بين يدي الذّكرى السّابعة والسّبعين للنّكبة الفلسطينيّة

بقلم بروفيسور إبراهيم أبو جابر

تاريخ النشر: 29/04/25 | 7:09

تُحيي جماهير شعبنا الفلسطيني في مُختلف أماكن تواجده، هذه الأيّام، الذّكرى 77 لنكبة عام 1948 البشعة الّتي هُجّر خلال أحداثها حوالي ثلثي الشّعب الفلسطيني إلى دول الّلجوء المجاورة، وتفريغ أكثر من خمسمائة قريةٍ ومدينةٍ فلسطينيّةٍ أيضاً من سكّانها وتدميرها، وقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين في مجازر جماعيّةٍ بشعةٍ، والاستيلاء على حوالي 78% من مساحة فلسطين الانتدابيّة، ممّا أدّى إلى وأدِ الحلم الفلسطيني في إقامة الدّولة الفلسطينيّة المستقلّة.
تحدّى الشّعب الفلسطيني ذاك المصير المرّ، والمؤامرات بأنواعها، إقليميّةً وعالميّةً بقوّةٍ، عاضّاً على جراحه رافضاً كلّ مشاريع التّصفية وسياسات القبول بالأمر الواقع، وأفشل كلّ طروحات الاستسلام رغم كلّ المغريات ودعوات التّوطين.
لقد نجح شعبنا الفلسطيني أيضاً رغم قساوة الظّروف والمتغيّرات السياسيّة على مستوى العالم، في طرح القضيّة الفلسطينيّة في المحافل الدوليّة بأنواعها، وعرضها بكلّ شجاعةٍ أمام كلّ دول العالم، وخلق رأيٍ عامٍ عالميٍ مناصرٍ لّها في مواجهة السرديّة والرّواية الصهيونيّة، ممّا حافظ على بقاء القضيّة حيّةً في وجدان الشّعب الفلسطيني أولاً، ثمّ شعوب العالم.
تغشانا ذكرى النّكبة هذا العام 2025 والشّعب الفلسطيني يمرّ بمرحلةٍ استثنائيّةٍ لا تختلف كثيراً عمّا حصل عام 48، أطلق البعض عليها “نكبةً ثانيةً أو الفصل الثّاني من النّكبة”، من حيث الأخطار المحدقة به وبوجوده في أرضه، والمؤامرات الّتي تُحاك ضدّه ليل نهارٍ، والعمل على تصفية قضيتّه، برمّتها وتهجير أكثر عددٍ ممكنٍ من الفلسطينيين خارج وطنهم.
كشفت أحداث القطاع الفلسطيني(غزّة) الدّامية الجارية منذ أكثر من عامٍ ونصفٍ، وما يرافقها من مشروعٍ إسرائيليٍ متواصلٍ لتفريغ المخيّمات في الضفّة الفلسطينيّة من سكّانها اللّاجئين، وتشريدهم وهدم البيوت فيها لجعلها أماكن غير قابلةٍ للحياة، بهدف طمس قضيّة اللّاجئين، عمق المأساة الّتي يتعرّض لها الفلسطينيون، وحجم المؤامرة على الشّعب الفلسطيني.
لقد كشفت أحداث القطاع الفلسطيني(غزّة) أيضاً الواقع العربيّ العامّ وإفلاس النّظام الرّسمي العربيّ وجامعة الدّول العربيّة، ونفاق المجتمع الدّولي، وعجز المؤسّسات والهيئات الدّوليّة وأولّها الأمم المتّحدة، لا بل وانحياز الدّول الغربيّة الكبرى وعلى رأسها الولايات المتّحدة للمؤسّسة الإسرائيليّة، وتجاهل كلّ المواثيق الدّوليّة وحقوق الإنسان، لا بل موت الضّمير الإنسانيّ.
إنّ الحقّ أبلجٌ، فحقوق الشّعب الفلسطيني الشّرعيّة بخاصّةٍ حقّه في تقرير مصيره على أرضه والحفاظ على هويّته الوطنيّة والتمسّك بثوابته الدّينيّة والوطنيّة قضايا ثابتةٌ لا يمكن التّنازل عنها مهما كانت الظّروف والمتغيّرات الإقليميّة والدّوليّة.
صحيحٌ، إنّ الظّرف دقيقٌ جداً والجّرح عميقٌ، إلاّ ان الصّوت الفلسطيني قد وصل كلّ مكانٍ في المعمورة، وغدت القضيّة على الألسن وأمام كلّ المحافل الدّوليّة واستعدّت عديد الدّول الاعتراف بالدّولة الفلسطينيّة، لا بل رفعت بعض الدّول المتعاطفة مع الحقّ الفلسطيني قضايا أمام المحاكم الدّوليّة ضدّ ما يتعرّض له الفلسطينيون من عذاباتٍ.
سبعةٌ وسبعون عاماً خلت بكلّ ما حملت من جراحٍ وعذاباتٍ لهذا الشّعب، إلاّ انه سيبقى واقفاً وشامخاً، متمسّكاً بثوابته وحقوقه الشرعيّة الدّينيّة والوطنيّة، عاشقاً للحريّة والسّلام الحقيقي ورافضاً الاحتلال والتّهجير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة