جهاد الشيطان

تاريخ النشر: 18/05/14 | 8:42

قال تعالى في كتابه العزيز: (قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) (الأعراف: 14- 17).
إنه الشيطان آلى على نفسه أن يضلَّ بني آدم.. ويصرفهم عن طريق الرشد وهو دائب في ذلك.. لا يمل ولا ييأس كلما أغلقت دونه بابًا، فتح بابًا آخر لا يهمّه من أي مكان يأتيك، خيراً أو شراً وإنما همّه إضلالك.. ولو عن طريق الخير.. فهل فكرت في جهاد الشيطان؟! نعم.. جهاد الشيطان.. وهل تدري كيف يكون جهاده؟! إذا أمرك بأمر، فخالفه وافعل ضده، فإنك لن تسر الشيطان بمثل الذنب.. ولن تغيظه بمثل الطاعة، ومجاهدته، فلو رأيت عكوف الشيطان على قلبك، وحرصه على إضلالك لعرفت انه من اول واكبر والعن الاعداء فمسكين من غفل عن عداوة العدو الأول العدو الذي سلط عليك.. ولم تسلط عليه قال الله تعالى: (مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ) (الناس: 4).
قال مجاهد: “هو منبسط على القلب، فإذا ذكر الله تعالى خنس وانقبض، وإذا غفل انبسط على قلبه”؛ وكان الصحابة رضي الله عنهم يقولون: “إن الشياطين ليجتمعون على القلب كما يجتمع الذُّبَّان على القرحة، فإن لم تُذَب وقع الفساد “.
فكيف تطيع عدوك؟!.. عجباً لمن استنصح عدوه.. وآثر طاعته نعم.. أيها المذنب إنك مطيع لعدوك.. وقد أمرك الله تعالى بخلافه.. وجهاده.. (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) (فاطر: 6).
أيها المذنب لا تكن في يد الشيطان كالكرة فإن من أتبع نفسه هواها.. وداوم على المعاصي، إنما هو ألعوبة في يد الشيطان.. وكرة يتقاذفها كيف يشاء فتأمل في حالك أيه المسكين.. هل أنت من هذا الصنف؟! يا من نزع سربال الطاعة.. وتسربل بسربال الذنوب هل تذكرت أن الشيطان يحب الذنوب.. ويبغض الطاعات؟! وكم يسر إذا رآك في معصية الله تعالى.. وكم يحزن إذا رآك في طاعة لله تعالى، ايها المذنب لهوت عن الذنب فأنت بين ذنب قديم وذنب حديث غافل عن ذنوبك.. تعلل نفسك بسوف.. كم في هذا سلطان للشيطان.. وتسليط لعدو الرحمن فقد قال بعض السلف: ” أنذركم سوف، فإنها أكبر جنود إبليس “.
فاعلم يا صاحب الذنب؛ أن الشيطان لا يرضى منك بالذنب والذنبين.. بل هو معك في استدراك وتحريض على المعاصي؛ حتى يوقعك في كبارها.. فلا يزال يزين لك المعاصي ؛ حتى يجردك عن دينك لتكون رفيقه في النار. وأخيرًا أيها المذنب طاعة الرحمن خلف كل خير وسعادة.. وطاعة الشيطان خلف كل شر وشقاء فاختر لنفسك؛ فكما يقال: “يا عجبًا لمن يعصي المحسن بعد معرفته بإحسانه، ويطيع اللعين بعد معرفته بطغيانه “..!

بقلم: محمود عبد السلام ياسين

m7mod yaseen 2014

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة