بين السياسة الحكيمة و الإرتجالية
بقلم قرار المسعود
تاريخ النشر: 15/04/25 | 20:26
ليس من المعقول و لا من المنطقي، أن يكون من السهل قيادة دولة كانت تحت
الوصاية الأجنبية فترة طويلة من الزمن و تريد التخلص منها في عشية و ضحاها و
تصبح مستقلة في قرارها و حرة في شعبها. و طبعا المعركة ستكون صعبة، إن لم تكن
مبنية على أسس و مبادئ و قيم مجتمعها مع إحترام المواثيق الدولية. و تكون كل مبادرة
مدروسة و خالية من التسرع.
إن حادثة الطائرة مسيرة المالية التي سقطت في جنوب تراب الجزائر و ما
تمخض عنها مع دول الساحل، يعتبر من بين الدروس لساسة و حكماء المنطقة و ما هناك
من مكائد مدبرة لاحقة يجب التفطن و الإنتباه لها و المعاملة لحلها بشكل جماعي حتى لا
نصل إلى طريق مسدود مع المحيط و التفتح شيئا فشيئا نحو بث الديمقراطية التي تخدم
الشعب في المقام الأول حتى يشارك فعليا و يدعم بناء الدول على أسس ثابة و خاصة في
دول الساحل و غيرها و يتجسد الحكم الراشد المرجو و أيضا تصحح سياسة هذه الدول.
هذه الظاهرة السائدة و التردد و التقلب في المواقف في الأونة الأخيرة في
الدول التي تريد أن تتمكن و تجد مكان في الساحة، تراها تتجول تارة في الشرق و تارة
في الغرب ولا تجد إستقرار ما دامت لا تعمل على بناء قاعدة صلبة في بلدها بواسطة
تحسيس و توعية و نشر العلم في مجتمعها و حل كل النزعات التي نسجها الغرب لها. إن
الذين كان لهم الفضل في تأسيس حركة دول عدم الإنحياز، كان الهدف و مازال و يستمر
للوقاية من الهيمنة الأحادية القطبية أو الثنائية إذا أجمعت على مصلحة واحدة، أن تكون
لهم (دول عدم الإنحياز) على الأقل وسيلة تخفيف من الضغط و الغطرسة. و أن يكون
تكتلها ضروريا في الظرف الحالي و الثبات عليه.
تبقى هذه الهزات تلقن الدروس من حين لأخر في كل مرة، لكل متردد و مغامر
بدولته و شعبه في مساره للحكم و التاريخ يكتب له أو عليه، و مهما يكون إذا لم تنصع
الى انجاز البنية التحتية بالتفتح و الحرية و دعم من المجتمع كله لن يستطيع أبدا الحصول
على الاستقرار و إزدهار الدولة و تقدمها ضمن مصف الدرجة المحترمة و النافذة. و يبقى
شرطا أساسيا محتوما في المعاملة التعاون و التفاهم و التكتل و الإتحاد المستمر بين الدول
الجارة على الدوام. و المثل في الجانب الإيجابي نجده في الإتحاد الأوروبي بأكثر من
عشرين دولة في التضامن ( حرب أوكرانية – تسديد ديون اليونان – تدعيم الكيان) و في
الجانب السلبي نشوب النزعات المفتعلة من أجل مصلحة الغير (إيران و محيطها –
الصحراء الغربية –السودان – الكونغو و غيرها).
هذا الفارق بين الضفتين من مستوى التسيير، هو الجهل و العمل بدون تخطيط
منطقي و من المغريات للحكام من أجل نهب الثروة على حساب الشعوب و المجتمعات و
تفعيل النزاعات الداخلية و بين الدول الجارة (سياسة فرق تسد). عند دول الغرب فلو
كسرت عندهم نافذة صغيرة فإنهم يتضامنون كلهم لاصلاحها. و نحن يحركوننا كدمية و
يقتلون الحياة و يحيون الموت فينا من اجل أغراضهم و يجوعون و يقهرون كل مَنْ سولت
له نفسه قول الحق. فيسكتوننا بشقراء جميلة أو جرعة مسكر لندمر مجتمعا بكامله و نسلم
بلدا بجميع خيراته
في حقيقة الأمر كل الإنسان خطاء و الخطأ يأتي غالبا عندما يكون إتخاذ الأمر
صادرا من القرار الفردي أو من بطانة فاسدة أو عن قصد مبيت أو عن مكيدة مدبرة مع
الغير. و يكون الصواب كلما إتسع التشاور من خلال بطانة عالمة لتلك الأمور و مزودة
بتجربة. تقول الحكمة: ما خاب مَنْ إستشار و حسن السؤال نصف العلم و مَنْ جرب
أصاب و مَنْ كذب خاب و أيضا تضيف العامية ” ما تركب حتى تلجّم و أعقد عقدة
صحيحة و ما تتكلم حتى تخمم لا تكون لك فضيحة” و القرار في هذا الموضوع صعب
العواقب لأنه يتعلق بمصير و تسيير أمة و بلد.