نحن ونابليون والزّمَن
زهير دعيم
تاريخ النشر: 01/02/25 | 21:10نابليون القائد الفرنسي الفذّ، والعاشق المُرهَف الحِسّ، وصاحب أعظم الانتصارات في تاريخ البشرية، وكاتب أروع رسائل العِشق لزوجته جوزفين ، تبوّأ عرشيْن اثنيْن : عرش السلاح وعرش
الكلمة الطليّة …فربحَ المعارك وفاز بالقلوب .
.
هذا القزم العملاق !!! ما أضاع الوقت سُدىً بل ثمّنه عاليًا، فما عرفتْ عيناه النوم أكثر من أربع ساعات في اليوم الواحد، وما عرف قَطّ طعم القيلولة . كان يقول وإنا أقول معه : هيّا نحسب معًا لنفرض جدلًا انّ احدنا يعيش سبعين – ثمانين سنة ، فنصفها سيذهب نومًا، وما تبقّى سيذهب جزءٌ في الخواطر والهواجس والتحليق وأحلام اليقظة والمرض وما إليه، فكم يتبقّى يا تُرى ؟
خُلاصة القول أنَّ الوقت ثمين ، بل أثمن ممّا نتصوّر، ألم يقُل العرب انّه من ذهب . ولكننا وللأسف الشديد ترانا في هذا الشرق نهدر الوقت جُزافًا في القيل والقال ، والمناسبات والأفراح ، فنُبذّر مئات الساعات في أمور مهما كانت مُهمّة تكاد لا تحتاج منّا إلا
لساعات معدودات. .
أرجوكَ –لا تُقاطعني – فأنا في عجلةٍ من أمري، وقد عزمت على أن استفيد من كلّ لحظة ودقيقة في هذا الوجود، استفيدُ وأفيد!! وقد قال شاعرنا العربيّ :
إذا مرّ بي يوم ولم اكتسب يدًا
ولم استفد عِلمًا فما ذاك من عُمري
فقد مللت وحقّك “قعدات النرجيلة ” ومؤتمرات الكلام الذي لا طائل تحته ، وحتّى جلسات القهوة السادة ، في حين ان القافلة تسير والركب يتقدّم والحضارة تُشمّر عن ساعد العزم والمثابرة .
فكم أتمنى أن نأخذ الكثير من ذخائر ونفائس جدودنا العرب من كروم المجد والضيافة والكرم والأدب ، وفي المقابل ننبذ التراخي والتثاؤب ، ونقتبس من أخلاق الشعوب ما سما وعلا ، فنأخذ في سبيل المثال من الألمان إتقان العمل وقُدسية الوقت والانضباط ، فلا نأتي الاجتماع وقد انفرط عقده او كاد، ونُعرّج نحو الطليان فنأخذ الشاعرية المُنسابة الهامسة لا الضجيج الذي يصم الآذان ويُلوّث البيئة ، ونميل نحو اليابانيين فننسخ عنهم الاحترام والنشاط والعزم نضيفها الى مزايانا العربية الأصيلة ، فنجدّد الهمم ونعيد الامجاد . .
ونروح يا صاحبي نبني الأوطان على أساس من صخر.
وأخيرًا ولعلّ هذه الكلمات المُضيئة التي خطّها أديسون قيدوم المخترعين ،والذي أضاء العالم بمصباحه العجيب وأنار دياجير الدّنيا ، لعل هذه الكلمات من اصدق ما قيل ، فقد قال اثر تجربة حياتية عاشها : انّ 90% من النجاح هو عرَقٌ “. والعرق فيما اظنّ لا يسحُّ ولا يسيل إلا بعد بذل الجهد وسهر الليالي الحالكة، والتي لا قمرَ في سمائها . … فالوقت من ذهب فهيّا لا نبيعه بالرخيص .