اربعون عاماً على وفاة الزعيم الراحل عبد الناصر-الجزء الاول

بقلم: استاذ فؤاد كبها

اليوم مرت اربعون سنة على وفاة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر حيث توفي بظروف غامضة في 28/9/1970 وغدا أي في 29/9/2010 مناسبة مواراته الثرى وقد اعدت له جنازة كبيرة في ذلك التاريخ حيث  كنت حينها ادرس الثانوية في مدرسة كفر قرع وقد وقع الخبر على المصريين كوقوع الصاعقة بشكل خاص وعلى العالم العربي بشكل عام، وفي هذه المناسبة اردت ان  ابين بعض المحطات الرئيسية لحياة هذا الزعيم الذي آمن بالوحدة العربية من المحيط الى الخليج،وغيرها من المبادئ التي سميت على اسمه بالناصرية.

ربما في مقالي هذا اخذت الجوانب المضيئه وتجاهلت الجوانب المظلمة عند هذا الرجل ولكن المناسبة جعلتني ان لا اأخرج عن ذلك القول المشهور “اذكروا محاسن موتاكم” علما ان المؤرخين اخذوا الكثير من الجوانب المضيئة والجوانب المظلمة ومن المعلوم ان الكمال لله وحده فهناك الكبوات الكثيرة لهذا الرجل، واحتفظ حالياً بهذه الكبوات الى مناسبة اخرى لكي تكون الصورة مكتملة وان يكون مقالنا هذا متوازناً علمياً لان المؤرخ الذي يقرا كتاباً يجب ان لا يكون عبدا لهذا الكتاب وان لا يصدق كل ما كتب في هذا الكتاب بل يجب عليه تقصي الحقائق ومن السذاجة والاسفاف ان يكون دارس التاريخ عبداً لما يقرأه ومصدقاً لأول وهلة فيجب على المؤرخ ان يحاول ان يكون موضوعياً ولكن الموضوعية في التاريخ صعبة جدا فهي من الخوارق والمعجزات ورغم كل ذلك فاللتاريخ أهمية كبيرة والذي يحاول ان يقلل من شان التاريخ فليذهب ويقرأ الكتاب الذي يحمل عنوان “الاعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ”، وليتذكر كتاب ابن خلدون ونظرياته التي سطرها في مقدمته وهنا يجب عليه أن ينظر الى الفصل الهام الذي بحمل عنوان “العِبر وديوان المبتدأ والخبر”، ولكي نكون على مستوى المسؤولية يجب ان نتوخى الحذر وأعمال الفكر فيما كتبه المؤرخون القدامى والمحدثين.

من هو جمال عبد الناصر:

وُلد جمال عبد الناصر في الاسكندرية لأسرة فقيرة في عام 1918 , وتعلم الابتدائية والثانوية في الاسكندرية ثم انتقل الى القاهرة, والتحق بالكليات العسكرية وتفوق في هذا المجال.

وفي اواخر الثلاثينات من القرن العشرين بدأ هو وزملاؤه في تنظيم ما يُعرف بحركة الضباط الاحرار بصورة سرية, واشترك في حرب عام 1948 , وكانت حرب 1948 قد اثرت عليه بصورة مباشرة, فكانت الصدمة كبيرة, وزادت رغبته هو وزملائه للانقلاب على حكم الملك فاروق, وقد نجح هو وزملاؤه في 23 يوليو 1952 في عزل الملك فاروق واعلان الجمهورية.

وكانت هذه الثورة من اهم الثورات في الوطن العربي التي غيرت تاريخ مجرى مصر, وأثرت على الوطن العربي بشكل عام, وقد ترأس جمال عبد الناصر رئاسة الجمهورية في عام 1954 , وكان قد كتب كتاب بعنوان “فلسفة الثورة” وفي هذا الكتاب استعرض اوضاع مصر السياسية والاقتصادية والعسكرية قبل الثورة, وحدد اسبابها واهدافها.

قد حققت هذه الثورة انجازات هامة على الصعيد الداخلي وعلى الصعيد الخارجي.

هذا الزعيم نادى بالوحدة العربية وتحدى الاستعمار البغيض, هذا الزعيم نادى بالحرية, وقد رأى ان الحرية ضرورية لبناء الانسان, والتحرر من القيود.

جاء الرجل ليقول: لا للاقطاع, لا للاستغلال, لا للاحتكار, لا للتدخل الاجنبي, قال: نعم للجلاء, نعم للاستقلال الكامل, نعم للنهوض بالانتاج الوطني, نعم لتحقيق العدالة الاجتماعية, ونعم لتحقيق الديمقراطية.

ان انجازات هذا الرجل تدل على عظمته وحسه الوطني المرهف, وانتمائه بالطبقات المغلوبة على امرها, مثل الفلاحين والعمال, فمنذ البداية اهتم بامر الفلاحين, فاصدر ما يعرف “بقانون الاصلاح الزراعي”. متحديا الاقطاعيين ليقول لهم: من اين لكم هذا؟

ثم توج اعماله بالتصدي للعدوان الثلاثي, وتحرير مصر سياسيا واقتصاديا. ولم ينسَ اخوانه العرب الاشقاء في الجزائر, والمغرب, وتونس واليمن, فمد يد العون الى كل هؤلاء, ودعمهم لتحقيق الاستقلال, والتخلص من الحكام العرب الرجعيين.

ثم ان هذا الرجل قام بخطوة جريئة معلنا عن تأميم قناة السويس, فعادت القناة لمصر, وما زال السد العالي يشهد على عظمة هذا الرجل, هذا السد الشامخ بناه رجلا شامخا, عزيزا, كريما.

كان كل همه عروبته اولا, ومصريته ثانيا, فلا عجب ان يموت هذا الرجل بعد احداث ايلول الاسود بتاريخ 1970. 28.9 فقد احترق قلبه على الشعب الفلسطيني.

الجزء الثاني من المقال سينشر عن قريب بقلم الاستاذ فؤاد كبها