غزوة ذات الرقاع، وغزوة بدر الثّانية من خلال من كتاب نور اليقين 24
معمر حبار
تاريخ النشر: 24/02/25 | 11:11
غزوة ذات الرقاع:
قال الكاتب: “بلغه عليه السّلام أنّ قبائل من نجد يتهيأون لحربه وهم بنو محارب وبنو ثعلبة فتجهّز لهم وخرج في سبعمائة مقاتل وولى على المدينة عثمان بن عفان. ولم يزالوا سائرين حتّى وصلوا ديار القوم فلم يجدوا فيها أحدا غير نسوة فأخذهن فبلغ الخبر رجالهم فخافوا وتفرّقوا في رؤوس الجبال. ولما حانت صلاة العصر صلى بالمسلمين صلاة الخوف”. 150
مباغتة العدو:
أقول: مباغتة العدو قاعدة من قواعد الحرب، والنّصر، وإثارة الرّعب. وهذا ما فعله سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وانتصر دون قتال، ولا مواجهة.
الصلاة باب النصر، ومفتاحه:
أقول: حرص سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم على الصلاة والمعركة في أوجّهها، والعدو يتربّص بالقائد، والجيش، والعتاد. فصلاة الخوف في هذه الحالة تدخل ضمن قوله تعالى: “وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اَ۪سْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٖ وَمِن رِّبَاطِ اِ۬لْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ اَ۬للَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَءَاخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اُ۬للَّهُ يَعْلَمُهُمْۖ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَےْءٖ فِے سَبِيلِ اِ۬للَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَۖ “، سورة الأنفال، الآية 61.
ولذلك قال أسيادنا الفقهاء: أداء الصّلاة في وقتها، وأثناء المعركة. أي في حالة غير مريحة، ولا آمنة. أفضل بكثير من تأخيرها.
نصر غزوة بدر الثّانية:
قال الكاتب: “لمّا أهل شعبان هذا العام كان موعد أبي سفيان فإنّه بعد انقضاء غزوة أحد قال للمسلمين: موعدنا بدر المقبل، فأجابه الرسول إلى ذلك. فلما حلّ الأجل لم يتمكن أبو سفيان من الإيفاء بوعده. وخرج عليه السّلام بألف وخمسمائة من أصحابه واستخلف على المدينة عبد الله ابن عبد الله بن أبيّ حتّى أتوا بدرا فلم يجدوا بها أحدا. ولما سمع بذلك صفوان بن أمية قال لأبي سفيان: قد والله نهيتك أن تعد القوم قد اجترأوا علينا ورأوا أنا خلفناهم”. 151
لا تتهاون مع العدو:
أقول: تعتمد الحروب على جملة من العناصر، منها الوفاء بالعهد.
وعظمة القائد في وفائه للعدو قبل الصّديق. والوفاء بالعهد من علامات النّصر، ورفع معنويات الجند، والحثّ على مواصلة مواجهة الحرب، والدّفاع عن الأرض والعرض.
كلّ تهاون في جزئية مهما بدت صغيرة مع العدو -وهي ليست صغيرة أبدا- سيستغلّها العدو لصالحه، ويظهر أنّه المنتصر، وربما صاحب الحقّ. ويغرس على إثرها الفتن، والأكاذيب لزعزعة الصّف، وهدم الثّقة بين القيادة والمجتمع. ويصعب حينئذ تدارك الأخطاء دون خسائر معنوية ليست بالهيّنة.
شهادة العدو من النّصر:
أقول: من مظاهر نصر المسلمين في غزوة بدر الثّانية، هي: إصرار القائد الأعلى سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، للوفاء بالعهد. أي التقاء الجيشين في السّنة المقبلة ببدر. كما كان الالتقاء في بدر الكبرى في السّنة الماضية.
استعداد جيش المسلمين لخوض غزوة بدر الثّانية مهما كانت الظّروف. وقد ظلّوا على هذا الاستعداد النفسي، والعسكري حتّى بلغوا بدر، وحقّقوا بذلك أهدافهم ونصرهم.
لم تستطع قريش وعبر قائدها -يومها- من بثّ اليأس، والفرقة داخل صفوف المسلمين، وفشلوا في ثنيهم عن مواصلة السير نحو بدر.
واصل جيش المسلمين طريقه نحو بدر رغم الشّدائد، والصّعاب.
اعترف صفوان بن أمية وهو العدو أنّ المسلمين انتصروا في غزوة بدر الثّانية بعدما انتصروا في الأولى. واعترف أنّ المسلمين “اجترأوا علينا ورأوا أنا خلفناهم”. وهذه شهادة من عدو يقرّ من خلالها أنّ قريش انهزمت من جديد وفي ظرف عام واحد على أيدي المسلمين.
الحفاظ على النصر من النّصر:
أقول: انتصر سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، في غزوة بدر، وأذلّ قريش، وقتل سادتها، وتم أسر جنودهم، ورضخت قريش لشروطه صلى الله عليه وسلّم، لإطلاق سراح جنودها. ويحدث كلّ هذا رغم عدم توازن ميزان القوى بين الجيشين.
ووفاء سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، بالعهد المتمثّل في الالتقاء بقريش في بدر ثانية يدلّ بوضوح أنّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، يريد تثبيت النّصر الأوّل الذي حقّقه في غزوة بدر الأولى، والبحث عن نصر جديد. وليعلم العدو أنّ النّصر صناعة المسلمين، وعقيدتهم يتشبّثون به، ويحافظون عليه، ولا يتنازلون عنه أبدا، ومهما كانت الظروف.
الإثنين 26 شعبان 1445هـ، الموافق لـ 24 فيفري 2025
الشرفة – الشلف – الجزائر
—
الشلف – الجزائر
معمر حبار