بمناسبة اليوم العالميّ للمرأة
د. محمود أبو فنّه
تاريخ النشر: 09/03/25 | 13:14
لا أبالغ إذا قلتُ إنّ حياة بني البشر بدون المرأة ستكون باهتة بلا لون، بل أكثر من ذلك: فالمرأة نصف المجتمع تقريبًا من حيث العدد ولكنّها تقوم بدور الرّعاية والتّربية للمجتمع بأسره!
والمرأة شريكة للرّجل في تحقيق الرّقيّ والتّقدّم للمجتمع، فعلت ذلك منذ فجر الحضارة، ولم يقتصر دورها على أعمال البيت وإدارة شؤونه، بل خرجت لتساعد في أعمال الزّراعة والفلاحة، وتدريجيًّا اقتحمت مجالات العمل الأخرى مثل الحرف والمهن اليدويّة المختلفة.
واليوم بفضل تعلّم المرأة وتخصّصها في مختلف الموضوعات ونيلها أعلى الشّهادات صارت تمارس معظم الأعمال والمهن الّتي يمارسها الرّجل.
ويمكن القول إنّه من الصّعب – وربّما من المستحيل – لأيّ أمّة أنْ ترقى وتنهض بدون مشاركة المرأة الفعّالة – مع الرّجل – في بناء الأسرة السّليمة، وتربية الأبناء التّربية المنشودة، والمساهمة في عجلة الإنتاج والعمل.
يحلّ يوم المرأة العالميّ هذا العام بعد مرور أكثر من خمس سنوات على وفاة زوجتي الفاضلة أمّ سامي، ممّا عزّز رأيي بمركزيّة دور المرأة في حياة الأفراد والمجتمعات والأمم؛ فيصعب على الأسر التي تفقد الزوجة -الأمّ والجدّة – أن يلتئم شملها كما اعتادت، وأن تذوق الحنان والمحبّة والدعم التي كانت تغدقها الزوجة الراحلة.
وللأمانة، أشير إلى العبء الثقيل الملقى على عاتق المرأة هذه الأيّام، فمن جهة، خرجت المرأة للعمل خارج البيت، ولكنّها في نفس الوقت تقوم بالواجبات المنزليّة المعتادة، وأحيانًا كثيرة بدون مساعدة الرجل/الزوج.
ولنتذكّر، إنّ عملَ المرأة ليس هدفه الوحيد الراتب والمردود المادّيّ – مع أهميّة هذا الدخل للمساهمة في سدّ حاجات الأسرة المتزايدة – بل إنّه، كذلك، يمنح المرأة الفرصة لإثبات ذاتها وتعزيز ثقتها بنفسها وبشخصيّتها، ويشعرها بأنّها تحقّق ذاتها، كما يُسهم في تخفيف/تقليص المفاهيم والأنماط التقليديّة التي كانت تعتبر المرأة للبيت وللمطبخ وتعتبر الرجل للعمل والكسب وتحمّله مسؤوليّة إعالة الاسرة وحده.
ومن خلال تجاربي في الحياة، يمكنني القول:
إنّني – والحمد لله – كانت، وستظلّ، مواقفي من المرأة كلّها احترام وتفهّم وتعاون!
فقد حرصتُ على طاعة أمّي ومحبّتها، وقد فارقتِ الحياةَ، رحمها اللهُ، وهي راضية عنّي.
أمّا علاقتي بأخواتي فكانت – ولا تزال – علاقة برّ ورحمة وصلة دائمة لا تعكّرها الأنانيّة.
أمّا المرحومة زوجتي الفاضلة فقد جمعت بيننا علاقة المودّة والاحترام والرحمة والوئام والمشاركة في السرّاء والضرّاء.
وأنعم عليّ الباري بزوجات صالحات طيّبات لأبنائي، وعلاقتي بهنّ وبالحفيدات علاقة محبّة وتقدير واحترام متبادل.
وفي مشوار الحياة، عرفتُ الزميلات في الدراسة والعمل، وكان التفاهم والتقدير والثقة ما يميّز العلاقة المتبادلة بيننا.
آمنتُ – وما زلتُ أومن – أنّ المجتمع لن يرقى ولن يتقدّم إلّا بتعاون المرأة والرجل ومشاركتهما، وما أصدق قول الشاعر الزهاوي:
يرفعُ الشعبَ فريقا … نِ إناثٌ وذكور
وهل الطائرُ إلّا … بجناحَيْه يطير
آمنتُ – وما زلتُ – أنّ المرأة تمتلك الطاقات والقدرات والمؤهّلات لتتبوّأ أرفع المناصب، وتشارك في شتّى المجالات – بدون إهمال أنوثتها وأمومتها – ومن بينها المجال السياسيّ والجماهيريّ.
آمنتُ أنّ المرأة التي تعمل خارج البيت وتقوم بواجباتها المنزليّة تستحقّ العون والمساعدة، ولا بأس، بل المطلوب، أن يشارك الرجال النساء في الأعمال المنزليّة، ورعاية الأبناء وتربيتهم.
قد تكون المرأة أضعف من الرجل في قوّة العضلات، لكنّها قد تفوقه، أحيانًا، في قوّة الإرادة والاحتواء!