أنا في طريقي الى بداياتي ..
يوسف جمّال - عرعرة
تاريخ النشر: 21/02/25 | 10:18
أسير في طريقي حافياً نحو وجه الشمس
ظلّي تحت أقداميّ
وناظريَّ شاخصتان الى سراب
الأفق أمامي
أخوض معركة عثرات يومي
وأحلم بسكون ليلي وتحقيق أحلامي
***************
أبحث عن أريج يافا المنبعث
من البرتقال
بعد أن غاب عني في مجاهل الزوال
غاب عنّي اخضرار الزعتر أمام عيني
وضاع في آلام الإعتلال
وبقيت وحدّي ..
أسير نحو الشمس لأصنع المحال
محارباً بأظافري كلَّ ما قيل
وما سيقال ..
*******
مشيت لأصل الى حلمي
أتقنت الرقص بين نقاط المطر
وبين ومضات البرق
وبين دبيب طبول الرعد
في ليلي ويومي
فانهمرت زخّات المطر
فصرت أرقص على
شلالات دمي
مقاتلاً قوى المحال
*************
مشيت باحثاً عن طريق
فضاعت بيَّ السُّبل
فتهت في منعرجاتك
فجئت لأبحث عن جهاتي
في أنحائك
ففقدت البوصلة
وحدّي ..
أحاول أن أخرج من ضيّاعي
لأجدك في ضياعك
أحاول أن أنشل غرقي من تيهي
لأجده بمتاهاتك
فتعالي ليتّحد تيهي مع متاهاتك
و ضيائي مع ضيائك
وسراجي مع سراجك
ونضيئ طرائقي وطرقاتك
لنجد نجمة الشمال
********
حطّمتُ الأصنام بفأسي
من مناة الى هبل
ودرت في شعاب مكة
أبحث عن أبي جهل
فسمعت منادٍ ينادي :
من دخل الكعبة فهو أمن
من دخل دار أبي سفيان فهو آمن
ومن دخل بيته فهو آمن
فتهتُ أبحث عن مكان آمن لإيوائي
فلم أسمع صدى لندائي
فسرت على أقدامي
لأصل الى سقف سمائي
**********
أخرجتُ ناري من أهاتي
وحرقتُ بها أبا لهب
توجهتُ الى ثقيف
حاملاً آياتي
فرموني بالحجاره
وأدموا آياتي
ورجعت أتوجًّع
في أتون آهاتي
*************
سمعت منادٍ ينادي :
ستسير قافلة الى يبوس
فقطرت بها جمالي
سرت مع القافلة حادياً
فعطشت ..
عطشت والماء على ظهور
النوق محمول
متى سنصل الى يبوس
وأروي ظمئي
من نبعها المحبوس
*******
عشقت خولة
فأخذت معها خباءها
ورحلت ..
وتركت وشمات أطلالها خلفها
ورحلتْ ..
و تركتني أبكي على صدى صوتها
يجوب البراري
وظلّها يمشي على يميني وعلى
يساري
وحدّي أسير باحثاَ عن مساري
وحدّي أدور في مداري
وحدّي أغوص في أعماقي
لأصل الى قراري
**********
وعشقت ليلى العامرية
فجُننتُ ..
ودرتُ أتوه في متاهات الصحاري
باحثاً عن قبس من موقدها
فلم أجدها في كراري وفراري
فهجرت ناري
وتدفّأَت على نار قصيد أشعاري
فناديتها :
ليلايَّ ..
لماذا لا تسيرين على خطايّ
لماذا لا تسْرين في مسرايّ
لماذا لا تعشقين قصيدي وغنّاي
فأنت حلمي وجنوني ودوايّ
فلم تجب !
**********
فاستعنت بالخنساء
وصحت : إيه يا خناس !
لعلّ حضنك يكون مينائي
و دموعك بيتي ومأوايّ
فبكت صخراً
وتركتني أبحث عن مواطن
بكائي
وأشعار رثائي
إيه يا خناس !
إيه يا خناس !
أصرخ وحدّي
وحدّي أصرخ
*************
وصلت بابل
وقرأت على لوحاتها
قوانين أهل بابل
فمرَّ المارون ورموها بالحجارة
وتركوا حروفها تنزف موتها
فجلست بقربها أنزف دمعها
فصحتُ منادياً ..
حمورابي !
فخرج من الطِّين
من المنادي !؟
سأل ..
أنا من فلسطين .. أجبت .
عدْ وابحث عنّي في حطّين !
فعدتُ الى جنين
*********
ما زلتُ أركب سفينة نوح طالباً النجاة
من الطوفان
ما زلتُ أبحث عن مجداف
ينتشلني
قبل أن يجرفني التيّار
ناديت نوحاَ ..
من الغريق ؟ من في ضيق ؟
أجاب ..
أنا الصِّدّيق .. أجبت .
فسكت ..
********
ما زلتُ أقف على قمة الجليل
أبحث عن مساري في طريق التبّانات
في مدارات المجرات
فلم أجد سوى القمر
أحياناً يطلُّ وأحياناً يغيب عني
في ظلمة المتاهات
ما زلتُ أبحث عن نجمة الشمال
لترشدني الى بوصلة الجهات
لأصل الى قوت يومي
وحصيرة تحتي
مكاناً لمباتي
**********
رميتُ طيور الأبابيل
بحجارة من سجّيل
فطردتها وبقيت وحدي
وضربتُ بعصايَّ خرطوم الفيل
فولّى هارباً ذليل
ورميت بحصايَّ شجرة النخيل
فأسقطتُ عنها رطباً
وبعد أن أكلت زادي القليل
أكملتُ مشواريَّ الطويل
لأزرع زردة على جبال الخليل
******
يا أبتي
أتذبحني !؟
ألستُ من دمك ولحمك !؟
أليست شمسي شمسك !؟
وإلهي إلاهك !؟
ألم أولد من صلبك
وعشت على طهرك
وأحبُّ أغنيات العصافير مثلك
وأعشق اخضرار الزعتر مثلك
أتذبحني !؟
ودمي يجري في شريانك !
لماذا لا تتركني لأبكي قصيدة
على لحدك !؟
لماذا لا تتركني لأزرع وردة
على قبرك !؟
********
حملت ناياتي
ووقفت على قمة الكرمل
مرة أبكي موج البحر
بمرثياتي
ومرة أغني معه
أغنياتي
وموجاته تعزِّف لحن أغنياتي
وسكناتي
وتتحِّد مع ناياتي
فصحت به ..
يا بحر !
لماذا لا تنشد معي القوافي
لماذا لا تعينني على مجدافي
ولماذا لا تغطيني بلحافي
ولماذا لا تطعمني الخبز الحافي
فسكت ..
*************
أحمي سعف نخلاتي بعصاتي
وبها أهشُّ غنماتي
وأرمي عصايّ سحراً
فتأكل أفاعي غُزاتي
وحدي ..
سرتُ مع رؤيايَ الى سماواتي
فرأيت بوصلة جهاتي
فسرت نحو شغف أمنياتي
******
أرقِّع ثوب أمي
بإبرتي ودمعاتي
وحدّي
أبحث عن عقال أبي
في متاهاتي
وحدّي أمتطي حصانه اليتيم
وأكرُّ وأفرُّ
في طرقاتي
وحدّي أحمل سهامي
وكناناتي
وأحمي تربتي وشجراتي
************
يا أمي
لماذا أخذت نور عينيك
من الدار
ورحلت
وتركتيني وحدّي ..
من سيؤاوي إبرتي
ويصلح جرابي
ويضيئ سراج غيابي
يا أمي ..
لماذا تركت النعنعة في حوضها
ورحلت ..
وتركتني ..
وحدّي أروي جفافها
ووحدّي أحمي عطرها
وأكفكف ندى دمعها
****************
في عاشوراء
وحدّي ..
صنعت من نزف دمي
زيتاً لسراجي
ومن عصابة بطني
قمَّاطاً لجوع بطني
ومن نور عينيَّ
مشعلة لعتماتي
************
وحدّي ..
أنظر أمامي فلا تصل عينيّ الى نهاياتي
وأتطلّع خلفي فلا تقشع عينيّ بداياتي
أشخص أنظاري الى زرقة سماواتي
فلا أرى نهاية لطريق مجرّاتي
وحدّي ..
سأطرد من طريقي شياطين مماتي
لأصل الى منابع ينبوع بدايات حياة