عبد الرحمن الأبنودي..شاعر الفلاحين والجذور الشعبية
تاريخ النشر: 25/12/11 | 9:45عرفنا الشاعر المصري عبد الرحمن الأبنودي من خلال قصائده العامية المحكية التي تعبر بصدق وبساطة وحميمية عن مصر ،الأرض والطين والعيال والزحمة والفلاحين ،مصر عبد الناصر والسويس والسد العالي. وعرفه ملايين المصريين من أبناء الفلاحين والقطاعات الشعبية المسحوقة، الذين كانوا يلتفون كل يوم حول المذياع ويصغون إلى صوته ونبض كلماته الدافئة الحارة كالفلفل في السيرة الهلالية.
ونشط عبد الرحمن الأبنودي في حزب التجمع الوطني الوحدوي وشارك قوى اليسار المصرية رفضها لمشاريع الاستسلام والتطبيع وتحديها للمستنقع الآسن الذي جرّوا الوطن إليه.
جاء عبد الرحمن الأبنودي من أبنود بمحافظة قنا ستة 1938،وفي طفولته مارس كل الأعمال ،فجنى القطن ورعى الغنم ومشى خلف الحصادين ، وحفظ عن ظهر قلب عشرات النصوص الشعرية والغنائية.وحين كان في الرابعة عشرة من عمره قرض الشعر العامي والفصيح وتعرف على الشاعر أمل دنقل والروائي يحيى الطاهر، وفي سنة 1966 قبض عليه واودع السجن ، رغم أن أشعاره كانت مع شعارات الثورة.وقد نشر الأبنودي قصائده في الصحف والمجلات المصرية وصدرت له عدة أعمال شعرية منها:”الأرض والعيال”و”الرحمة”.
وتندرج أعمال ونصوص الأبنودي في إطار ما يعرف بالثقافة الشعبية أو الجماهيرية ، التي تعبر عن حياة الناس الفقراء والغلابا والمعذبين والجياع وتلتصق بقضاياهم المصيرية وهمومهم اليومية .
عبد الرحمن الأبنودي شاعر شفاف ، رقيق اللمحات واللمسات، رائق المشاعر والأحاسيس ، ممزوج بالشجن والألم والعذاب الإنساني ، يكتب قصائده بلحم ودم ولغة الحياة، وبانطلاقة عفوية مناسبة وحركة رشيقة واسلوب عفوي دافق بعيداً عن التكلف والغموض والتعقيد. عانق مطارق العمال ومناجل الفلاحين ومجّد الانسان التواق إلى التحرر والانعتاق من كل العوامل المناهضة بشريته المهدورة في متاهات التعصب، وأمتازت قصائده بالرؤيا الشعرية الأصيلة والتجربة العميقة ورهافة الحس..ومن جميل شعره ما قاله في ذكرى الزعيم العربي الخالد جمال عبد الناصر:
ابادلكم حرية ..بسجن
ابادلكم سلم..بحرب
ابادلكم صوتي .. بصمت
ابادلكم اسمي ..بصوت مجهول
ابادلكم فدادين الطين
بالعتمة في طوبة الزنازين
ابادلكم حاكم عادل بالفرعون الجبار
الجنة بالنار
الراحة .. بتعب القلب
ابادلكم امن ..بخوف
زهرية ورد ..بكباية دم
وحياة مرتاحة ابادلها بموت
ابادلكم لو كنتوا بمخبر كلب
ابادلكم لو كنتوا تبادلوني
تأخذوا سنواتكم وتردولي السنوات
صعب تردولي السنوات
صعب تبادلوني برجوع العزة
ومعنى الوطنية والأوطان
للشعب
مجمل القول ،عبد الرحمن الأبنودي شاعر يتفاعل بعمق وصدق مع واقع الناس البسطاء والمهمشين ويعيش أحلامهم الوردية المقدسة، ويعبر عن مشاعرهم وحبهم للحياة وتوقهم للحرية والفرح والسلام ، ويتمسك بالصدق والأصالة والإبداع الشعبي الحقيقي بمعناه الواسع والشامل ، وهو يدهشنا ببساطته وشفافيته ورهافته.