وللقمامة وطريقة التعامل معها أيضا ثقافة خاصة بها!!
تاريخ النشر: 22/12/11 | 6:00ويسألني محدثي مستغربا بل ومستهجنا: وهل للقمامة ثقافة خاصة بها؟ بالتأكيد قلت له، فكما للحديث ثقافة ، وللأكل والشرب ثقافة، فأن للقمامة ثقافة خاصة بها تتمثل في طريقة جمعها، حفظها، وإلقائها في صندوق القمامة ومن ثم جمعها من قبل عمال النظافة وحملها وإلقائها في السيارة المعدة للقمامة ، فلها ثقافة وأي ثقافة!!
وفي هذا السياق ، ففي العام 2003 كنت قد كتبت في إحدى الصحف المحلية مقالا تطرقت في إلى إقدام رئيس سلطة بلدية يهودية كبيرة على مرافقة عمال النظافة في عملهم ،بل ومساعدتهم في عملهم، مرتديا ملابس العمل الزرقاء ومبكرا العمل معهم في ساعات الفجر الأولى…كانت خطوة رائدة وتثقيفية من الدرجة الأولى قلبت كل المفاهيم التي ترى بالتعامل مع القمامة عملا مشينا رأسا على عقب.
والمتتبع لهذا الموضوع يرى ويصل إلى نتيجة أنه حان الوقت لننظر إليه نظرة لا تقل أهمية عن مواضيع أخرى كالمواصلات والتربية والتعليم والرياضة ، فهو موضوع بيئي من الدرجة الأولى وحبذا لو تبنته لجان جودة البيئة بدلا من أقسام الصحة التي أثبتت عدم نجاعتها في هذا المضمار ، ونحن لا نلقي الكلام جزافا وعلى مواهنة ، فبعض المواطنين، وأقول بعض المواطنين تواضعا يسيئون استعمال صناديق القمامة ، فبدلا من جمع القمامة المنزلية ووضعها في أكياس بلاستيكية خاصة بها وإحكام إغلاقها ،يقومون أحيانا بإلقاء مخلفات البناء والأتربة والحصى داخل صناديق القمامة، والأنكى من ذلك سكب بقايا الطعام ، وأعني الطبيخ وأحيانا قشور البطيخ داخلها دون استعمال أكياس البلاستيك الخاصة بالقمامة…
أما طريقة التعامل مع هذه الصناديق المنتصبة أمام بيوتنا وعلى جوانب الشوارع والطرقات ففيها من عدم الاكتراث والإهمال ما يؤدي بهذه الصناديق إلى حالة ما فوق الإشباع لتتناثر بعض محتوياتها بالقرب منها وعلى الأرصفة والطرقات ، وتشكل دعوة للقطط والكلاب السائبة للعبث بها ، ونبشها وبعثرة محتوياتها مما يسبب الأذى والقرف والمنظر اللاجمالي واللاخلاقي. وكذلك الحال مع الحاويات ومحتوياتها عندما تكون ملأى وفوق طاقاتها بل ومتخمة ، تأن تحت وطأة ما في داخلها مكشوفة وغير مغطاة ، وتكون محصلة هذا العبث مكاره صحية وبيئية وجمالية دون أن يكترث بها أو يعالجها جذريا أحد من المسؤولين المحليين.
فلا يحق لنا والحالة هذه أن نتساءل: أين سلطاتنا البلدية والمحلية من إدراكها لخطورة هذا الأمر ومن جوانبه السلبية المتعددة: البيئية ، التربوية ، الصحية ، والإنسانية؟!
هذا ما يتعلق بالمواطن نفسه، أما ما يتعلق بعملية جمع القمامة وإلقائها وهي في صندوقها داخل عربة القمامة ، فأن فيها من المآخذ ما يكفي لتقديم لائحة اتهام لا تقل خطورة عن التهمة الموجهة للمواطن ، فأن عملية الحمل والتفريغ يتسمان في كثير من الحالات بالخشونة، فجر الصناديق هو أقرب إلى “الشحشطة” وما يرافقها من ضجة “وقرقعة” وتفريغ الصندوق وإعادته إلى مكانه (هذا إذا أعيد إلى مكانه) لا يقلان خشونة وفظاظة عن الجر والشحشطة وكثيرا ما خلف الجر والتفريغ وراءه بعض أكياس القمامة أو بعض القمامة لتبقى ملقاة على الشارع دون أن يكلف العمال أنفسهم عناء جمعها وإعادتها إلى عربة القمامة… وبالمقارنة لما يجري عند جيراننا في المدن اليهودية، فأنني ألاحظ تعامل عمال النظافة (أو عمال الزبالة كما يحلو للبعض أن يسميهم) مع القمامة بطريقة تختلف عن تعامل عمالنا ، فتعاملهم يتسم بالهدوء والرقة عندما يخرجون حاوية القمامة من قفصها الحديدي أو مكانها المخصص لها لتعاد إلى مكانها أو قفصها الحديدي بنفس الطريقة التي أخذت، ليس جرا أو شحشطة ودون أن يصاب الصندوق بأي أذى أو ضرر.
وعودة إلى حاويات القمامة عندنا ، فعند استعراضنا لأوضاعها الصحية ومدى صلاحيتها وسلامتها فأننا نلاحظ أن الكثير منها ليست بأوضاع صحية تؤهلها لأن تكون صالحة للاستعمال وذلك نتيجة لما تعرضت له من جر في الذهاب والإياب، فكثيرة هي الحاويات المصابة بإصابات خطيرة كالكسور والشقوق والخدوش أو فقدان أحد الأعضاء، مما يضطر بعضهم إلى اقتناء حاويات جديدة، مع ما يترتب على ذلك من أعباء اقتصادية خاصة لذوي الدخول المحدودة والقليلة جدا، هذا إذا لم يكونوا من جماعة من هم دون خط الفقر.
ويسألني محدثي: وهل للقمامة ثقافة خاصة بها؟!
وأجيب: وعند حاويات القمامة الخبر اليقين!!
(باقة الغربية)
ملاحظة: إذا كان المقال قد كتب بصيغة المذكر أو جمع المذكر، فأنني أقصد الإناث كذلك، فالمعذرة من القارءات الكريمات.
موضوع في غاية الاهميه فالنظافه من الايمان ومن واجبنا نحن مواطنين ان نغرس هذه الثقافه في ابنائنا لما لها من اهميه بيئيه وصحيه سلم فاك ابا اياد وادامك وادام عزك ومجدك
للاسف لا ارى تعليقات للموضوع بالرغم من اهميته الفائقة-هو موضوع بحث جيد بكافة الاطر التعليمية والتعلمية بالاضافة الى السلطات والسياسة
التكنولوجيا والعلم بسرعة رهيبة -وهذا التناقض الذي نحياه !!اين الحل !يقال عند تحديد المشكلة تصل الى نصف الحل!واضح الاهمال من الجميع على مستوى البيوت والعاملين والسلطات بالنهاية لكل شيء تربية وثقافة !السؤال كيف نعمل على غرس هذه التربية والثقافة بنفوس الناس خاصة الجيل الصاعد منهم
مسالة شائكة يا استاذي للاسف قليل من اهتم بهذا الجانب بل همش للغاية رغم اهميته القصوى.