدلًا من اللّقاءات الشّخصيّة والتّواصل الواقعيّ الفعليّ يلجأ النّاس للتّواصل الافتراضيّ بواسطة الخلويّ، وقد يحدث أنْ تلتقيَ مجموعةٌ من الأشخاص في غرفةٍ واحدة ولكنّهم لا يتفاعلون مع بعضهم البعض، وتجد أنّ كلّ واحدٍ منهم منهمكٌ بهاتفه الخلويّ لا يُصغي ولا يُحادث مَنْ حوله، وقد سمّت عالمةُ النّفس الأمريكيّة توركل هذه الحالة ب “مجتمعون وحدَنا – Alone Together ” حيث تقول: “نحن مجتمعون معًا، ولكن كلّ واحد منّا يعيش داخل فقاعته، مرتبط بشدّة بلوحة المفاتيح وشاشة اللّمس الصّغيرة”.
فالعيش في الفقاعة الافتراضيّة والابتعاد عن التّفاعل مع الآخرين في الواقع تقود إلى العزلة والوحدة.
كما قد يؤثّر استخدام الخلويّ في نظرة النّاس لأنفسهم، ويؤدّي إلى انتشار “النّرجسيّة” وازدياد اهتمام الفرد بنفسه، لأنّ المستخدِم يركّز على نفسه في شبكات التّواصل الاجتماعيّ بالحديث عن نفسه وبعرض صورٍ له، وهناك من يعتبر التقاط صور “السّيلفي” الشّخصيّة ونشرها خير مثال لزيادة ثقافة النّرجسيّة بين النّاس.
وأخيرًا، قد يسبّب استخدام الهاتف الخلويّ وشبكات التّواصل الاجتماعيّ إلى مشاكل بين المستخدمين، خاصّة بين الأطفال واليافعين، ممّا يؤدّي إلى الخصام أو المقاطعة والابتعاد وغير ذلك!
5. بعض النّصائح والتّوصيات للحدّ من أضرار الخلويّ وتقليص استخدامه:
أصبح استخدام الهاتف الخلويّ جزءًا من حياتنا المعاصرة ولا يمكن الاستغناء عنه،
فهو والإنترنت يُساهمان في تعزيز الصّلة والتّواصل بين النّاس في جميع بلدان العالم، وهما مصدران للإثراء والتّرفيه، والمشكلة هي في الإفراط في الاستخدام، خاصّة لدى شريحة الأطفال واليافعين.
فيما يلي بعض الاقتراحات والتّوصيات للحدّ من سلبيّات استخدام الهاتف الخلويّ وأضراره:
– تحديد ساعات الاستخدام خاصّة للأطفال الصغار، على أنْ يكون الكبارُ البالغون قدوة لهم.
– تجنّب استخدام الخلويّ في الأماكن المُحكمة الإغلاق كالمصاعد.
– تجنّب استخدام الهاتف في الشّارع إلّا إذا كنت مضطرًّا لذلك.
– تقليص استخدام الخلويّ في الأماكن الّتي يكون فيها الاتّصال/البثّ ضعيفًا.
– عدم وضع الخلويّ أو شحنه قريبًا من جسد النّائم.
– عدم الإكثار من حمل الخلويّ، ووضعه في حقيبة في حالة عدم الاستعمال.
– الالتزام بعدم إزعاج الآخرين باستعمال الخلويّ في الأماكن العامّة كالمكتبات والمؤسّسات العامّة، أو الحديث بصوتٍ عالٍ يضايق الآخرين.
– يُنصح الآباء بمراقبة استخدام أبنائهم الصّغار للهاتف الخلويّ وفحص ما يشاهدون من برامج وألعاب وأفلام وصور، أو ما قد يتعرّضون له من تنمّر وتهديد أو تجريح وتشهير من الآخرين.
– يستحسن بلورة “اتّفاق” بين الأهل والأبناء حول قواعد استخدام الخلويّ، مثل: عدم استخدام الخلويّ أثناء تناول الطّعام، إغلاق الخلويّ في ساعة معيّنة…
– بخصوص استخدام الخلويّ في المدارس: يُقترح إعداد وثيقة تحتوي على تعليمات واضحة تُظهر للطّلّاب متى وأين وكيف يمكنهم استخدام الخلويّ
ويتمّ توقيع الآباء والطّلّاب على تلك الوثيقة.
– التوقّف عن استخدام الخلويّ لبضعة أيّام لإراحة الجسم من الأضرار النّاجمة عن الإفراط في استعماله مثل: الإرهاق والتّوتّر وغير ذلك.