التحذير من الغيبة والنميمة في خطبة الجمعة بمسجد قباء بكفرقرع
تاريخ النشر: 16/11/24 | 13:12 تحدث الشيخ محمود عبد الجبار ابو عطا في خطبة الجمعة في مسجد قباءفي كفرقرع حول “التحذير من الغيبة والنميمة وآفات اللسان” فقال : “الغيبة والنميمة داءان خطيران يسببان عذاب القبر وشدة الحساب، فقد ورد أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- مَرَّ بِقَبْرَيْنِ فَقَالَ: “إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِير، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لاَ يَسْتَتِرُ مِنَ الْبَوْلِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِى بِالنَّمِيمَةِ”.والغيبة والنميمة انتهاك لحرمة المسلم التي أوجب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- صونها وحفظها .
داء الغيبة والنميمة داء من أفسد وأفتك الأدواء التي تبتلى بها الأفراد والجماعات، ومن ثَمَّ حذَّرنا اللهُ -تبارك وتعالى- من هذا الداء في كتابه العزيز فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ) [الحجرات:12].
والغيبة هي أن تذكر أخاك بما يَكْره، قال –صلى الله عليه وسلم-: “أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟!”، قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: “ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ”، قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟! قَالَ: “إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ”.ومعنى النميمة : نقل الكلام بين الناس لقصد الإفساد وإيقاع العداوة والبغضاء
والغيبة والنميمة انتهاك لحرمة المسلم التي أوجب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- صونها وحفظها، فقد خطب –صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع فقال: “فَإِنَّ اللَّهَ حرَّمَ عَلَيْكُمْ دِماءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا”.
فاحفظوا -أيها المسلمون- ألسنتكم من هذه الغيبة الشنيعة ومن هذه المعصية الوضيعة، فقد فاز من حفظ لسانه من الزلات، وألزم جوارحه بالطاعات، قال -صلى الله عليه وسلم-: “من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه ضمنت له الجنة”. متفق عليه.
عن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله: أي المسلمين أفضل؟! قال: “من سلم المسلمون من لسانه ويده”. رواه مسلم.
وعن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله: “ما النجاة؟!”، قال: “أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك”. رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
واحذروا عثرات اللسان، فلا تطلقوا له العنان؛ فإن اللسان يوقع في الموبقات والدركات، ويورث الحسرات والآفات، قال -عليه الصلاة والسلام-: “إذا أصبح ابنُ آدمَ فإنَّ الأعضاءَ كلَّها تُكفِّرُ الِّلسانَ فتقول: اتَّقِ اللهَ فينا، فإنما نحن بك، فإن استقَمتَ استقَمْنا، و إن اعوَجَجْتَ اعْوجَجْنا”. أخرجه الترمذي.
وعن معاذ -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله: أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار”. سؤال مختصر. انظر ماذا أجاب عليه -صلى الله عليه وسلم-، قال: “لقد سألتَ عن عظيمٍ، وإنَّهُ ليسيرٌ علَى من يسَّرَه اللهُ عليه، تعبدُ اللهَ ولا تشرِكُ بِه شيئًا، وتقيمُ الصَّلاةَ، وتؤتي الزَّكاةَ، وتصومُ رمضانَ، وتحجُّ البيتَ إن استطعت إليه سبيلا”. ثمَّ قالَ: “ألا أدلُّكَ علَى أبوابِ الخيرِ؟! الصَّومُ جُنَّةٌ، والصَّدَقةُ تطفئُ الخطيئةَ، كَما يطفئُ الماءُ النَّارَ، وصلاةُ الرَّجلِ في جوفِ اللَّيلِ”. ثمَّ تلا: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)”.
ثمَّ قال: “ألا أُخبِرُك بِرأسِ الأمرِ، وعمودِه، وذِروَةِ سَنامِه؟!”. قلت: بلَى يا رسولَ اللهِ، قال: “رأسُ الأمرِ الإسلام، وعمودُه الصَّلاةُ، وذِروةُ سَنامِهِ الجِهادُ في سبيل الله”.
ثمَّ قال له -صلى الله عليه وسلم-: “ألا أخبرُك بمِلاكِ ذلِك كلِّه؟!”، أي كل ما ذكرت، قلتُ: بلَى -يا نبيَّ اللهِ-، فأخذَ بلسانِهِ وقال: “كُفَّ عليكَ هذا”، فقُلتُ: يا نبيَّ اللهِ: إِنَّا لمؤاخَذونَ بما نتَكلَّمُ بِه؟! قال: “ثَكلتكَ أمُّكَ يا معاذُ، وَهل يَكبُّ النَّاسَ في النَّارِ علَى وجوهِهِم، أو علَى مناخرِهم، إلَّا حصائدُ ألسنتِهم”. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح “.