مشاركة بمؤتمر المسؤولية الجماعية بالإصلاح في الناصرة
تاريخ النشر: 09/01/25 | 13:26عُقد الثلاثاء الفائت في فندق رمادا أوليفييه في الناصرة “مؤتمر المسؤولية الجماعية في الإصلاح وتعزيز الأمن الشخصي والمجتمعي”، بمشاركة شخصيات جماهيرية وفاعلة في مجال الإصلاح، وممثلي مؤسسات مدنية ورسميّة، بمبادرة مركز أمان- المركز العربي لمجتمع آمن، ومركز كرامة.أدار الحوارية الافتتاحية في المؤتمر، الشيخ رائد بدير، رئيس دار الإفتاء والبحوث الإسلامية48، ومؤسّس مبادرة “أمل”، الذي أكد أن “السعي لإيجاد حلول جذرية للجريمة المنظمة والعنف بكل أشكاله، هو مسؤولية دينية ووطنية تقع على عاتق الجميع، ومن الضروري خلق حالة من التكافل والتعاون والتوافق حول الأسباب وسبل العلاج”، مضيفًا أن كل بلدة مسؤولة بالمقام الأول عن أمنها الداخلي، مع تعزيز التعاون والتعاضد مع البلدات الأخرى. وأنه يجب العمل على إنشاء مؤسسات تُعنى بالوقاية من العنف وتُراعي احتياجات جميع الأجيال، بالإضافة لتأسيس مراكز متخصصة في الوساطة والتحكيم لحل النزاعات بطرق سلمية، وأن نفكّر خارج الصندوق، لأن الجريمة والعنف تحركهما أيديولوجيات وأفكار، وعلاجها يتطلب مواجهة تلك الأفكار بمنهج فكري وعلمي مماثل.ودعا الشيخ بدير المجتمع العربي، لأن ينهض وينتفض في سبيل التصدي لهذه الآفة الدخيلة على مجتمعنا، ديننا، عاداتنا وتقاليدنا، ولحماية مجتمعنا من ويلاتها.
مازن غنايم، رئيس اللجنة القُطرية لرؤساء السلطات المحلية، أشاد بالمؤتمر، داعيًا إلى وحدة المجتمع العربي في مكافحة العنف والجريمة، في ظل سياسة الحكومة الحالية والتي تتجاهل مطالب مجتمعنا، مشيرًا إلى وجوب قيام الحكومة بمسؤولياتها لمواجهة عصابات الإجرام.الراڤ ميخائيل ملكيئور، رئيس المركز لتسوية الخلافات “موزايكا”، قال: إنّ هناك صرخة وجع تجاه الأوضاع المتدهورة في المجتمع العربي. وشدد على ضرورة تحمّل المسؤولية الذاتية والمبادرة الإيجابية وتكثيف الجهود المشتركة. وأوضح أن ما يحدث من غياب لاحترام حياة الإنسان أمر مرفوض، حيث تُعد حياة الإنسان أسمى القيم وأعظمها قداسة.الشيخ صفوت فريج، رئيس الحركة الإسلامية في البلاد، بارك المؤتمر، راجيًّا أن يكون انطلاقة متميزة لحقن الدماء ومكافحة العنف والجريمة. وتحدّث عن تجربته الشخصية المؤلمة بفقد اثنين من عائلته بسبب الجريمة، مؤكدًا أنّ جميع أبناء مجتمعنا بمثابة أبنائنا، وعلينا العمل لإنقاذهم.وأكد الشيخ على أهمية تحقيق الأمان ومكافحة العنف والجريمة في مجتمعنا باعتباره هدفًا دعويًا، داعيًا لتبني خطوات عملية لمواجهة هذه الحرب المستعرة. كما شدّد على ضرورة تضافر الجهود في مختلف المجالات، مشيرًا إلى أنّ الرقم الكبير لضحايا العنف، رغم الجهود المبذولة، يدلّ على أنه لولا تلك الجهود لكانت الأرقام أكبر بكثير.الشيخ كامل ريان، رئيس مركز أمان، شكر الشركاء والمشاركين في المؤتمر، نساءً ورجالًا، مؤكّدًا أن المؤتمر نقلة نوعية من مجرد توصيف للمعضلة إلى إعداد برامج عملية وتنفيذها على الواقع. كما أكّد الشيخ ريان أنّ الإصلاح بين الناس ليس ترفًا، بل واجب ديني وأخلاقي ووطني. مضيفًا: “دوركم اليوم هو الأساس لبناء مجتمع آمن ومستقر. المبادرة مسؤوليتنا جميعًا، فلا يجب أن ننتظر تدخل الدولة أو مؤسسات خارجية؛ الحل يبدأ منا، والعنف والجريمة ليست مصيرًا محتومًا. إذا توحدنا نستطيع وقف هذا النزيف، لا مجال للتأجيل؛ كل يوم دون تدخل هو خسارة أخرى”.وأضاف: “الوحدة قوة، بتكاتفنا يمكن إحداث التغيير. كونوا للآخرين قدوة ومصدر إلهام. علّموا الأجيال أن الحوار هو السبيل لحل الخلافات، وليس العنف أو الانتقام. وأن الأمل أقوى من الخوف. استثمروا هذا الأمل لتحقيق التغيير، لأن مجتمعنا يستحق السلام”.
أدار الحوارية الثانية “مسؤوليتنا الجماعية من أين نبدأ”، الشيخ د. محمد طلال بدران الباحث في موضوع العنف والجريمة في مجتمعنا العربي، ومدير دار الإفتاء والبحوث الإسلامية48، حيث استعرض بدايةً أبعاد الآفة وآثارها الصعبة على جميع شرائح مجتمعنا.فضيلة القاضي د. إياد زحالقة قال: تسعى المحاكم الشرعية من خلال فضّ الخصومات المتعلقة في الأحوال الشخصية والعائلة إلى إحلال السلام والتفاهم بين الناس، وبالتالي حل الخصومات من خلال القضاء الشرعي، الأمر الذي يخفض مستوى التوتر في المجتمع ويمنع أسباب العنف. في هذا السياق، أقامت المحاكم الشرعية وحدات المساعدة القضائية لفتح مجال الحوار والتفاهم بين الخصوم وحل الخصومات صلحًا بينهم، مما يقوي الروابط الاجتماعية والعائلية. نتيجة لنجاح التجربة ومن أجل تعميمها في كل المجالات، تعمل المحاكم الشرعية على تقديم مقترحات لتعديلات قانونية تمنح المحاكم الشرعية الصلاحية للنظر في كل أنواع الخصومات داخل المجتمع العربي عبر آلية التحكيم، بحيث تكون عنوانًا لحل الخصومات بين الناس بما يمنع تطور الخلافات إلى عنف يهدم المجتمع. المدير العام للمحاكم الشرعية، أكد أيضًا على ضرورة التمييز بين الجريمة والعنف المجتمعي، موضحًا أن مسؤولية مواجهة العصابات الإجرامية تقع على عاتق الدولة وأجهزة الشرطة، بينما العنف المجتمعي هو مسؤولية المجتمع ككل.
النائب د. منصور عباس، رئيس القائمة العربية الموحدة، حمّل الحكومة المسؤولية المباشرة عن مقتل 485 مواطنًا عربيًّا خلال العامين الأخيرين بسبب إهمالها للمجتمع العربي.
وأكّد عباس على الدور المحوري للجانب السياسي في تنظيم وتوجيه مختلف الجهود الأخرى، مشددًا أن القرارات السياسية هي التي تضع الإطار العام لكل المبادرات والخطط، مما يستوجب دورًا فاعلًا في التأثير على هذا القرار وتفعيله.وأشار إلى أن الموحدة نجحت في دفع الحكومة السابقة لإقرار خطتين مركزيتين: مكافحة الجريمة والعنف 549، وتقدّم 550 التي تهدف في جوهرها إلى معالجة الأسباب العميقة للعنف. وأوضح عباس أن مجموعات الإجرام في جوهرها مجموعات اقتصادية تستقطب الشباب الذين يجدون أنفسهم خارج إطار العمل والتعليم، ما يجعلهم عرضة للانخراط في هذه الدوائر الخطيرة. الحوارية الثالثة، أدارها الأستاذ تيسير محاميد، مدير دائرة الوساطة في المجتمع العربي في مركز موزايكا، حيث عرض نماذج إصلاحية محلية من عدة بلدات عربية، وأدار حوارًا بشأنها مع ممثلين عن هذه المبادرات: نسرين خطيب مركزة العمل الجماهيري والتطوّعي في قسم الخدمات الجماهيرية في بلدية شفاعمرو، د. نور محاجنة مدير مركز الوساطة في أم الفحم، الشيخ عباس زكور- مدينة عكا، الأستاذ هيثم طه رئيس بلدية كفرقاسم، والأستاذ وحيد الصانع- مدينة رهط.في الجزء الرابع للمؤتمر، تم تقسيم الحضور إلى ورشات عمل محلية تناولت المناطق المختلفة في الجليل، المثلث، النقب، والمدن الساحلية. وقام المشاركون بوضع حلول عملية لتعزيز الأمن ومكافحة العنف والجريمة في هذه المناطق، مع التركيز على تشكيل لجان تجسير وتحكيم محلية وتدريب وتأهيل الطواقم المحلية بالتعاون مع مراكز الحوار والوساطة المجتمعة.ختامًا، استعرضت جميع المخرجات والتوصيات، وتم التركيز على أهمية متابعة تنفيذها على أرض الواقع