الشيخ عبدالكريم مصري يحاور موقع بقجة في خطبة الجمعة
تاريخ النشر: 04/10/10 | 12:43خطبة فضيلة الشيخ أ.عبد الكريم مصري “أبو أحمد” جاءت كجواب على اثر كتابة تعليق رقم 3 بموضوع خطبة الجمعة السابقة بعنوان ‘‘وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا‘‘ والذي نشر في الاسبوع الماضي في موقع بقجة.
3. مسلم ومؤمن وحائر :السلام عليك ياشيخنا اوجه سؤال من صميم قلبي انا اتعذب سؤالي هو هل يجوز للام ان تهين ابنها الذي يصوم ويصلي وتعزز ابنها الثاني الذي لا يصوم ولا يصلي ويكفر عليها ا حين يغضب وترضى عنة لان زوجتة قريبة لها اذهب عندها لزيارتها اجلس عندها ساعات لا تبدي اهتمام امام زوجتي واولادي عملت المستحيل لن ولم ترضى عني وعن اولادي وزوجتي من اي نوع هي قلبها حجر اواجه صعوبات في طاعتها وهي تعرف انها مهما عملت انا اذهب عندها واجلس تحت اقدامها ومع ذلك لا تحبني بل تحب المنافقون ما اصعب الدنيا ابرها وهي لا تساعدني.
” الحمد لله، ثم الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا، و ما كنا لنهتدي لولا أن هدانا، و ما توفيقي، و لا إعتصامي، ولا توكُّلي إلا على الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقرارا بربوبيته، وإرغاما لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمدا صلَّى الله عليه وسلم رسولُ الله، سِّيدُ الخلق و البشر، ما اتَّصلت عينٌ بنظر، أو سمعت أذنٌ بخبر، اللهم صلِّ، وسلِّم، وبارك على سيدنا محمد وعلى آله، وأصحابه، وعلى ذرِّيته، ومن والاه، ومن تبعه إلى يوم الدين، اللهمَّ ارحمنا فإنك بنا راحم، ولا تعذِّبنا فإنك علينا قادر، وألطف بنا فيما جرت به المقادير، إنك على كل شيء قدير، اللهم علِّمنا ما ينفعنا، و انفعنا بما علّمتنا، وزدنا علما، وأرنا الحق حقًّا، وارزقنا إتباعه، وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.”.
وتابع الشيخ قائلاً:” أما بعد؛ أيها الأخوة الموحدون يقول تعالى:((يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ)) أي يوصيكم به وصية سواء كان ذلك متعلقاً بما يكون في العدل بينهم أو قيماً يكون بإعطائهم حقوقهم أو غير ذلك من الجوانب المختلفة.”.
لقد حذرنا الله جل وعلا من عقوبة عقوق الوالدين وعدم معاملتهم بالحسنى. إن أعظم الذنوب على وجه الأرض هو الشرك بالله وإذ قال لقمان لابنه ((وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)). وبعد ذلك في سياق الآيات قال تعالى ((وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا)).
وأردف الشيخ قائلاً:” لكن ماذا عن عقوق الوالدين لأبنائهم ؟. الأبناء هم شباب المستقبل وعماد المجتمع، هم قرة الأعين كما قال تعالى:((رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا))، الأبناء أمانة ومسؤولية في أعناق الآباء والمربين.
قال يزيد بن معاوية: أرسل أبي إلى الأحنف بن قيس فلما وصل إليه، قال له: يا أبا بحر ما تقول في الولد؟. قال: يا أمير المؤمنين ثمار قلوبنا، وعماد ظهورنا، ونحن لهم أرض ذليلة، وسماء ظليلة، وبهم نصول على كل جليلة، فإن طلبوا فأعطهم، وإن غضبوا فأرضهم يمنحوك ودهم ويحبوك جهدهم، ولا تكن عليهم ثقلا ثقيلا فيملوا حياتك، ويودوا وفاتك، ويكرهوا قربك “.
لكن واقعنا يشهد انفلاتا تربويا من الآباء و الأمهات، وإستغلالا للوصايا القرآنية والنبوية في غير ما أوحي بها.”.
وأضاف الشيخ قائلاً:” كثير هم الأبناء والبنات الشاكين من سوء تربية الوالدين وظلمهم، فهل وقوفهم ضد الظلم يعتبر عقوق؟. وهل مخالفتهم لوالديهم في الحق عقوق أم لا؟. وكيف يتصرف الأبناء حينما يجدون أنفسهم تحت رحمة آباء وأمهات لا يخشون الله فيما يفعلون؟..
بداية أقول بأن طاعة الوالدين بالمعروف وفي المعروف لا نقاش فيها ولا جدال. والبحث عن إرضائهما وطاعتهما ورحمتهما من أعظم الأعمال.
لكن أحيانا وخصوصا حينما يكبر الأبناء تحصل أمور بين الوالدين والأبناء ينجم بسببها خلاف في الرأي أو في اختيار أحسن القرارات، فلا يفهم هل في مخالفة الآباء عقوق أو لا؟. كما قد يفهم الآباء أيضا أنه من الواجب على الأبناء طاعتهما دون نقاش أو جدال.
فالتأسيس للبيت المسلم الذي يضم أبناء سماهم القرآن بقرة العين تبدأ بـ: إختيار الزوجة الصالحة ثم إختيار إسم الولد ثم تعليمه القرآن وحسن تربيته: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشكو إليه عقوق ابنه، فأحضر عمر الولد وابنه وأنّبه على عقوقه لأبيه، ونسيانه لحقوقه، فقال الولد: يا أمير المؤمنين أليس للولد حقوق على أبيه؟ قال: بلى، قال: فما هي يا أمير المؤمنين؟ قال عمر: أن ينتقي أمه، ويحسن أسمه، ويعلمه الكتاب (أي القرآن)، قال الولد: يا أمير المؤمنين إن أبي لم يفعل شيئاً من ذلك، أما أمي فإنها ونجية كانت لمجوسي، وقد سماني جُعلاً (أي خنفساء)، ولم يعلمني من الكتاب حرفاً واحداً. فإلتفت عمر إلى الرجل وقال له: جئت إلي تشكو عقوق ابنك، وقد عققته قبل أن يعقك، وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك؟! “.
وتابع الشيخ:” العدل في تربيتهم والمساواة بينهم: روى النعمان بن بشير رضي الله عنه أن أباه أتى به إلى رسول الله فقال: إني نحلت ابني هذا غلاماً أي وهبته عبداً كان عندي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأرجعه. وفي رواية: فقال رسول الله: يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم، قال: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، قال: فلا تشهدني إذاً، فإني لا أشهد على جور). وفي رواية: لا تشهدني على جور. وفي رواية: أشهد هذا غيري) ثم قال: أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟ قال: بلى، قال: فلا إذاً. “.
وقال الشيخ كذلك:” عدم سبهم وشتمهم والتنقيص من قدرهم: فكم من والد أو والدة، لا يعرفان في خطابهما للأبناء والبنات إلا السب بأقبح النعوت وأشنع الصفات. أي العنف غير المبرر إذا كانوا غير متزوجين، وأما إذا كانوا متزوجين فإعطائهم الاحترام وخاصة أمام زوجاتهم. والواجب عليهم مراقبتهم ومتابعتهم ولو عن بعد والواجب عليهم، لمعرفة كيف يمكن معالجة تصرفاتهم.”.
وأردف الشيخ أيضاً:” عدم ترك الحبل على الغارب: كما يقال، أي لا تعيرهم أدنى إهتمام، وتقدم لهم كل ما يطلبونه من الأموال دون بحث أو سؤال..”.
عدم القيام بما تنهاهم عنه من قبيح الفعال: في إحدى المدارس استدعي الأب للنظر في أحوال ابنته، قيل له بأنها تدخن، فأنكر الأب في البداية هذا الفعل من ابنته، لكن لما رأى أن التهمة ثابتة، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، أنا دائما أقول لزوجتي لا تدخنين أمام البنت.
درء الخلاف مع الزوجة أمامهم..”؛ الرحمة بهم من تقبيل ولمس وحنو ومدح: عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه ولم فقال: تقبلون الصبيان فما نقبلهم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة “.
وتابع الشيخ:” تربيتهم وتعليمهم والإنفاق عليهم: لأن مثل هذه التربية هي المنتجة للرحمة:((وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا))، هكذا يبدأ البحث عن البيت المسلم، وهكذا يتم بناؤه أخي المسلم، لكن مع كل هذا قد تحصل خلافات بين الآباء والأمهات والأبناء، فما لونها وما العمل إتجاهها ؟.
وأضاف الشيخ:” من الأمور التي أضحت كثيرة وهي تعد من صور الخلاف بين الأبناء والآباء أذكر ما يلي: إصدار الأمور التي يجب أن لا تخالف، ولو مع كبر سن الأولاد، ولو مع تعارض الأمر مع حريتهم في الإختيار وإتخاذ القرار. فمثلا كم من إمرأة أو رجل حين يرغب إبنه بالزواج من فتاة ما، قد يلقى معارضة شديدة من والدته أو أبيه، فيقفان حجر عثرة أمام مستقبله الحياتي، بل قد يكون متزوجا، لكن لسبب ما لم تعجبهم الفتاة فيطلبان منه تطليقها، وهذا حاصل وموجود بكثرة. ويستشهد الآباء بما روي في بعض الآثار…”.
وأردف الشيخ حديثه بالقول:” عن ابن عباس رضي الله عنه أن إبراهيم عليه السلام جاء ابنه إسماعيل عليهما السلام بعد ما تزوج إسماعيل يطالع تركته، فلم يجد إسماعيل فسأل امرأته عنه، فقالت: خرج يبتغي لنا، ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم، فقالت: نحن بشر، نحن في ضيق وشدة، فشكت إليه. قال: فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له يغير عتبة بابه. فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئا فقال: هل جاءكم من أحد ؟ قالت: نعم جاءنا شيخ كذا وكذا فسألنا عنك فأخبرته، وسألني كيف عيشنا فأخبرته أنا في جهد وشدة. قال: فهل أوصاك بشيء ؟ قالت: نعم أمرني أن أقرأ عليك السلام ويقول غير عتبة بابك. قال: ذاك أبي وقد أمرني أن أفارقك، الحقي بأهلك فطلقها وتزوج منهم أخرى. فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله ثم أتاهم بعد فلم يجده فدخل على امرأته فسألها عنه، قالت: خرج يبتغي لنا، قال: كيف أنتم ؟ وسألها عن عيشهم وهيئتهم، قالت: نحن بخير وسعة وأثنت على الله . فقال ما طعامكم ؟ قالت اللحم . قال فما شرابكم ؟ قالت الماء . قال اللهم بارك في اللحم والماء[ …..] قال: فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ومريه يثبت عتبة بابه. فلم جاء إسماعيل قال: هل أتاكم من أحد ؟ قالت: نعم أتانا شيخ حسن الهيئة وأثنت عليه فسألني عنك فأخبرته، فسألني كيف عيشنا فأخبرته أنا بخير، قال: فأوصاك بشيء، قالت: نعم هو يقرأ عليك السلام ويأمرك أن تثبت عتبة بابك. قال: ذاك أبي وأنت العتبة أمرني أن أمسكك…”.
وعن أبي عبد الرحمن السلمي رضي الله عنه : أن رجلا أتى أبا الدرداء رضي الله عنه فقال: إن أبي لم يزل بي حتى تزوجت وإنه الآن يأمرني بطلاقها قال: ما أنا بالذي آمرك أن تعق والدك ولا أنا بالذي آمرك أن تطلق إمرأتك غير أنك إن شئت حدثتك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعته يقول:” الوالد أوسط أبواب الجنة فحافظ على ذلك إن شئت أو دع ” قال: فأحسب عطاء قال : فطلقها”.
وبأمر عمر رضي الله عنه : لإبنه بطلاق زوجته، عن ابن عمرر رضي الله عنه قال: كان تحتي امرأة أحبها وكان أبي يكرهها فأمرني أن أطلقها فأبيت فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال يا عبد الله بن عمر! طلق امرأتك”.
سئل الإمام أحمد رحمه الله عن هذه المسألة بعينها، فجاءه رجل فقال: إن أبي يأمرني أن أطلق زوجتي، قال له الإمام أحمد: لا تطلقها، قال: أليس النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر ابن عمر أن يطلق زوجته حين أمره عمر بذلك ؟ قال : وهل أبوك مثل عمر ؟.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن رجل متزوج وله أولاد, ووالدته تكره الزوجة وتشير عليه بطلاقها هل يجوز له طلاقها؟. فأجاب:” لا يحل له أن يطلقها لقول أمه, بل عليه أن يبر أمه، وليس تطليق امرأته من برها”.وقال : “ولا تجب على ابن طاعة أبويه ولو كانا عدلين في طلاق زوجته ; لأنه ليس من البر” .
وذكر ابن حجر في كتابه الزواجر:” لو كان – أي الوالد أو الوالدة – في غاية الحمق أو سفاهة العقل، فأمر أو نهى ولده بما لا تعد مخالفته فيه في العرف عقوقا لا يفسق ولده حينئذ لعذره، وعليه فلو كان متزوجا بمن يحبها فأمره بطلاقها، فلم يمتثل أمره لا إثم عليه..”.
وتابع الشيخ حديثه:” وكم من إمرأة متزوجة تأمرها أمها بأمور تخص زوجها بما لا يرضي الله، ألا فلتعلم كل امرأة أن طاعة زوجها مقدمة على طاعة والديها، إلا ما كان من برهما والرحمة بهما بما في استطاعتها، فطاعة زوجها عليها إذا لم يأمرها بمعصية الله أحق وأولى من طاعة أبويها.
وأقول ينبغي أن يتلطف في القول فيقول: عمر رأى شيئا تقتضي المصلحة أن يأمر ولده بطلاق زوجته من أجله. فالفيصل في إرضاء الأبوين اتباع المشروع، فلو أن الإنسان حاول الإتيان بالمشروع ومع ذلك أصرَّ الوالدان على الغضب وعدم الرضا فلا ضير، لكنه ينبغي للإنسان أن يتفنن في إرضاء الوالدين، ليتخذهما طريقا إلى الجنة. وعلى ذلك فلا يجوز للأولاد أن يطيعوا والديهم في معصية، ولا يجب عليهم أن يطيعوهم في تفصيلات الحياة الخاصة كنحو إشارتهم لك ان تنصحيه ول كان توجهه ول كان ترشيده بالزواج من امرأة معينة، ولكنه من تمام البر وليس من واجباته.قال الله تعالى:” وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا” سورة لقمان/ 15. ويدل على ذلك أيضا قول الرسول صلى الله عليه وسلم:” إنما الطاعة في المعروف “.
قال الحسن البصري:” إن منعته أمه عن صلاة العشاء في الجماعة شفقة لم يطعها.”، بل وكم من امرأة تمنع إبنتها أو إبنها من الزواج بإستعمال السحر والشعوذة حتى يبقى بجانبها ينفق عليها..، وكم من آباء يسخطون على أولادهم لأنهم رغبوا في الإستقرار بعيدا عنهم، وتجنبا لحصول مشاكل معهم. فيحصلون على السخط من قبلهم..، وكم وكم من غرائب لا يمكن ذكرها تحصل من الوالدين تجاه أبنائهم، وهو بذلك يعينوهم على السخط والعقوق، ألا فلينتبه الآباء والأمهات إلى هذا الأمر، وليتقوا الله في أولادهم…، هذه بعض الآثار التي يمكن أن يسترشد بها الآباء والأمهات في التعامل مع أبنائهن حتى لا يكونوا ممن يسهموا في إنتاج عقوقهم.
وأضاف:” عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :” بروا آباءكم تبركم أبناؤكم…”، وعن الشعبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” رحم الله والدا أعان ولده على بره”. وجاء في الأثر:” ربّوا أبناءكم على غير ما درجتم عليه، لأنهم مخلوقون إلى زمان غير زمانكم “.
ولنستمع إلى هذه الوصية الطريفة من أم لإبنتها، وليس كما يفعل نساؤنا اليوم مع بناتهم، من سحر وشعوذة: كانت أمامة بنت الحارث من نساء العرب الفضليات، وكانت زوجاً لعوف بن محلِّم المشهور بالوفاء، وقد ولدت له بنتاً اسمها أم إياس، تربت في حضن أم نبلة ترعاها وتغذيها بكل ألوان الأدب والمعرفة حتى تقدم لخطبتها عمرو بن حُجْر ملكُ كندة لما سمع من أدبها وجمالها وحسن خلقها. وهنا تنقللنا المصادر التاريخية وصية عظيمة من هذه الأم الفطنة العاقلة امامة بنت الحارث توحيبها ابنتها عندما اقترب نكاحها حيث تقول لها: يا بنية! احملي عني عشر خصال تكن لك ذخراً، واحفظيها له تكن لك ذكراً. أما الأولى والثانية:فالصحبة بالقناعة، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة، وأما الثالثة والرابعة:فالتعهد لمواضع عينيه والتفقد لموقع أنفه، فلا تقع عينُه منكِ على قبيحٍ ولا ينم منك إلا أطيب ريح. أما الخامسة والسادسة: فالتعهدُ لوقت طعامه، والهدوء عند منامه، فإن حرارة الجوع ملهبةٌ، وتنقيص النوم مغضبة. وأما السابعة والثامنة: فالاحتراس بيته وماله، والإرعاء على نفسه وحشمه وعياله. وأما التاسعة والعاشرة: فلا تعصي أمراً، ولا تفشي له سراً،فإنك إن خالفت أمره أوغرت صدره، وإن أفشيت سره لم تأمني غدره. ثم إتقي مع ذلك الفرح بين يديه إن كان ترحاً، والكآبة عنده إن كان قرحاً. فإن الخصلة الأولى منا لتقصير، والثانية من التكدير، وكوني أشد ما تكونين له موافقة يكن أطول ما تكونين له مرافقة، واعلمي أنك لا تصلين إلى ما تحبين حتى تؤثري رضاه على رضاك وهواه على هواك فيما أحببت وكرهتِ، والله يَخيرُ لك. قال تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)) وقال أيضا :((وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)). أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فيا فوز المستغفرين..”.
ومما جاء في خطبة الشيخ الثانية:” الحمد لله رب العالمين، و أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، و أشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، صاحب الخلق العظيم، اللهم صل، وسلم، وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله و صحبه أجمعين.”.
المجتمع في خطر، ما زال ذوي الشهداء يعشون الآلآلم وما زال القتلى المجرمين. تزيد الآلآلم عندما نرى أن المجتمع العربي في البلاد أصبح في خطر خمسه قتلى بالأمس “الخميس” في كفر سميع، قلنسوة، اللقية.”.
وإختتم الشيخ خطبته بالحديث حول موضوعين:” الأول؛ تحيي الجماهير العربية اليوم ذكرى هبة الأقصى وإستشهاد ثلاثة عشر شهيداً، واليوم إضراب شامل، والثاني؛ وفاة الحاج محمود حمدان أبو خاطر أبو حمدان فقدنا أباً وعماً فاضلاً من مصلي مسجد عمر بن الخطاب..”.
جزاك الله كل خير يا شيخنا…وان شاء الله تكون قدوة لبلدنا لطول العمر..
بارك الله بك يا شيخ واهتمامك بهموم الناس و التخفيف عنهم وتنويرهم بالايات القرانيه.
ما شاء الله تبارك الرحمن يا شيخ 🙂 دائماً بتتحفنا بخطبك المميزه ، فتح الله عليك واعانك وادامك لهذا البلد الطيب اهله .
وفقك الله لما يحبه ويرضاه .
في ميزان حسناتك ابو احمد
من شرفاء البلد الذين نفتخر بهم وبقوة ..جزاك الله كل خير يا شيخ واكمل في هذا المسير