بين الدين لنا القدس لنا و دمشق لنا الى يوم القيامة

“لبيك يا رب العالمين، صوت قلبي يناديك *** في كل خطوة أرى آياتك، وروحي تسعى إليك” .

“هذا الحج نداء الأرواح، وحدة الأمة في المسار *** من كل أرض جئنا إليك، نلبي النداء بالأنوار”

محمد إقبال الشاعر (1877-1938)،”لبيك” .

تقدم محمد صالح الى المنصة ليلقي كلمة كوزير الثقافة بالحكومة السورية الجديدة استهلها بشعر من البحر الخفيف، فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ فَعُولُنْ. قد يصبح نشيدا لو أعجب به أبو الجود، حيث قال:

-1-لقد صمنا عن الأفراح دهرًا *** وأفطرنا على طبق الكرامة.

-2-فسجل يا زمان النصر سجل *** دمشق لنا إلى يوم القيامة. ثم استدرك .

وعلق ” عندما نقول “لنا” فإننا نعني للجميع عرقا ودينا ولونا ومبتدأ ومنتهى “. مع دعوة للابتعاد عن كل ما كرسه النظام البائد من ثقافة، والالتزام باستعادة المكانة الثقافية التي تستحقها سوريا. ولا شك ان في الانا ولنا بعد طائفي بغيض، بالرغم من التعليق ومحاولة الاستدراك. ولعله باح بما يسره كثيرون (دمشق عادت لأهلها وهم يشكلون الأغلبية ولن يتنازلوا عنها ابدا ) . ولعلي افصل في منشور اخر كيف ان وصول السلفية الجهادية لأول مرة في التاريخ لسدة الحكم. لن يتخلوا عنه ابدا، وقد ابدى الرئيس الشرع تحديدا ومن حوله من البطانة حكمة واضحة الى حد الساعة ، رغم كثير التحديات والمتربصين والمعوقات الداخلية والخارجية . لكن هذا المنشور مخصص للتذوق الشعري فدعنا من البوليتيك ولو بعد حين . حيث تذكرت قصيدة ونشيدا راسخا صاحب الصحوة: “الـــديـــن لـــنـــا و الـــحـــق لـــنـــا.”( تنسب خطأ لمحمد إقبال رحمه الله). كنا نسعمها كنشيد من تلحين وأداء الأستاذ القدير منذر سرميني المدعوا ” أبو الجود” . من الرجز: مُسْتَفْعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ.

1. الـديـن لـنا والـحـق لـنـا والـعـدل لـنـا والـكـل لـنـا *** أضحى الإســلام لنا ديناً وجميع الـكـون لنا وطنا

2. تـوحـيـد الله لـنـا نـور أعـددنا الـروح لـه ســكـنـا *** هو أول بـيـت نـحفـظه بحياة الـروح ويـحفظـنا

3. علم الإســلام عـلى الأيـام شــعـار المـجـد لملتنا *** الكون يزول ولا تمحى بالدهر صحائف ســؤددنا

4. بنيت في الأرض معابدها والبيت الأول كعـبتـنـا *** يا أرض الـنـور من الحرمين ويا ميلاد شــريعتنا

5. روض الإســلام ودوحته فـي أرضـك رواها دمنا *** قـولـوا لســماء الـكون لـقـد طاولنا النجم برفعتنا

6. وأذان المسـلم كان له في الغرب صدى من همتنا *** ومحمد كان أميـر الـركـب يـقـود الفـوز لـنـصـرتنا

إن اســم مـحـمـد الـهـادي روح الآمـال لـنـهـضتنا

فمن حيث السياق البعد الأموي واضح : والحديث عن دمشق بحب، كعاصمة الدولة الأموية (661-750 م)، وكانت مركزًا للخلافة الإسلامية التي توسعت لتشمل أرجاء واسعة من العالم. هذا السياق التاريخي قد يكون مصدر إلهام للقصيدة، حيث تعكس فكرة “الكون لنا وطنا” ذروة المجد الأموي عندما كان الإسلام يمتد من الأندلس إلى الهند. الجامع الأموي بدمشق، كرمز ديني وثقافي، قد يكون حاضرًا في خلفية هذا التفخيم.

ومن حيث “التنشيد” في دمشق: حيث يتغنى اهل دمشق بشكل واسع بقصيدة:”الـديـن لـنا والـحـق لـنـا والـعـدل لـنـا والـكـل لـنـا ” واضيفت لها مؤخرا والقدس لنا .، مما يرجح أصلها الدمشقي. هذا يعزز فرضية ارتباطها بالتراث المحلي، وربما كُتبت للاحتفاء بالمدينة كمهد للحضارة الإسلامية، بعيدًا عن أي نية طائفية ضيقة. ولا استبعد ان تردد ابيات الوزير الشاعر : “لقد صمنا عن الأفراح دهراً .. “. نشيدا . حيث تحتفي بدمشق كرمز للصمود والنصر بعد فترة من المعاناة. “صمنا عن الأفراح دهرًا” تشير إلى تحمل الشدائد، بينما “أفطرنا على طبق الكرامة” تعبر عن استعادة العزة. “دمشق لنا إلى يوم القيامة” تؤكد استمرارية هذا الانتماء. البعد الأموي: دمشق كانت عاصمة الأمويين، وشهدت فترات من التحديات (مثل الصراعات الداخلية أو الهجمات الخارجية)، ثم انتصارات عظيمة. الأبيات قد تستحضر هذا التاريخ وتوظفه، حيث كانت المدينة مركزًا للإسلام المزدهر، ورمزًا للكرامة العربية والإسلامية.

فالقصيدتين اذن فيهما احتفاء بالمجد والكرامة بعد فترة من التحدي (الصوم عن الأفراح في الثانية، والإحساس بالتمكين في الأولى). وتركيز كليهما على “لنا” كتعبير عن الانتماء الجماعي، وكلاهما يختلف عن الشعر الطائفي الذي يمجد الأمويين ويسب الشيعة (مثل بعض القصائد المتداولة والتي فيها الكثير من البدعية و حتى الشرك والعياذ بالله ). هنا، التركيز على الوحدة والكرامة، وليس على الفرقة أو الشتيمة.

جمال الأسلوب . وجزالته واتسمت الاولى بالقوة والتكرار الذي يعزز الإحساس بالعزة، بينما الثانية تجمع بين التصوير البليغ (“طبق الكرامة”) والنداء التاريخي (“فسجل يا زمان”).

——– تهميش——-

(1) https://youtu.be/042n3bxvlno?si=_qvjZ7E-3xj2hBlx