خطبة الجمعة من كفرقرع بعنوان ‘‘عائشة أم المؤمنين “
تاريخ النشر: 18/09/10 | 13:00بحضور حشد غفير من أهالي كفرقرع والمنطقة، أقيمت امس شعائر خُطبة وصلاة الجمعة، من مسجد عُمر بن الخطاب في كفرقرع، حيث كان خطيب هذا اليوم فضيلة الشيخ أبو أحمد، رئيس الحركة الإسلامية في كفرقرع، وكان موضوع الخطبة لهذا اليوم المبارك، ‘‘عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها ‘‘ هذا وأم في جموع المصلين، فضيلة أبو الحسن، إمام مسجد عمر بن الخطاب ومما جاء في خطبة الشيخ لهذا اليوم المبارك:” إن الحمد لله رب العالمين نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ))، ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)). أما بعد: .. أحبتي في الله: أم المؤمنين حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ هذا هو عنوان لقائنا مع حضراتكم، في هذا اليوم الكريم المبارك.”. أيها الأحبة: إن الصراع بين الحق والباطل قديم بقدم الحياة على ظهر الأرض، ولا زال الإسلام العظيم، منذ بزغ فجره، وإستفاض نوره، وإلى يومنا هذا مستهدفاً من قبل أعدائه أعداء الطهر والفضيلة الذين ما تركوا سبيلا من السبل إلا وسلكوه، لإستئصال شأفة المسلمين وللكيد لهذا الإسلام والدين العظيم. وأردف الشيخ قائلاً:” الذي دفعني لإختيار هذا الموضوع، هو ما ورد على لسان ذلك الزنديق الشيعي الرافضي ياسر الحبيب “خاسر الخبيث” من تطاول على أمنا جميعا حبيبة رسول الله عائشة رضي الله عنها؛ هذا القذر، الذي يتهم فيه أم المؤمنين حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرضها رغم براءتها من فوق سبع سموات. وعن أبو موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسيه إمراءة فرعون ومريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام فزوجها هو سيد الأولين والآخرين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.”.
أبوها هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه الذي لن تطلع الشمس على بشر بعد الأنبياء والرسل أفضل منه إنه ثاني إثنين انه أحب الناس إلى قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أفضال أبيها الصديق رضي الله عنهما ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف ” ما لأحد عندنا يد إلا وقد كفانأه بها إلا الصديق فان له عندنا يداً يكافئه الله بها يوم ألقيامه”، نعم ! أعلم أن الحرب على الأصول والثوابت معلنه منذ أمد بعيد، ولكنني ما تصورت أبدا أن تنتقل الحرب في هذه المرحلة إلى هذه الصورة العلنية السافرة الوقحة الفاضحة، صار أصحاب رسول رب الأرض والسماوات حائطاً مائلاً لكل كلب عاوٍ يريد أن تفتح له صفحات الجرائد والمجلات، ويريد أن تفسح له الفضائيات الساعات الطوال. هل يضر السماء أن تمتد إليها يد شلاء؟! هل يضر السماء نبح الكلاب؟! لا، والله. آه ! والله إن القلب لينزف، والله إن القلب لنزف دماً، بدل الدمع، أين عمر أين عمر ؟! ليُعلِّم هؤلاء الساقطون الأدب، أين أبو بكر ؟! فنحن أمام ردة، ولا أبا بكر لها، ليقام على أمثال هؤلاء المرتدين عن دين الله. وتابع الشيخ بالقول:” أقولها بملء فمي: فقد أجمع علماء الأمة من علماء أهل السنة على كـُفر من سب عائشة – رضي الله عنها – وأتهمها بالفاحشة، لأنه مكذب لصريح القرآن الكريم. عائشة حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عائشة التي ولدت في الإسلام، ولدت في الإسلام لم تستنشق أبداً ابداً هواء الشرك، ولم تتنفس أبداً هواء الكفر قط نشأت في بيت أبي بكر الصديق، بعد ما دخل الإسلام، ودخلت أمها كذلك الإسلام فترعرعت عائشة في بيت صديق الأمة الأكبر، ونشأت عائشة في بيت صديق الأمة الأطهر في بيت الصديقية، تربت على يدي أبي بكر – رضي الله عنه – ثم انتقلت في سن مبكرة من بيت الصديق، إلى بيت النبوة، إلى بيت النبوة ليواصل النبي صلى الله عليه وسلم تربية عائشة، وليسقيها بمداد الطهر، لتقف عائشة وحدها خلفه في ليلتها لتسمع القرآن غضاً طرياً، من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم. والله لقد رآها النبي صلى الله عليه وسلم زوجاً له قبل أن يتزوجها، والحديث في الصحيحين من حديثها – رضي الله عنها – من حديث أمنا الصديقة بنت الصديق، العفيفة بنت العفيف، الحبيبة بنت الحبيب، الرقيقة حبيبة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ورفيقته في جنة رب العالمين كما في صحيح البخاري وغيره الصديقة عائشة تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أريتك في المنام ثلاث ليال، أريتك في المنام ثلاث ليال جاء بك الملك في سرقة من حرير)) . سرقة: بفتح السين والراء والقاف أي قطعة من حرير ((ويقول لي الملك هذه زوجتك)).. قال: ((فأكشف فأراك أنت ثلاث ليال )) يقول النبي صلى الله عليه وسلم: فقلت: ((إن بك من عند الله يمضه)). أي: يمضه الله – عز وجل – ((إن بك من عند الله يمضه)). أي: إن كان ربنا – جل وعلا – قدّر ذلك فسيكون ما قدّر – تبارك وتعالى. بل أعلن النبي صلى الله عليه وسلم حبه لعائشة – رضي الله عنها – بل هي أحب نسائه إليه بعد خديجة رضي الله عنهن جميعا، وأعلن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وعلمت الأمة ذلك، حب النبي لعائشة. وتساءل الشيخ في معرض حديثه وقال:” وأنا أسأل: هل يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا طيباً ؟! والله ما أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا الطيب. روى البخاري ومسلم من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أي الناس أحب إليك ؟ قال ((عائشة)) هكذا هكذا – أي الناس أحب إليك ؟ قال ((عائشة))، فقال عمرو: من الرجال ؟ قال: ((أبوها)). قال الإمام الذهبي في كتابه المانع ((سير أعلام النبلاء)): وهذا خبر صحيح ثابت رغم أنوف الروافض ، فلقد أحب النبي صلى الله عليه وسلم من الأمة أبا بكر – رضي الله عنه – وأحب النبي عائشة.قال : وما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحب إلا طيباً فمن أبغض حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حرياً أن يكون بغيضاً لله ولرسوله . الله سبحانه يحب رسوله ويحب ما يحبه رسوله، ورسولنا يحب الصديق رضي الله عنه – ويحب عائشة – رضي الله عنها – فمن أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فليحب الصديق، وليحب ابنته الحصَان الرَزان الطاهرة الصديقة المبرأة من فوق سبع سماوات . تعلم الدنيا كلها حب النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة، بل لقد علم المسلمون من الصحابة ذلك فكانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة تقرباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإرضاءً له.
وأضاف الشيخ:” يمر النبي صلى الله عليه وسلم على نسائه، وفي يوم عائشة، من أراد من الصحابة أن يقدم هديته للحبيب صلى الله عليه وسلم يتحرى يوم عائشة وهو يريد بذلك أن يطيب خاطر وقلب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدبت الغيرة في قلوب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم والحديث في الصحيحين من حديث عائشة – رضي الله عنها – فاجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم – رضي الله عنهن – إجتمعن وقلن لأم سلمة: يا أم سلمة إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، وإنا نريد الخير كما تريده عائشة، فكلمي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيثما كان أو حيثما دار. تقول أم سلمة – رضي الله عنها -: فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأعرض عني قالت: حتى جاءني الثانية أي في نوبتها الثانية، بعد تسع ليال قالت: فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأعرض عني قالت: حتى جاءني الثالثة بعد تسع ليال أخرى، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة: ((يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة، لا تؤذيني في عائشة، فوالله ما نزل عليّ الوحي وأنا في لحاف إمرأة منكن غيرها)) . وقال الشيخ:” يا الله ! يا الله ! ((فوالله ما نزل عليّ الوحي وأنا في لحاف إمرأة منكن غيرها)) مَنقبِة من الله جل جلاله – كرامة من الله – جل وعلا – لعائشة، ومنقبة عظيمة لعائشة ((فوالله ما نزل عليّ الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها)) . فلما رأى نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهن أن أم سلمة لم تستطع إقناع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك أرسلن إليه حبيبة قلبه فاطمة بنت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والحديث في الصحيحين، فذهبت فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت: يا رسول الله إن نساءك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة، – أي في عائشة: إسمع ماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لحبه لحبيبته لشبيهة أبيها لفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها – قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة: ((ألست تحببين ما أحب ؟)) قالت: بلى يا رسول الله يعني أحب ما تحب فقال لها: ((فأحبي هذه)) يعني: فأحبي عائشة ((ألست تحببين ما أحب ؟)) قالت: بلى يا رسول الله يعني أحب ما تحب فقال لها : ((فأحبي هذه)) وأشار إلى عائشة، هذه مكانة عائشة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم . بل أنا أرى أن أعظم وأطهر وأشرف وأجل منقبة لأم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – ذلكم المنقبة أو تلكم المنقبة، التي لا تمحوها الأيام والأعوام وكيف تمحى وقد جعلها ربنا جل جلاله قرآناً يُتلى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها . تلكم المنقبة العظيمة التي برأَّ الله – عز وجل – بها عائشة من فوق سبع سماوات حينما تناولها قديماً قادة هؤلاء المنافقين في النفاق وأساتذة هؤلاء الصغار في النفاق، حين تولى كبارهم في النفاق هذه الفرية العظيمة فاتهموا أم المؤمنين عائشة بالزنا، إي والله بالزنا:((أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)). تحكي أم المؤمنين عائشة أن القرعة قد وقعت عليها في غزوة بني المصطلق، فخرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا السفر، وبعد كلام طويل قالت: تخلفت عن الجيش لقضاء حاجتها فلما عادت وتحسست صدرها فقدت عقدها، قد إنفرط فعادت إلى الموضع التي كانت تقضي فيها حاجتها، لتبحث عن عقدها. وإستطرد الشيخ بالقول:” وأرجو أن تتصورا إمرأة عفيفة طاهرة فاضلة في جيش جرار من الرجال تريد أن تقضي حاجتها في صحراء مترامية، أرجو أن تتصور المسافة التي ستقطعها هذه العفيفة الطاهرة لتبتعد عن كل الأعين،
وعادت فوجدت الجيش قد رحل، وكانت تحمل في الهودج وتنزل وهي في الهودج وكانت خفيفة اللحم، خفيفة الوزن لا فارق بين أن تكون فيه وبين ألا تكون فيه، فالرجال يحملون الهودج ويضعونه وينزلونه، وهكذا فلما لم تجد الجيش، جلست في مكانها إن فقدوها أن يرجعوا إليها، فغلبتها عيناها فنامت . وكان صفوان ابن المعطل السلمي – رضي الله عنه – كان وراء الجيش بأمر وتكليف رسول الله صلى الله عليه وسلم له، فلما رأى سواد إنسان، إقترب فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، تقول عائشة: فاستيقظت من نومي على إسترجعاه أي على قوله: إنا لله وإنا إليه راجعون، تقول: فلما رآني عرفني، وكان يراني قبل الحجاب، كان يراني قبل الحجاب أي قبل نزول آية الحجاب، تقول: فأناخ راحلته، فركبتها والله ما سمعت منه كلمة غير إسترجعاه، أي غير قوله: إنا لله وإنا إليه راجعون قالت: فأدركنا الجيش في نحر الظهيرة أي في وقت شدة الحر، في وسط النهار. وفي غير رواية الصحيحين: نظر الخبيث رأس النفاق عبد الله ابن أبي ابن سلول وقال: من هذه ؟ قالوا: أم المؤمنين عائشة، قال: ومن هذا ؟ قالوا: صفوان بن المعطل السلمي، فقال الخبيث الوقح: امرأة نبيك تبيت مع رجل حتى الصباح ثم جاء يقود لها الراحلة، والله ما نجت منه وما نجا منها. يا للعفن! يا للنفاق! يا للقذارة! هكذا بسهولة، تقذف البريئة الحَصان الرزَان بسهولة يُقذف رسول الله صلى الله عليه وسلم . آه من الكلمات! وآه من اللسان! إن ترك الألسنة تلقي التهم جزافاً دون بينة أو دليل، ((مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)). وقال سبحانه: ((وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ)). وتابع الشيخ:” يقول الخبيث المنافق هذه القولة وتتلقف عصابات النفاق في المدينة المطهرة هذه القولة الآثمة العفنة الشريرة!! ويذل في الهاوية بعض المسلمين، هذه الكارثة، هذه الكارثة، أن يذل في هذا الإفك بعض المسلمين وأن يردد بعض المسلمين شائعات قذرة عفنة خطيرة دون بينة أو دليل. فكّر ألف مرة قبل أن تنطق مرة فإن الكلام خطير، وإن اللسان خطير فبكلمة تدخل دين الله ، وبكلمة تخرج من دين الله، وبكلمة تستحل فرج إمرأة، وبكلمة تحرم عليك هذه المرأة، وبكلمة تسعد أسرة، وبكلمة تذبح أسرة، وبكلمة تفرق الأحبة، وبكلمة تجمع الأحبة، الكلمة خطيرة . رٌميت عائشة – رضي الله عنها – رُمي رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرضه، رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاهر الذي فاضت طهارته على العالمين، في صيانة حرمته، وهو القائم على صيانة كل الحرمات في أمته، وفي من ؟ في عائشة في حبيبة قلبه، في أم المؤمنين، في الصديقة بنت الصديق، العتيقة بنت العتيق الحبيبة بنت الحبيب الحصَان الرزَان، يٌرمى في عائشة. وأضاف أيضاً:” وها هي أم المؤمنين زوج سيد المرسلين، ترمى في أغلى ما تعتز به أي فتاة ترمى في شرفها تُتًهم بالخيانة، ترمي بالفاحشة تتهم بالزنا، وهي الزهرة التي تفتحت في بستان الصدق، ثم اكتمل نموها في بيت النبوة وسقيت بمداد الوحي على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم . وها هو الصديق صديق الأمة الأكبر، الرجل الطاهر الفاضل الذي بدأ تربية عائشة في بيت الصديقية، يرمى بهذا فيبكي، ويحطم الألم فؤاده، ويمزق الحزن كبده، ويقول: والله ما رمينا بهذا في الجاهلية أفنرمى به في الإسلام ؟. أفنرمى به في الإسلام؟ وصفوان بن المعطل الصحابي الجليل يرمى في عقيدته ، في دينه ، في دينه يوم يتهم بخيانته لنبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم وفي من؟ في عائشة، في أم المؤمنين الحصَان الرزَان ترجع إلى المدينة ، وتمكث شهراً كاملاً وهي مريضة لا تعلم عن قول أهل الإفك أي شيء لا تعلم شيئاً فهي حَصان رزَان، لا تلتفت إلى مثل هذه الوقاحات أبداً وخرجت يوماً مع أم مسطح فأخبرتها أم مسطح بما يقوله الناس في المدينة قالت عائشة: وأنا والله لا يريبني شيئا في وجعي إلا أنني لم أكن أرى اللطف الذي أعهده من رسول الله فكان يدخل ويسلم ويقول: ((كيف تيكم ؟)) وأنا لا أعلم شيئاً ، فلما عرفت استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأذن لها في أن تذهب إلى بيت الصديق – رضي الله عنه – فأذن لها النبي صلى الله عليه وسلم. ويشاء ربك – جل وعلا – أن يمضي شهراً كامل لا ينزل فيه على المصطفى صلى الله عليه وسلم في هذا الآمر آية واحدة، ويشاء ربك لحِكَم يعلمها – جل وتعالى – ألا يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا رؤيا واحدة ليبريء بها أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – يمضي شهراً كامل يحطم الألم فؤاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحطم الحزن ويفتت كبده صلى الله عليه وسلم . وبعد شهر كامل يذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت أبي بكر – رضي الله عنه -، فتقول لأمها : ما الذي يتحدث به الناس ؟ فتقول أمها: هوني عليك يا ابنتي تقول: سبحان الله أو تحدث الناس فعلاً بهذا أو تحدث الناس بهذا ؟قالت: فلم ينقطع لي دمع ولم تكتحل عيناي بنوم، وظن أهلي وأبواي أن البكاء فالق كبدي. وهي على الفراش تبكي دخلت عليها إمرأة من الأنصار تبكي لبكائي وأمها تبكي، والصديق يتألم ويحطمه الألم . وفجأة دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم وجلس إلى جوار عائشة، فشهد وحمد الله وأثنى عليه، ثم التفت إلى عائشة وقال: ((يا عائشة إنه قد بلغني عنك كذا كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله – عز وجل – وإن كنت قد ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إن أذنب وإعترف بذنبه وتاب إلى الله، تاب الله عليه)) قالت: فجف دمعي. وأنا أرجو أن تتصوروا أنتم حالة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول لعائشة هذه الكلمات: ((فإن كنت بريئة فسيبرئك الله – عز وجل – وإن كنت قد ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إن أذنب واعترف بذنبه وتاب إلى الله، تاب الله عليه)).
تقول فقلص دمعي، جف الدمع وقلت لأمي: يا أمي أجيبي عني رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلمي أنت، فقالت أمها: والله يا ابنتي ما أدري ماذا أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم فالتفت إلى الصديق وقلت: يا أبي أجب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الصديق: والله يا ابنتي ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت: فقلت: والله لا أرى لي ولكم مثلا إلا كما قال أبو يوسف:(( َصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ)). قالت: والله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه ولا رام أحد في الدار مجلسه أي ما فارق أحد مجلسه الذي كان يجلس فيه، حتى أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من البُرَحَاء من الشدة مما ينزل عليه من الوحي حتى أنه ليتحدر مثل الجمان – أي: يتصبب عرقا كحبات اللؤلؤ، من ثقل الوحي الذي يتنزل عليه – فلما سري عن رسول الله سري عنه وهو يبتسم، وكانت أول كلمة نطق بها المصطفى صلى الله عليه وسلم بعد ما التفت إلى عائشة فقال: ((أبشري يا عائشة فلقد برأك الله – عز وجل)) فقالت أمها: قومي يا عائشة قومي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحمديه قالت عائشة: لا لا والله لا أقوم إليه، بل لا أحمد إلا الله – عز وجل – الذي أنزل براءتي من فوق سبع سماوات . وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم على أمنا – رضي الله عنها – قرآنا شرفها الله به، وقرأ الرسول قرآنا كرمها الله بها ولا زال وسوف يزال يتلى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها: ((إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ* لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ* لَوْلَا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ* وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ* إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ* وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ* يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ* إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ* وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّه رَؤُوفٌ رَحِيمٌ))، فإزدادت بهذه البراءة مكانتها في قلب المصطفى صلى الله عليه وسلم بل في قلوب المؤمنين، بل في قلوب المؤمنين الصادقين، أي شرف !! هي نفسها تقول: والله لشأني في نفسي كان أحقر من أن ينزل فيّ وحي يتلى، ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في رؤيا فيبرئني الله بها فقط . وتابع الشيخ:” أنظروا إلى تواضع أم المؤمنين – رضي الله عنها – أنظروا إلى صفاء نفسها، وإلى صدق سريرتها، وإلى إخلاص قلبها، ما قالت: إنها زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأنها أم المؤمنين كيف يقول الناس هذا لا، لا، لا، والله لشأني في نفسي كان أحقر من أن ينزل فيّ وحي يتلى، ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في رؤيا فيبرئني الله بها . زادت مكانتها في قلبه . بل الأعجب أيها الإخوة إذا علمتم أن النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الأخير إستأذن نساءه ألا يدور عليهن كعادته، وأن يمكث أيام مرضه كلها في بيت عائشة إي والله والحديث في الصحيحين. هل تتصوروا هذا، أنا أرجو أن تتخيلوا مدى الحب من الحبيب الطاهر للحبيبة الطاهرة أم المؤمنين عائشة ، استأذن النبي نساءه في أن يمرّض في بيت عائشة فأذن له لما يعلمنه من حبه لها فأذنَّ له . تقول: منّ الله علىّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات في بيتي وفي يومي إي والله في بيتي ، وفي يومي يعني ليس في يوم زوجة أخرى ، مات في بيتي وفي يومي، إسمع وعلى سحري ونحري، ورأسه على سحري ونحري، يعني رأس النبي صلى الله عليه وسلم في صدرها . الله ! مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسه في صدر عائشة تقول: وجمع الله بين ريقي وريقه في آخر يوم من أيام الدنيا، وأول يوم من أيام الآخرة. ماذا تريدون بعد ذلك أيها المسلمون، يجمع الله بين ريقها وبين ريق المصطفى صلى الله عليه وسلم بالسواك الذي أخذته وقضمته، ومضغته وطيَّبته ودفعته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستاك به كأجود ما استاك به من قبل، فجمع الله بين ريق المصطفى صلى الله عليه وسلم وريق عائشة في آخر يوم من أيام الدنيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفي أول يوم من أيام الآخرة. فهي فقيهة الفقهاء، معلمة العلماء، أديبة الأدباء، بليغة البلغاء فصيحة الفصحاء ما سألها الصحابة عن حديث قط إلا وقد وجدوا عندها علما منه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ملأت الدنيا علما، وروت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من ألفي حديث وروى عنها كثير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها وأرضاها . وهي التي قالت حينما شكي إليها من بعض السفلة الذين يتناولون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت قولتها الجميلة قالت: أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مضوا وماتوا فانقطع عنهم العمل، فأبى الله أن يقطع عنهم الأجر.
نعم ! ماتوا، إنقطع عملهم، لكن الأجر لا ينقطع بعواء ونباح هؤلاء السفلة الكلاب، الذين يتناولون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين زكاهم الله وعدلهم الله وطهرهم الله، واصطفاهم الله، واختارهم يوم إختار رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم.وأردف الشيخ قائلاً:” قال عبد الله بن مسعود: إن الله تعالى نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد، فجعله واصطفاه لرسالته ونبوته، ثم نظر الله في قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وسلم، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه. تعالوا نعرف بعضاً عن زهدها رضوان الله عليها وبداية لقد نشأت عائشه رضي الله عنها في بيت أبيها الصديق أبو بكر رضي الله عنه فتعلمت الزهد منه إبتداءاً وكيف لا وهو الرجل الذي جعل ماله كله لله ولم يتعلق قلبه لحظه واحده بحطام الدنيا الزائل. ولما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الزاهدين بلغت عنده درجة الكمال في الزهد لأنها كانت ترى الزهد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم في كل لحظه ورات بعينها كيف ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم زهرة الحياه الدنيا واختار ما عند الله عز وجل فلقد عرضت الدنيا وما قبلها من مفاتيح وخزائن على النبى صلى الله عليه وسلم فأبى أن يقبلها وكره ما أبغض خالقه..”. وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم..”.