الحقيقة بِكُلّ وضوح

هادي زاهر

تاريخ النشر: 01/04/25 | 10:32

يطلّ علينا في الفترة الأخيرة العديد من الأشخاص ينتمون إلى أبناء الطّائفة الدّرزيّة في إسرائيل،

يتحدّث هؤلاء باسم الطّائفة زاعمين بأنّ جميع أبناء الطّائفة الدّرزيّة في إسرائيل موالين للسّلطات الإسرائيليّة، والحقيقة أنّ الدّروز في إسرائيل ليسوا مَسطرة فهم كَكُلّ أبناء شعبنا، فيهم تشكيلة من كلّ الألوان والأشكال، منهم الموالي فعلًا ومنهم أيضًا المُعادي لسياسة السّلطات الإسرائيليّة

ممّا يزعم الموالين بأنّ نسبة شباب الطّائفة الّذين يخدمون في الجيش 82% وهذه كذبة سوّقتها السّلطات الإسرائيليّة امعانًا في

سياستها ” فرّق تسدّ” ولو أردنا أن ندّحضَ هذا الادّعاء نَجِد مثلًا أنّ أكثر من 20% من الشّباب الدّروز متديّنين وهم بحكم ذلك لا يخدمون في الجيش وهذا المعطى لوحده يدّحض الادّعاء، بل وأكثر من ذلك بكثير حيث أجرى قبل فترة “معهد هرتسيليا” الّذي تعتمد عليه السّلطات الإسرائيليّة وتعتبره أكثر المعاهد موضوعيّة، أجرى بحثًا حول نسبة المتهربين من الخدمة في الجيش من الشباب الدروز 54 % ومن فمك أدينك، كما أجرت جامعة حيفا بحثًا حول نفس المتهربين بلغ 65%، بمعنى أن أكثر من نصف عدد الدّروز في إسرائيل معادين لسياستها، طبعًا هؤلاء لا يقفون في المواجه، لا سيما وأن السّلطات وأجهزتها تلاحق المعارضين وتضربهم في مصدر رزقهم والنّاس تريد أن تبتعد عن المشاكل وتنصرف في سبيل رزقها وتربية أسرها.

حتّى نثبت الحقيقة بالبرهان القاطع نذكر بعض ممن تسعفنا بهم الذّاكرة ممّن سجنوا وقضوا زهرات شبابهم في السّجون بتهمٍ أمنيّة، نذكر منهم، الشّيخ أبو صياح كنج عزّة.. صالح قويقس.. قويقس قويقس سلمان قويقس.. يحيى عطالله.. فرج خنيفس.. عبد عزام.. شحادة شرّوف عاصم الخطيب الّذي تمّت تصفيته وفقًا لما يشهد به البعض وغيرهم ممّن اختار السّجن بدلًا من الخدمة والمئات الّذين مثّلوا دور المريض ودور المجنون، حتّى أنّ هناك من عَملها في سروالهِ حتّى يتهرّب من هذه الخدمة، كلّ ذلك لم يذكر في وسائل الإعلام وتمّ أبرز المواقف الموالية، هذه المواقف تنبع من جهل وعمليّة غسل دماغ أجرتها السّلطات على أهلنا وهناك من يتحدّث بلغة الكاثوليكيّ أكثر من البابا وهم عادة ما يكونوا شباب مراهقين وقعوا ضحيّة غسل أدمغتهم ومنهم من يعمل في وزارة الخارجيّة.

المشكلة هي أنّ السّلطات الإسرائيليّة استطاعت للأسف الشّديد من تضليل شعبنا كلّه وراح الكثيرين يكيلون الاتّهامات للطّائفة الدّرزيّة ككلّ، متناسين ما قدّمته الطّائفة الدّرزيّة من ثورات دفاعًا عن القوميّة العربيّة عبر التّاريخ.. هذا الدّور الّذي فاق كلّ التّوقّعات وتبارز شعراء الأمّة في مدح الدّروز، ابتداءً من أمير الشّعراء أحمد شوقي.. شاعر النّيل ناجي إبراهيم.. معروف الرّصافي والشّاعر القرويّ رشيد الخوري والكثيرين..

الطّائفة الدّرزيّة قدّمت الكثير كلّ من موقعه، فهنا شاعر المقاومة الفلسطينيّة سميح القاسم يدبّ الحماس في نفوس الأمّة ولا حياة ولا حياء لمن تنادي، ومدوّن الرّواية الفلسطينيّة سلمان ناطور والقائمة تطول وفي لبنان وقف الدّروز إلى جانب الثّورة الفلسطينيّة واستطاع الفيلسوف كمال جنبلاط أن يقنع الزّعماء العرب لأوّل مرّة باستخدام النّفط كسلاح ضدّ الدّول المناصرة للاحتلال، ولا ننسى أمير البيان شكيب أرسلان الّذي جاءت وصيته عبارة عن كلمتين ” أوصيكم بفلسطين” وعلى صعيد الفنّ لا نستطيع أن نتجاهل الموسيقار فريد الأطرش وشقيقته أسمهان صاحبة أعذب صوت.

هناك تجاهل مقصود لدور الدّروز في مقارعة الاستعمار حيث لَمْ يَذْكُر التّاريخ عن دورهم في كسر نابليون على أسوار عكّا حين لملم أذياله وقال: “أعطيني هؤلاء لأحارب بهم الدّنيا” وذهب إلى مصر ليفشّ غلّه ويكسر أنف تمثال أبو الهول، ولا دور مجيد أرسلان في تحرير لبنان وقبل ذلك بكثير في هزيمة الدّولة العثمانيّة الّتي جلست على صدور العرب عدّة قرون.

وكان للدّروز الدّور الكبير في كسر هولاكو المغولي لا سيما في معركة عين جالوت، قلّة من المؤرّخين العرب نصفوا الدّروز مثل كمال صليبي الّذي قال: “لا يمكن الحديث عن الشّرق الأوسط دون الحديث عن دور الدّروز”

وإزاء ما تتعرّض له الأقلّيات في سوريا قَفَزَ على الموجة نتن ياهو وزعم بأنّه سيحمي الدّروز، في حين تمّ اقصاء الدّروز من قانون القوميّة الّذي يمهّد الطّريق لتهجير كلّ من هو غير يهوديّ من موطنه، والحقيقة هي أيّ إنسان يتعرّض للقتل سيطلب الحماية حتّى من القرود الّتي ستجدها مناسبة لاحتلال مناطق تحلم بها منذ زمن، وهذا ما يحدث اليوم وسط صمت الأمّة العربيّة والإسلاميّة والمجتمع الدّوليّ، وكان أن صادرت السّلطات الإسرائيليّة 83% من أراضي الدّروز في حين صادرت لأهلنا العرب 80,5 % كأن ذلك لإفقارهم وبالتّالي تجنيدهم في الجيش وامعانًا في هذا المخطّط ومواصلة عمليّة غسل الدّماغ تمّ إعداد برامج دراسيّة خاصّة للطّلّاب الدّروز تختلف عن البرامج المعدّة لباقي الطّلّاب في الدّولة!!

واليوم بعد زيارة مشايخ من سوريا لمقام النّبيّ شعيب عليه السّلام، يجري تخوين الدّروز وهنا نقول لهؤلاء كما قال المثل الشّعبيّ ” قبل ما تشوف القشّة في عين غيرك شوف العمود اللي في عينك” إسرائيل تسمح للأخوة المسلمين الذّهاب إلى مكّة وللأخوة المسيحيين من لبنان القدوم إلى بيت لحم، كما أتاحت حتّى ليهود إيران من زيارة اقربائهم هناك ولكنها لم تسمح للدّروز زيارة أقاربهم في لبنان وسوريا وقامت بمحاكمة السّيّد سعيد نفّاع المنظّم لهذه الزّيارة وسجنته والغت شهادة المحاماة الّتي بحوزته!! وهكذا فإنّ ما هو مسموح لكافّة الشّرائح في إسرائيل ممنوع على الدّروز، وما دامت إسرائيل تحجب عن هذه الشّريحة القليلة حقّها في التّواصل لما لا يأخذ حصّته في اضطهاد الآخرين! هذا من ناحية، من ناحية أخرى، الدّروز يتجنّدون اجباريًّا يشكّلون أقل من 10% من المجنّدين العرب الّذين يتجنّدون تطوّعًا، وهناك فتيات في الجيش منهم جنرال وفتيات محجّبات يعملن في سلك الشّرطة أغلبيّتهم من السّنّة.. فهل نتّهّم السّنّة ككلّ؟؟ كلّا! هذا لا يجوز، ففي التّعميم الكثير من الظّلم والتّجنّي.

قبل أيّام قام عدد من المشايخ الدّروز من سوريا بزيارة مقام الّنبيّ شعيب (ع) أغلبيّتهم تعدّوا الثّمانين من أعمارهم فانبرى العديد من الشّخصيّات من العالم العربيّ من مهاجمة الدّروز واتّهامهم بالخيانة، وجدوا عدد من الصّحفيين الموضوع مادة لبرامجهم، وهذه الزّيارة خيانة فعلًا؟!! أمّا إبلاغ ملك عربيّ عن موعد الحرب الّذي ستقوم به مصر وسوريا على إسرائيل ليس خيانة!!

تنازل مصر عن سيادتها على معبر صلاح الدّين ليس خيانة!

وذهبت المغرب أكثر من ذلك بكثير وأتاحت لإسرائيل إقامة مركز مراقبة على حدودها مع الجزائر، وهذه أيضًا ليست خيانة!!

تحوّل السّلطة الفلسطينيّة إلى أداة في يد الاحتلال لملاحقة رجال المقاومة، ذلك ليس خيانة

ترك شعبنا الفلسطينيّ يُذبح بمختلف الأساليب الجهنّميّة ليس خيانة! سبحانك يا الله فعلًا أنّ لك في خلقك شؤون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة