وحدتنا وليدة ازمتنا…
تاريخ النشر: 30/12/11 | 12:08من منا لم تقض تلك الازمات المتلاحقة مضجعه, من منا لم يترحم على صيت هذه البلدة العريقة وسمعتها الناصعة. تلك الازمة التي لم ننتبه لوجودها الا حين وجدنا انفسنا نتضرج بالدماء, ونولول على عتبات الضياع. لم ينتبه أي منا ان نكبتنا تلك لم تكن وليدة الساعة.انها ذات عمر اطول بكثير, عمر يفوق ما قدرناه وما عهدناه.
فازمتنا الحقيقية هي تشرذمنا وانقسامنا الى فئات, وتحزبات وهمية نسجناها في خيالنا ودمرنا بها اخر رمق للالفة والتعاون والاحترام, ولم نكتف بذلك, بل بدأت فئويتنا تتأصل وتتجذر حتى باتت حقدا متناميا وكرها بغيضا بعضنا تجاه بعض, فلا هذا متقبل لذاك , ولا ذاك محتو لهذا.
فقد غابت عنا معان لطالما نقشت في جذور الامة وكانت نبراسها, فتجاهلنا التعاون والعطاء والتسامح والاخاء…ولم نرسم لنا خارطة الا للايقاع بالاخر, والتسلق على اكتاف الاخرين للوصول لمطامحنا, بل وطمس معالم الاخر.
فمنذ حقبة بعيدة اقلها منذ ان ولدت انا على هذه الارض, نشأت وانا ارى من حولي الفئوية تلو الفئوية, ولا اذكر ان روح المحبة والالفة تواجدت بين الاشخاص الذين يختلفون بوجهات النظر او الافكار, بل اشك حتى, بأن احدا منهم حاول سماع الاخر وفهم وجهة نظره, بل كان كل منهم يستمع لصوت انانيته وينبذ الاخر بل ويزدريه, وكأن كل منهما وليد عصر اخر ودين اخر ووطن اخر!!!!!
ليس عبثا اذا تراكمت احتقانات الزمن بين افراد البلد الواحد, وتعززت الكراهية والحقد, وبدأت تنغرس فينا تلك المبادئ المهترئة التي اتت على مجتمعنا ودمرته.
تلك الاجيال القادمة لا زالت تنحدر وتنحدر في نفس بوتقة الجهل والتخلف وعدم تقبل الاخر, بل عدم نطق كلمة السماح تجاه الاخر.
فبتنا نجهل مصطلحات جمة هي اصيلة واساسية لحياة ملؤها الامل والحب والتفاؤل…وتبنينا عادات بالية فعشقنا جلسة القهوة مع “النميمة” التي اصبحت رفيقا ملازما لامهاتنا, واخواتنا وفي بعض الاحيان لرجالنا, واختلقنا القصص وسردنا الحكايات, وكم من كوارث حلت, كانت بدايتها قصة سردتها احدى الجارات.
هو الواقع المرير بعينه القيه على مسامعكم, وارثي لحال هذه البلدة كما حال الكثير من البلدان العربية المنكوبة التي باتت جريحة, كئيبة, تلعق جراحها التي لا تندمل.
ورغم ما كان اود ان ابشركم ان بلدنا قريب الى انفراجة حقيقية, وان هذه البلدة سائرة في مشوار اوله اشواك وجراح, واخره نور وافراح…اذ ان هذه اللحظات التي تعتبر كئيبة مؤلمة خانقة, هي نفسها اللحظات التي جمعت جميع افراد هذه البلدة تحت سقف واحد, بل تحت خيمة واحدة..وقبل ذلك كان من النادر ما نجد ذلك….نشكرك ازمتنا على تلك المبادرة التي عجز عنها الكثير, حيث وحدت افرادنا وعززت بذلك قوتنا ولو الى حين!!!!!!
الوحدة…تلك الكلمة التي تتردد كثيرا وتستعمل قليلا, والوحدة بتعريفي, ليست ان نسير على خط سياسي او اقتصادي او اجتماعي واحد, بل ان نسير كلّ على خطّه ومسيره دون ان يعرقل احدنا الاخر, ودون ان نزرع الاشواك في طريق الاخر, بل نتقبله بكل سرور ونحتضن اراءه حتى لو كانت مغايرة لنا….تلك هي الحقبة الجديدة التي ننتظرها بفارغ الصبر, لانها حقا…ستغير معالم هذه المدينة..وتزرع في ثناياها خضاب الحناء واكاليل الزهور مستبدلة بها الدماء المتخضبة والمراقة على سفحها!!!!!!!
بقلم الكاتبة:اسراء يوسف محاميد, ام الفحم
أبارك للكاتبة إسراء محاميد هذه الكتابة الجميلة الهادفة،
فاللغة والأسلوب والأفكار المطروحة، والقيم المنشودة، كلّها
تشدّ القارئ الواعي المتعطّش للحقيقة والحقّ!
تحية شكر واعتزاز للكاتبة على مقالتها الجوهرية..
لا شك ان مجتمعنا العربي في البلاد يمر بمرحلة سوداء وصعبة تقهر النفوس وتهد العزائم
وتقضي على الهدوء والسلم والتفاؤل..
العنف بجميع اشكاله ينخر بنا..وظواهره موجوده بكل التجمعات العربية في البلاد..
العنف موجود بكل مكان..بالاسرة.الشارع..الملعب ..وغيرها
نسبة العنف في مجتمعنا عالية جدا بالمقارنة مع المجتمع اليهودي..
مظاهر الوحدة التي نشاهدها بعد كل جريمة…تفاعل طبيعي للمجنمع ورد ارتجالي
للاكثرية الايجابية في المجتمع…هذه الوحدة لا تعالج المشاكل ولاتقدم اي حلول جذرية..
لقد اكد اهل العلم والمعرفة ان معظم مشاكلنا نابعة من الجهل والتخلف الذي نعاني
منه….والمطلوب نهضة ثقافية عامة من خلالها نغرس الثقافة في النفوس..نذوت القيم
ومكارم الاخلاق في الناس ..نصقل الشخصية بصورة عقلانية..ننمي القدرات..والمهارات
نجعل المطالعة العامة جزء من حياتنا اليومية كباقي الشعوب المتطورة..
الحياة مسرحية..ونحن الممثلون..جدير بنا ان نتألق باداء ادوارنا لنخلق مجتمعا فاضل
يسير بالسلوكيات الايجابية مع الثقافة والقيم النبيلة..
عزيزتي الكاتبة ..حياك الباري وجمل ايامك بالسعادة ومكارم الاخلاق..
الكتابة درب من الثقافة …الكلمة والفكرة الطيبة كالثمرة الطيبة..
لك مني كل الاحترام والتقدير ..اهلا وسهلا بك بموقع بقجة..
اتمنى لك الحياة العريضة..المكللة بالعطاء الخالد..
احييك د محمود على كلامك الذي يقطر ثقافة ولياقة….لك مني كل الاحترام والتقدير
كلامك لا غبار عليه..وثقافتك متميزة..ولغتك تسمو برقيها…اخي ابو نبراس….تحياتي