في الذكرى العشرين لوفاته… هكذا عرفت الراحل ياسر عرفات
الاعلامي احمد حازم
تاريخ النشر: 14/11/24 | 17:50هو محمد عبد الرؤوف عرفات القدوة الحسيني، وهو “أبو عمار” وهو “الختيار” وهو “الرجل الأول” في القيادات الفلسطينية، وهو القائد العام لحركة فتح أكبر الحركات الفلسطينية والتي أسّسها ورفاقه عام 1959 وهو ياسر عر فات صاحب هذه الأسماء التي تلازمت معه في حياته والذي تمر الآن الذكرى العشرون لوفاته أو بالأحرى لقتله في الحادي عشر من شهر نوفمبر/ تشرين ثاني عام 2004. الراحل عرفات هو ثالث رؤساء منظمة التحرير الفلسطينية منذ تأسيسها عام 1964، حيث تولّى رئاسة لجنتها التنفيذية من عام 1969 وحتى وفاته عام 2004،
عشرون سنة مرت على رحيل ياسر عرفات، الذي استطاع ان يصبح من قائد مجموعة ثورية صغيرة، إلى رئيس منظمة تحرر فلسطينية، لكن حلمه لم يتحقق من ثورة الى دولة مستقلة وغادر الحياة وهو يحلم بحل الدولتين الذي ترفضه إسرائيل.
التقيت الراحل لأول مرة في العام 1969، بعد فترة قصيرة من انتخابه رئيسا للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتوالت اللقاءات بعد ذلك، رغم اختلافي معه في الكثير من المواقف. ذكرياتي الصحفية مع الزعيم الفلسطيني الراحل كثيرة ومتعددة، وخلال سنوات طويلة جدا من معرفتي به كانت العلاقة معه في صعود وهبوط، أي أنها كانت مرتبطة بمواقفه من أمور سياسية معينة على الصعيد الفلسطيني. وبما أني لم أكن من المنتمين لحركة فتح التي أسسها وترأسها الراحل حتى وفاته، ولا لأي تنظيم فلسطيني آخر، فقد كانت لدي إمكانية توجيه الانتقاد كصحفي فلسطيني ملتزم بقضيته بالدرجة الأولى، لكل تنظيم فلسطيني تصدر عنه أخطاء سياسية، دون أخذ الاعتبار لقائد هذا التنظيم أو ذاك، وكان الراحل يحترم موقفي.
عرفت أبو عمار قائدا صريحاً ولا سيما مع الصحفيين. فبعد خروج منظمة التحرير من الأردن في سبتمبر/أيلول عام 1970 والتوجه إلى لبنان، التقيت الراحل في بيروت ضمن ثلاثة صحفيين لبنانيين، وذلك في لقاء خاص. وكنت دائما شديد الحرص على عدم إحراج الراحل في أسئلة لا تروق له طرحها، ولذلك كنت أبتعد قدر الامكان عن عدم إزعاجه أو استفزازه، لكن في ظروف سياسية معينة، لم ألتزم بهذا المبدأ. قررت أن لا أضايق الراحل في هذا اللقاء، وأعطيته ورقة صغيرة استأذنته فيها بطرح سؤال عن أخطاء التنظيمات الفلسطينية، والتي تسببت في طرد القوات الفلسطينية من الأردن، وعما إذا كانت منظمة التحرير الفلسطينية قد تعلمت درسا من ذلك، لعدم ارتكاب أخطاء مماثلة في لبنان.
كنت أتوقع من الراحل أبو عمار ردا سلبيا، بسبب حساسية الظروف السياسية آنذاك، وبعد انتهاء جوابه على أحد أسئلة الزملاء، فاجأني بصراحته المعروف بها، بالقول: ” عاوز تسأل إيه يا احمد”. فشكرته وطرحت عليه السؤال علانية. وكان موقفه في منتهى الوضوح والشفافية، وحذر من كل سلوكيات فلسطينية تمس بهيبة الدولة اللبنانية، مع الالتزام كليا باتفاق الطائف من الجانبين الفلسطيني واللبناني.
بعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان في العام 1982 وخروج القيادات الفلسطينية من العاصمة اللبنانية بيروت بترتيب دولي، استقر الراحل أبو عمار في تونس. بعدها بسنوات التقيته في الجزائر، وسألته عن تصوراته للمرحلة القادمة، وماذا بعد تونس. فأجاب مبتسما: ” طبعا فلسطين بعد تونس” ، لكن هذه الابتسامة كانت تخفي وراها الكثير من الأمور، فبعد ذلك انعقد مؤتمر السلام في مدريد، وحصل اتفاق أوسلو البغيض، الذي أوصل الراحل بالفعل إلى الأراضي الفلسطينية ولكن بشروط إسرائيلية.
رحمة الله عليك أبو عمار.