كفرقرع تفتح ملفات العنف والقتل على مسرح الحوارنة

تحت رعاية مجلس كفر قرع المحلي ومبادرة وإشراف وتنظيم قسم الثقافة والتربية اللا منهجية وبحضور رئيس المجلس المحلي المحامي نزيه سليمان مصاروة وبحضور المحامي مرسي أبو مخ رئيس بلدية باقة الغربية وعقيلته المحامية نرمين أبو مخ تم مساء الأمس عرض المسرحية المونودرامية الراقية والإنسانية من الدرجة الأولى “فُتح الملف” مع الفنانة سناء لهب.

*وقد غصت قاعة المركز الجماهيري الحوارنة بمئات الحضور من جميع القرى والبلدان والذين أموا المركز الجماهيري كوقفة واحدة في وجه العنف المستشري في مجتمعنا، كما وشارك في الأمسية المحامي جمال أبو فنة القائم بأعمال رئيس مجلس كفر قرع، والسيد محمد مرة نائب الرئيس والسادة أعضاء المجلس المحلي السيد إبراهيم فنادقة مسئول ملف المعارف والسيد اوس مدلج، ولفيف من السادة والسيدات رجال العمال والقلم والأدب والفكر، والأطباء ورجال القانون والقضاء ورجال التربية والتعليم، ولفيف من الأهالي والشباب في أمسية أشعلها الصمت والحزن والبكاء الصامت، قهر الندم والشعور بالذنب حول جرائم القتل بالرصاص الحي والطعن بالسكين. وقد ساد جو من الحزن والترقب لأحداث المسرحية التي أفلحت في إيقاظ مشاعر الحزن والحذر والصحوة عن اللا مبالاة للأطراف التي تحمل مسؤولية العنف والقتل في مجتمعنا، لأننا جميعا ودون استثناء شركاء في هذه المسؤولية!

افتتحت اللقاء الثقافي والمسرحي السيدة مها زحالقة مصالحة، مديرة قسم الثقافة والتربية اللا منهجية في مجلس كفر قرع المحلي والتي حيت السادة والسيدات الضيوف الوفيين للمسيرة الثقافية في كفر قرع، وحيت الحضور من أم الفحم كفر قرع، باقة الغربية، عارة عرعرة، العريان وعين السهلة وأم القطف وخور صقر،مصمص، اعبلين،زيمر، الطيبة، الناصرة،الطيرة،وقلنسوة والفريديس.

ومع نهاية العام 2011 الذي تميز بسلة ثقافية قرعاوية غنية، سردت السيدة زحالقة مصالحة أمام الحضور أهم الأحداث الثقافية للعام 2011، قائلة:”لا نريد لهذا العام أن ينتهي فعلاً، كان عاماً مغزولا بالثقافيات المُشوقة، هنا في فضاء هذه القاعة غنينا سوية وقوفاً “موطني”، و”اكتب اسمك يا بلادي”، و “منتصب القامة امشي”،و”الأرض بتتكلم عربي،” هنا على مسرح الحوارنة استشهد عبد القادر الحسيني بنص كيس رصاص بدموع ريم تلحمي، وهنا قُتلت راشيل كوري بالبلدوزر الصهيوني الغاشم، وهنا ناضلنا للحرية مع إياد الشيتي، وسكبنا الثقافة بإبريق الزيت العكي وحكحكي أيمن النحاس العذب، وهنا عرجنا على خريف العمر وروينا قصة الخريف مع سليم ضو وسلوى نقارة…. وهنا عاش البلد ومات البلد مع الشاعر مروان مخول.وهنا أعلنا الإضراب المفتوح مع سليم ضو وكنا مُتشائلين على وضعنا كتشاؤل إميل حبيبي بحنجرة محمد بكري، هنا بكينا على أولاد ارنا، وحملنا مفاتيح البيوت المهجرة أيضا مع الفنان سليم ضو، وهنا عرضنا لوحات فن في وجه الحرب، ونظمنا معرض الربيع العربي للفنان نهاد البقاعي، هنا عانقنا الدبكة الفلسطينية بروح تراث الزجل في مهرجان الفنون الشعبية وأشعلنا الأرض حباً وشوقا للتراث، قرانا الكتب في مهرجان كفر قرع تقرأ، وهنا حللنا الخط وناقشنا الكتب بأمسيات ثقافية راقية ومثرية، هنا حاكمنا زعماء العالم العربي قبل انتفاضة الشعوب العربية والربيع العربي، وحاكمنا السادات وتخاذل الزعماء العرب في قضية فلسطين من خلال عمل السادات والسادة،وحيينا الربيع العربي، وهنا ألقى شعراء الوادي قصائدهم بظل أساطير الشعر الوطني لمحمود درويش ولسميح القاسم، هنا تألق سعيد سلامة في طبيب رغما عنه ونفخنا البوق وإياه أيضا. وهنا احتفلنا بعيد ميلاد ليلى الفلسطينية مع محمد بكري… وعلى هذا المسرح أخذنا سليم ضو قبل بضعة أيام في رحلة في عباب النكبة ذهاباً واياباً وأعادنا نُص ساغ سليم، وهنا … وهنا.. منحنا الكبير سميح القاسم مواطنة شرف قرعاوية شهد لها التاريخ عام 2008 !” كان عاما رائعا وغزيراً بالثقافيات، ومسك الختام هذا المساء مع العمل المونودرامني”فُتح الملف”، ونعدكم بأن أجمل الأيام تلك التي لم تأت بعد”.

ثم أكملت عريفة الحفل خطابها حول القتل والعنف في مجتمعنا ، محور المسرحية: وقد استضاءت في مستهل كلمتها بالذكر الحكيم:” قال الله تعالى في كتابه العزيز:” مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا [المائدة:32] صدق الله العظيم.

وأكملت: “وإياكم وعلى مسامعكم نفتح هذا المساء ملفات قتل وجرائم ضد أشخاص أبرياء في مجتمعنا العربي، جرائم مزقت ثنايا وجود عائلات بأسرها، برغبات وقحة لدى بعض الأيادي والنفوس لتشويه خُضرة وفضاء هذا الكون، خضرة الألفة والمحبة والإنسانية!”

وفي لحظة إخلاص أبدية لشاعر المقاومة سميح القاسم فقد قالت:” في الوقت الذي يخاف فيه الشعراء على التفاحة من ظل السكينة – الكبير سميح القاسم بكل ما في التعبير من مجاز، هناك أياد وقحة تقبض على المسدس السفاح والسكين القاتل وتقتل روحاً بريئة، وتُيتم أولادا صغاراً وتتركهم يبكون والدهم أو والدتهم ويقتلهم الشوق للوداع، وزوجة ثكلى تبكي زوجها وتعارك لؤم الحياة وحيدة، وتبكي أولادها!هي حرب قاسية، لا تعرف عدوك بها احياناً، لأنك في معظم الأحيان عابر سبيل وقُتلت بالخطأ والشرطة تحقق!!!!!!!!!!!!!!!!!!”

وحول الازدياد القاهر في حوادث القتل فقد أكدت عريفة الحفل: “تعددت الملفات والقتل واحد، ودمع جديد يُضاف لنهر دموع الأمهات والزوجات والأخوات والأخوة والآباء والأهل، وصرخات تُدوي في وادي الصرخات، ويُسمع الصدى، انه الصمت، صمت ولوعة!في العمل المونودرامي الإنساني الاجتماعي الناقد والمغزول بمشاعر الأمومة من الدرجة الأولى “فُتح الملف” للفنانة المبدعة سناء لهب، فإننا نحاول التطرق إلى حوادث قتل عديدة حصلت دون مصداقية.. المسرحية تعبر عن صرخة ام ، قُتل ابنها عثمان ناصر نصار ابن ال 14على يد أصدقائه في نفس المدرسة، وكان صمت.. صراخ.. غضب ولوعة!” واستطردت:” في المسرحية حرب طاحنة لبحر آلام الأم الحنون مع الذكريات التي تسكن زوايا الأماكن وغرفة ابنها المغدور ضحية العنف، حالة من اللمح الرجوعي لحياة زينتها ورود الحب وياسمين السعادة، وجاء سكين الموت والطعن ليمزق سعادة الأسرة إربا إربا إلى لا عودة للماضي . حين تتناصف الحياة إلى قسمين غير متعادلين من المشاعر، سعادة ما قبل الحادث والتعاسة الأبدية في النفق الأسود ما بعد الموت، وأي موت… القتل المُقشعر للأبدان.”

ثم اعتلى المنصة المحامي نزيه سليمان مصاروة رئيس مجلس كفر قرع المحلي والذي حيى جمهور الحضور من كل البلدان شاكراً إياهم على وفائهم الحقيقي لفعاليات مجلس كفر قرع الثقافية مؤكدا فخره الكبير بهم وباستضافتهم، كما وحيى السيد مصاروة، رئيس بلدية باقة الغربية المحامي مرسي أبو مخ الذي شرّف كفر قرع بمشاركته في هذا العمل الثقافي المميز والإنساني من الدرجة الأولى، كما وبارك له فوزه في الانتخابات، متمنيا له جل العطاء لبلده باقة الغربية المتعطشة لأفكار وروح طيبة كالتي يحملها ويبشر بها الشاب مرسي ابو مخ.

وفي تطرق للسيد المحامي نزيه سليمان مصاروة لمضمون مسرحية فُتح الملف التي تعالج موضوع القتل والعنف في المجتمع العربي فقد أكد رئيس المجلس المحلي أنه بالحوار والنقاش البناء وأخلاق الإنسان المؤمن وبناء الأسرة السليم إلى جانب تكثيف العمل الجماهيري وخلق الأطر الثقافية لأبناء الشبيبة نستطيع سوية التخفيف من حدة ووطأة آفة العنف المستشرية في بلداننا، نحترم نقد جيل الشباب وندعوهم لإسماعنا أفكارهم، وإياهم نخلق الآلية الصحيحة لخير هذا البلد والمجتمع العربي على وجه العموم نحترم النقد البناء والمدروس وننتظر طرح البدائل، لا تقف ناقدا أيها الإنسان، اقترح وشارك وأثر لتغير، علينا تعزيز الانتماء وحب البلد لأجل الولد، ابنك وأخيك”، كما وأكد رئيس المجلس المحلي في كفر قرع أن السلطة المحلية ليست الوكيل الاجتماعي الوحيد في هذه الدنيا للفرد والمواطن، فالأسرة تحمل أيضا مسؤؤلية هامة في هذا النطاق، مشيرا إلى المصارحة والحوار البناء والإصغاء بين أفراد الأسرة لبعضهم البعض، من هنا يبدأ العنف، مشيرا إلى ضرورة التغيير في المدارس والحوار الجاري فيه أيضاً، مشيرا في نفس الوقت إلى تحمل السلطة المحلية للمسؤولية الملقاة عليها والاستمرار في تفعيل الأطر والبرامج التي تهدف إلى غرس التوعية لنبذ العنف وخلق الآلية العملية لاجتثاثه قدر المستطاع .

كما وشكر السيد مصاروة الحضور على مشاركاتهم المتعاقبة في فعاليات المجلس المحلي ووجه تحية شكر حارة للسيدة مها زحالقة مصالحة، مديرة قسم الثقافة والتربية اللا منهجية التي تقف من وراء هذا الكم الهائل من الفعاليات النوعية وذات الجودة العالية في المضامين. وفي لفتة تكريمية تعبر عن توطيد عرى الصداقة بين كفر قرع وباقة الغربية فقد قدم السيد مصاروة للسيد مرسي أبو مخ باقة ورد تعبر عن الصداقة والأخوة بين البلد الواحد باقة الغربية وكفر قرع.

وبهذه المناسبة فقد قدم المحامي مرسي أبو مخ مداخلة مقتضبة وهادفة جدا حول المساعي والآليات لكبح جماح العنف، وأكد رئيس بلدة باقة الغربية على ضرورة تشبيك العمل الجماهيري والإنساني في كل البلدان من اجل التصدي لموجات العنف التي يستفيد منها طرف واحد في هذه الدولة، مؤكدا أن شح الميزانيات يضيق إمكانية خلق الأطر السليمة بالكم المطلوب من اجل خلق الآلية العملية المرجوة في هذا النطاق، إلا انه أشار أن هذا لن يثنينا نحن رؤساء السلطات المحلية عن خلق برنامج تثقيفي للتوعية في هذا النطاق وإخراجه إلى حيز التنفيذ.

وبعد انتهاء العمل المسرحي الذي حصد كما من الدموع التي غسلت القلوب، فقد تم فتح النقاش أمام جمهور المشاركين في المسرحية، وشارك في الندوة كل من السيد سامر عثامنة، أخصائي علم الإجرام والفنانة سناء لهب التي أوضحت الرموز والتلميحات المبطنة التي كانت في المسرحية، كما وشارك الأهالي والشباب في المداخلات حول ظاهرة ووباء العنف في المجتمع العربي، سعيا وراء وضع الإصبع على نقاط الضعف بهدف التأثير نحو التغيير.

وفي تعقيب لها أكدت لنا السيدة مها زحالقة مصالحة عن سعادتها الفائقة بالجودة النوعية والكمية للحضور الوفي لفعاليات الثقافية بفارق ثلاثة أيام بين الأمسيتين، مؤكدة انه لم يكن صعبا عليها البحث عن أسماء ضحايا جرائم القتل الأخيرة، فكفر قرع ثكلت الكثير ولا زلنا نبكي المرحوم عبيدة عسلي والمرحوم منهل عرباسي رحمهما الله وغيرهم من القتلى، وفي الأشهر الأخيرة هزتنا حوادث قتل جهنمية السيناريو… أم الفحم ثكلت عائلة هيكل في مجزرة مُريبة، باقة الغربية فقدت علي ابو مخ بجريمة بشعة الوصف، ، حادثة قتل تيسير سلطان من الطيرة مؤخرا، مقتل الطفل انس كيال من الجديدة المكر، مايكل دانيال من الناصرة، وغيرهم…..

وأكدت مديرة قسم الثقافة أننا فقدنا أمننا وأماننا. ينزل أولادنا إلى الشارع ولا نعرف هل يعودون. يقود الشاب سيارته بصورة جنونية أحيانا كثيرة الى اللاعودة. نشارك في عرس ونخاف أن تصيبنا رصاصة طائشة من سلاح شخص لا يعرف طريقة أخرى للتعبير عن فرحته سوى ضرب النار. وصلنا إلى وضع صار فيه قتل الأخ لأخيه وابن لأبيه وابن لامه وأم لابنتها ظاهرة منتشرة !.

واختتمت كلامها بالقول: “علينا مواجهة العنف بلغة الحوار والنقاش والتربية على المبادئ والأخلاق! علينا أن نصل سوية لآلية لكبح جماح العنف، كلنا شركاء في المسؤولية!”

وفي نهاية الأمسية وجهت مديرة قسم الثقافة والتربية اللا منهجية جزيل الشكر للفنانة المتألقة سناء لهب ولمسرح انسمبل فرنج الذي أنتج هذا العمل المسرحي الإنساني، كما وشكرت مسرحيد عكا الذي يمول هذا العمل المسرحي بالكامل! ووجهت خالص الأمنيات لجمهور الحضور والمجتمع العربي.