المنتصر والمهزوم في غزة والتاريخ يشهد
الاعلامي احمد حازم
تاريخ النشر: 31/01/25 | 14:14بعد الاتفاق الأخير الذي تم التوصل اليه بين غزة وإسرائيل منتصف شهر يناير/ كانون ثاني لوقف الحرب وتبادل الاسرى، كثيرون يتساءلون: من انتصر ومن انهزم في غزة؟ وهل أن مفهوم النصر يتجسد في التدمير والقتل فقط؟
إسرائيل في حربها الحالية على قطاع غزة طوال 15 شهراً دمرت 92 بالمائة من مدينة غزة وجعلت مدنا أخرى في القطاع ركاما وقتلت وجرحت حوالي 160 ألف غزي. ولكن هل هذه هي صورة النصر الحقيقية التي أرادتها الدولة العبرية؟ نتنياهو حدد هدفين رئيسيين للحرب: استرجاع الأسرى والقضاء على حماس. فهل تحقق ذلك من خلال الحرب؟ علماً بأن إسرائيل ليست وحدها في حربها غير المتكافئة على غزة، لأن أمريكا تدعمها عسكريا وماديا ومعنويا وسياسيا إضافة الى دعم دول أوروبية أخرى.
في كتابه الشهير “في الحرب On War” يعرف المنظّرُ العسكري الألماني المعروف كارل فون كلاوزفيتز Carl von Clausewitz الحرب إنّها “عمل من أعمال القوّة لإجبار العدوّ على الخضوع لإرادتك”. وهذا يعني أن النصر هو استسلام العدو وخضوعه للمنتصر كليا. فهل ينطبق هذا على اسرائيل وحماس؟
أمّا عالم السياسة الأمريكي كولن غراي Colin Gray أحد أبرز الاستراتيجيّين الأميركيين، (توفّي عام 2020)، فيقول عن مقولة النصر الحاسم أو The Decisive Victory، ان النصر الحاسم ليس بقابل للانطباق دائماً على أرض الواقع في الأزمان الحديثة.”
وانطلاقاً مما تقدم، وبعد478 يوماً من الحرب الإسرائيلية الأمريكية الغربية على غزة، هل يمكن القول إنّ إسرائيل انتصرت على حركة حماس بالمفهوم العام؟ لقد ذكرت في المقال أن بين الأهداف الرسمية لحرب إسرائيل على غزة القضاء عسكرياً على حركة حماس، ومنعها من حكم القطاع سياسياً وإداريّاً، وتحرير المحتجزين الصهاينة في غزة، علاوة على أهداف أخرى وهي أهداف أبعد مدى ممّا هو معلن، لكنها فشلت في تحقيق ذلك عسكرياً
كبير الخبراء الأميركيين في شؤون الشرق الأوسط، أنتوني كوردسمان Anthony Cordesman يقول في مقال له بعنوان: “لماذا لن تنتهي الحرب؟” نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، في الثاني من شهر نوفمبر العام الماضي:” أنّ إسرائيل في أحسن الأحوال، يمكن ان تستخدم القوّة لاحتلال غزة والسيطرة عليها، لكن لن يقبلها سكّان غزة أبداً، وتصرّفات اسرائيل زادت بشكل حادّ من العداء الغزّي والفلسطيني والعربي لها، وقوّضت التعاطف والدعم الدوليَّين اللذين اكتسبتهما بعد السابع من أكتوبر.”
حركة حماس استطاعت تحقيق نجاح استراتيجي وسياسي وان خسرت عسكريا. فقد أتبتت على صمودها في الميدان ولفتت أنظار العالم مجددا الى القضية الفلسطينية. أمّا اسرائيل، فإنّها لم تنجح في محو القضية الفلسطينية. وهذه هي خسارتها الحقيقية.
في المحصلة فإن اسرائيل لم تستطع تحقيق أهدافها التي أعلن عنها نتنياهو في حربه على غزة، وعمليا من يفشل في تحقيق الأهداف فهو الخاسر. اسمعوا ما يقوله رئيس مجلس الأمن القومي السابق اللواء احتياط في الجيش الإسرائيلي غيورا آيلاند عرَّاب خطة الجنرالات: “الحرب في غزة انتهت بفشل مدوّ لإسرائيل في تحقيق كل أهدفها التي قاتلت لأجلها، لأنها لم تتمكن من القضاء على حماس ولا من استعادة الأسرى ولا من الإطاحة بحكم الحركة في القطاع وحماس انتصرت “.