الزّجل الفلسطينيّ يدخل باب العالميّة من خلال مهرجان “الأرض والآلهة” في جزيرة ساردينيا
تاريخ النشر: 15/01/25 | 15:46بمشاركة الزّجال الكرمليّ الفلسطينيّ توفيق الحلبيّ:
حيفا: مكاتب الاتّحاد: بأجواء إنسانيّة راقية وغناء فلسطينيّ تراثيّ أصيل وبمناخ يبعث في النّفوس شموخًا وعزّة وبتنظيم رائع، الغناء التّراثيّ والزّجل الفلسطينيّ يدخل العالميّة من أوسع أبوابها من خلال مهرجان “الأرض والآلهة” الّذي اُقيم في مدينة “كالياري”، عاصمة جزيرة “ساردينيا” الإيطاليّة، يوم ال 27 من ديسمبر “كانون الأوّل”، في معهد “كالياري” للموسيقى والفنون. ومن على مسرح أنيق الدّيكور ورفيع المستوى من النّاحية الفنّيّة، أقيم احتفال موسيقيّ ابتهاجًا واحتفاء بالأغنية الشّعبيّة، شارك فيه شعراء من جزيرة “ساردينيا” الواقعة في البحر المتوسط وشعراء من ولاية “توسكانا” وولاية “لاتسيو” الإيطاليّتيْن، وبحضور أبرز شعراء الزّجل الفلسطينيّ، وقد برز من بينهم الزّجال الفلسطينيّ الكرمليّ، ابن “الدّالية” الشّامخة، الشّاعر المرموق توفيق الحلبيّ، وقد رافقه عدد من شعراء بلادنا المعروفين الّذين شاركوا بالعرض في المهرجان الكبير، وهم الشّعراء: الدّكتور أحمد نعامنة من مدينة “عرّابة البطّوف” الجليليّة، الدّكتور محمود الجمّاليّ من قرية “كفر جمّال” في “الضّفّة الغربيّة” والشّاعر وائل أيّوب من قرية “الفريديس” السّاحليّة قرب “حيفا”، وقد تحوّل المهرجان إلى غناء طافح بالأحاسيس المعبّرة الّتي تدعو من أجل السّلام والحرّيّة.
ويشار إلى أنّ المهرجان قد تميّز بالاحتفال بالإنسانيّة والتّضامن السّياسيّ من خلال الفنّ الرّفيع الّذي يلتقي فيه الغناء الفلسطينيّ مع غناء شعبيّ من العالم، وكان محور الغناء وموضوعه ومن خلال إلقاء العديد من الأغاني الشّعبيّة، كانت من أجل محاربة الظّلم والاستبداد. وكذلك تميّزت أغاني جزيرة “ساردينيا” بالإشادة بالكفاح البروليتاريّ التّقدّميّ والدّيمقراطيّ الّذي ينشد تحرّر الإنسان من كافّة أنواع الظّلم والهيمنة بمقاومة الظّلم بكلّ أشكاله ومضامينه.
ويجدر القول أنّ الزّجل الفلسطينيّ لاقى إعجاب الحضور وحظيت موسيقاه وطريقة إلقائه ومضامينه ومعانيه باستحسان الجمهور، إذ كانت ترجمة المعاني تظهر من خلال شاشة في خلفيّة المسرح، وقد حضر العرض جمهور كبير، فاق عددهم عن ثلاثمائة شخص، ممّا جعل القاعة ولمرّات متلاحقة تدوّي بالتّصفيق الحادّ والحارّ تعبيرًا عن الفرح الّذي جمع الكثيرين من كافّة المشارب والشّعوب في هذه الأجواء الفنّيّة الرّاقية والرّائعة. ولعلّ من المفيد لنا ولأدبنا ولشعرنا وغنائنا ولشعبنا ولقضيّته الوطنيّة العادلة أنّ يسجّل هذا النّجاح المنقطع النّظير في سجّل الإنجازات الوطنيّة والثّقافيّة الّتي تعكس شخصيّتنا القوميّة وترسّخ هويّتنا الوطنيّة وانتماءنا للإنسانيّة، وما ذلك إلّا سابقة تاريخيّة يُشار إليها بالبنان، ولا يجب بحال من الأحوال أن تبقى حالة يتيمة، بل يجب أن تتحوّل إلى تقليد سنويّ ينتقل من بلد إلى بلد، ومن شعب إلى شعب، فقد وضعت هذه التّجربة الفريدة الزّجل الفلسطينيّ في أعلى مراتب التّقدير والإعجاب والاحترام لفنّيّته وعمق معانيه الوطنيّة والإنسانيّة، وقد لامس فعلًا بهذه التّجربة وطرق باب واجهة الفنون العالميّة.
وكان للشّاعر توفيق الحلبيّ شرف الغناء في إحدى الجولات الحواريّة المميّزة، إذ حاور الشّاعر الإيطاليّ السّاردينيّ “باولو”، وقد كان الحوار الغنائيّ مرتجلًا، وفي مواضيع متعدّدة، وبوجود ترجمة فوريّة على شاشة المهرجان، وقد نالت هذه الفقرة استحسان الجمهور.
ومرّة أخرى تعتبر هذه الدّعوة والتّجربة الفريدة إضافة جديدة وجدّيّة إلى رصيدنا الفنّيّ وإلى أرشيفنا الشّعريّ الشّعبيّ وتعتبر نقلة نوعيّة من المحلّيّة إلى العالميّة لأوّل مرّة في القارّة الأوربيّة، بتجسيدها الفكرة العالميّة الدّاعية إلى أنّ الفنّ والزّجل لغة تعبيريّة إنسانيّة مشتركة بين كافّة الشّعوب، وستبقى هذه الفكرة الإنسانيّة المنبثقة من خلال الفنون خالده بين الأمم والشّعوب إلى الأبد. ويشار إلى أنّ التّلفزيون السّاردينيّ قام ببثّ نشاطات المهرجان وفقراته بثًّا مباشرًا.
وفي السّياق نفسه شارك الشّعراء الأربعة من بلادنا: الحلبيّ، الجمّاليّ، نعامنة وأيّوب في حفلة زجل فلسطينيّ أقيمت في مدينة “بادوفا” الواقعة في شمال إيطاليا، وأمام جمهور كبير من الجالية الفلسطينيّة المقيمة هناك، وقد شارك فيها أبناء قرانا من الجليل والمثلّث والسّاحل والضّفّة الغربيّة. لاقت الحفلة هي الأخرى نجاحًا لافتًا.