كلمة وفاء للصديق المرحوم المربّي وجيه محمّد عيسى كبها
د. محمود أبو فنّه
تاريخ النشر: 16/01/25 | 18:10توفي يوم الثلاثاء – 14.1.2025
أيّها الأخوةُ الكرام، السلام عليكم جميعًا
قال تعالى في كتابه المبين:
“كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ” (سورة الرحمن 26- 27)
وقال تعالى: “كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ” – (العنكبوت – 57)”
صَدَقَ اٌللهُ اٌلعَظيم
بهذه الآيات الكريمة نعزي أنفسنا بوفاة الصديق المربّي وجيه محمّد عيسى كبها، لكنّنا نعرف أنّ الموتَ حقّ، فنرضى بحكم الباري، رغم أنّ القلوب تحزن، والعيون تدمع.
أيّها الأهلُ الكرام
اليوم جئنا من كفر قرع لنعزّيَكم ونعزّيَ أنفسَنا في مُصابكم الجلل، نعزّيكم بوفاة الصّديق الغالي المعطاء أبو نضال.
عرفت المرحوم “أبو نضال” قبل أكثر من خمسة عقود .
عرفته شهما أصيلا وفيًّا عفيف النفس.
عرفته شعلةً من الحيويّة والنشاط.
عرفته الإنسان الوسيم السّمح البشوش الّذي يفتح قلبه للأصدقاء والمحبّين.
عرفته الإنسان الذي يسعى لإصلاح ذات البين والوساطة بين المتخاصمين.
عرفته الأب الحاني الحريص على سعادة أسرته وتربية أبنائه التّربية السديدة.
عرفته المربّي المتفاني الحريص على تنشئة الأجيال على قيم المحبّة والخير والاعتماد على الذّات.
وكان المرحوم عصاميًّا جادّا مثابرًا في طلب العلم والمعرفة:
تنقّل في مؤسسات التّعليم بدءًا من قرية يعبد الّتي أنهى فيها الصّفّ الخامس قبل النّكبة، ثمّ انتقل للمدرسة الابتدائيّة في عرعرة حتّى الصفّ الثامن، وبعدها تعلّم المرحلة الثانويّة في كليّة تراسانطة في الناصرة التي كانت تدرّس كلّ المواضيع بالإنجليزيّة، ثمّ تعلّم سنتين في دار المعلّمين العرب في يافا وتخرّج منها بشهادة تدريس عام 1960.
وفي هذه السنّة 1960 باشر عمله معلّمًا ثمّ مديرًا في بلدته العامرة عين السهلة، وواصل العمل فيها 41 عامًا حتّى خرج للتّقاعد المبكّر!
لكنّ طموحه العلميّ لم يتوقّف، فأثناء عمله درَس في جامعة تل أبيب اللّغة العربيّة والتّاريخ وحصل على شهادة B.A عام 1973، ثمّ حصل على شهادة M.A من جامعة هامبير سايد في الإدارة التربويّة وفنّ التّعليم عام 1997.
ربطتني بالمرحوم علاقة صداقة ووفاء، فقد كان بيننا أكثر من قاسم مشترك:
– عشقنا اللّغة العربيّة وأدبها وتراثَها الخالد، أحبّبنا المطالعة والتجدّد، عملنا معًا في نقابة المعلّمين وفي هيئة تحرير صدى التربية مجلّة المعلّمين وكتبنا فيها المقالات الهادفة، آمنّا بدور التّربية والتّعليم كرافعة للتّقدّم والارتقاء، ألّفنا الكتب، ولا أنسى كتابه الوافي: “وقفة مع التّربية والتّعليم العربيّ في إسرائيل” (دار الأماني، ط1، 2006) حيث كرّمني بعرض تفصيلي لمسيرة حياتي وعملي في مجال التّربية والتّعليم (امتدّ العرض على 23 صفحة).
وأختتم كلمتي بالإشادة بالمدرسة الّتي أدارها وأرسى قواعدها في بلدته العامرة عين السهلة، هذه المدرسة الّتي خرّجت وتخرّج المتعلّمين المتنوّرين الناجحين. وكم سررتُ بزيارة المدرسة واللقاء بمعلّميها المخلصين وبطلّابها المتعطّشين للمعرفة وحبّ لغتنا الخالدة وذلك في اليوم العالميّ للّغة العربيّة في تاريخ 18.12.24.
وختامًا: نسألُ اللهَ أن يتغمّدَ المرحوم بواسع رحمته، وأن يسكنَه فسيحَ جنّاته، وأن يُلهمَ أهلَه وذويه وكلَّ محبّيه الصبرَ والسلوان.
لروح نبيّنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم، ولجميع أمواتِنا وللفقيد أبو نضال منّا ثواب قراءة سورة الفاتحة!
(د. محمود أبو فنّه، كفر قرع، 15.1.2025