“قراءة في علم الاجتماع والإناسة العربييْن وحقول معرفيّة مجاورة”
د. تغريد يحيى- يونس
تاريخ النشر: 08/12/24 | 17:41إنعقاد اللّقاء الثاني للسّنة الثانية لمجموعة:
“قراءة في علم الاجتماع والإناسة العربييْن وحقول معرفيّة مجاورة”
عقدت مجموعة “قراءة في علم الاجتماع والإناسة العربييْن وحقول معرفيّة مجاورة” لقاءها الثاني لهذه السّنة اليوم، السبت 07.12.2024. إفتتحت المجموعة سنتها الثانيّة باللقاء الأول في الشهر الماضي، نوفمبر 2024، وقد خصّصته لقراءة ومناقشة كتاب مصطفى حجازي، [2001] 2005. التخلّف الاجتماعي: مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور. جاء هذان اللقاءان ضمن سلسلة لقاءاتها الشهريّة للسّنة الثانيّة، حيث تستكمل المجموعة برنامجها المعدّ لعاميْن والذي ابتدأته في خريف السّنة الماضية (2023).
خصّص اللّقاء الثاني لقراءات ومناقشات في إرث عالم الاقتصاد المفكر سمير أمين. عرض أعضاء وعضوات المجموعة طروحات أمين حول الاقتصاد السياسي العالمي، سياقها، منطلقاتها، وما تبني عليه من فرضيات وادعاءات، وما تأتي به من تجديدات، وما تؤسس له من مشاريع تغيير. رؤية أمين مجال الاقتصاد بما هو بحث في المجتمع، بمعنى مجال اجتماعيّ متكامل وليس مجالًا يتّصف بالحديّة كما في التوجّه الاقتصادي التقليدي، لاقى تفاعل مجموعة القراءة كونها عابرة للتخصّصات في العلوم الاجتماعية والحقول المجاورة.
خلال العرض والمناقشة تمّ التركيز على نظرية التبعيّة، والمركز والأطراف (المحيط)، والتخلّف بحسب سمير أمين ونقده لها، وعلى مساهمته في تطويرها. واهتمّت المجموعة بالمستوى الشموليّ الأمميّ لتحليل أمين وطرحه، كما وباهتمامه بالمستوى القوميّ في بعض مؤلفاته العينية. ذلك في محاولة لفهم تخلّف دول الجنوب العالميّ – الأطراف، عن دول الشمال العالميّ – المركز. وقد وفّرت طروحات أمين النظريّة إطارًا لفهم وتحليل الكيفيّة التي تعمل بها منظومة الاقتصاد السياسي العالميّ، والتشكّلات التي أسّست للمركز والأطراف ما قبل الرأسماليّة، ولقاء القوى غير المتكافئة (المركز/الأطراف)، والعوامل الخارجية والداخلية والعلائق فيما بينها والتي نتيجة لها مجتمعة لم تنجح برامج الإنماء التي بادر إليها المركز في إحداث التنميّة “المرجوّة” في الأطراف، بل وتراكمت وتفاقمت الفوارق بين المركز والأطراف على مستوى العالم، ليتبيّن أن “طبيعة” منظومة الاقتصاد السياسيّ العالميّ وآلياته والسوق الرأسمالية وآلياته إنما هي تنتج الفوارق بين المركز والأطراف، تعمّقها، تفاقمها، وتكرسّها، وبذلك تخلق تبعيّة الأطراف للمركز وتنمّيها، وفي النتيجة هي “تنمّي التخلّف”.
أفردت المجموعة مكانًا في النقاش للمنابع الفكريّة التي يستقي منها سمير أمين وهي الماديّة التاريخيّة والماركسيّة، ولنقده لها، لكن بنائه على أدواتها، وتطويره فيها. هذا إلى جانب نقده لليبرالية العالمية وللعولمة ورديفتها الأمركة بمصطلحاته. كما وعُنيت المجموعة بمشاريع تطبيقيّة اقترحها أمين لخروج دول الجنوب من التبعيّة، من منظومة الاقتصاد السياسي العالمي وكسر تبعيّتها لها، والعمل على تطوير اقتصادها. وأثارت تساؤلات بشأن إمكان تحقيق هذا النموذج في عهد الرأسماليّة الجديدة/المتأخرة/المتغوّلة.
إنتاج سمير أمين أغزر، أوسع، وأعمق فيما لا يقارن من أن يغطيَه لقاء واحد لمختصّين ومختصّات في مجال الاقتصاد، فكم بالحريّ في مجموعة قراءة ليس أيّ من أعضائها وعضواتها من مجال الاقتصاد، ذلك رغم خطوط التّماس الفكريّة والنظريّة بينه وبين حقولها المعرفيّة ورغم جدّية المجموعة وتوجّهها ودرجة التزامها.
هذا، وتستمر مجموعة “قراءة في علم الاجتماع والإناسة العربييْن وحقول معرفيّة مجاورة” عقد لقاءاتها الشهريّة للسّنة الثانية على التوالي في كفر قرع، المركز الجماهيريّ. وبهذه المناسبة تقدّم شكرها لمديرة المركز الجماهيريّ وعضوة المجموعة د. ناهد كناعنة على حسن الضيافة.
د. تغريد يحيى- يونس