زيارة تضامنية إلى النقب الصامد
تاريخ النشر: 01/01/12 | 1:04قامت حركة الرسالة الطلابية يوم الأحد الماضي بتنظيم زيارة تضامنية إلى الجنوب تعبيرا عن التضامن مع أهل النقب والقرى المهدّدة بالهدم . وقد انطلقت الحافلة من القدس جبل المشارف متوجّه نحو قرية العراقيب التي تعرّضت ثلاث وثلاثين مرة للهدم ، وتم إستقبال الوفد الطلابي في خيمة الإعتصام على أرض قرية العراقيب من قبل الشيخ صياح الطوري والدكتور عوّاد أبو فريح . افتتح الأخ داوود عفّان مركّز الدائرة الطلابية اللقاء بالترحيب بالوفد القادم وأكّد ضرورة التضامن مع أهل النقب ومعاناتهم اليومية ، ومن ثمّ تقدّم الأخ محمود زيد مسؤول حركة الرسالة الطلابية بالشكر الجزيل للمستضيفين على حسن الإستقبال وحثّ على أهمية القيام بزيارة ميدانية لرؤية المعاناة عن كثب ومُعاينة الواقع المُعاش .
بعد ذلك تحدّث الدكتور عوّاد أبو فريح رئيس لجنة الدفاع عن العراقيب ، قائلا : “لطالما حاولت دولة إسرائيل عزل أهل النقب عن عرب الداخل إلا أننا ورغم كل المحاولات ما زلنا عربا ننتمي للأمة العربية والإسلامية . عندما ننظر إلى حياة البدوي عن قرب فإننا نلمس صعوبة الحياة ولكننا لا نشكو من هذا الحال فنحن مستعدون لدفع أي ثمن مقابل الصمود . قبل نكبة الـ 48 كان في النقب مئة ألف عربي ، إلا أن الغالبية رُحّلوا وشُرّدوا وهُجّروا وبقي فقط 10 الآف وتمّ تجميعهم في سياج أمني مُغلق . هؤلاء العشر الآف أصبحوا اليوم 200 ألف وبقوّة عزمهم خرجوا من داخل السياج وتوسّعوا في أرض النقب . اليوم 70% من أهل النقب هم شباب” ، وأضاف : “في مجزرة العراقيب سقط 21 شهيدا حيث تم قتلهم بدم بارد ولكننا لن نخاف وسنبقى نناضل من أجل إعادة كل شبر إلى أرض قريتنا التي تضم أكثر من 100 ألف دونم . هناك 47 قرية غير مُعترف بها من أصل 54 ، وسلطات الإحتلال تتحدّث دائما عن مشروع توطين عرب النقب وكأننا لسنا مواطنين . من ناحية دينية ، كنا لا نعرف صلاة ولا دين ، كنا مسلمين ولا نعرف معنى الإسلام ، والمحطة التي أرجعتنا إلى الدين كانت عام 76 عندما احتلت اسرائيل غزة والضفة . من ناحية تعليمية ، مدارسنا بدون ماء وكهرباء وبدون شوارع مؤدّية إليها ، وهناك 33 مدرسة في القرى الغير مُعترف بها . أضف إلى ذلك ، فإنّ 30% لا ينهون الصف الثاني عشر ، 30% يحصلون على شهادات بجروت ، 60% لا يدرسون في الجامعات ، 20% يدخلون إلى الجامعة وفي النهاية 2-2.5% فقط ينهون اللقب الأول . زد على ذلك ، أنّ الماء للزراعة غير مسموح به ، تربية المواشي ممنوعة أيضا ، بإختصار هذه الدولة تعاملنا كأننا مجموعة مُعادية . لقد رفضنا الأرض البديلة لأننا سنتنازل عندها عن مُلكنا ونسكن في أرض الغائبين ، أوصلنا قضيتنا إلى الأمم المتّحدة والمحافل الدولية وخاصة إلى دولة سويسرا ، وأقولها لكم : أنّ العراقيب أصبحت بوابة صوت النقب للداخل والخارج ، والربيع العربي سيصلنا إن شاء الله”.
بعد ذلك تحدّث الشيخ صياح الطوري إبن قرية العراقيب قائلا : “أنتم الجيل الفلسطيني الصادق وليس الملوّن مثل تلفزيونات اليوم . بالرغم من الصحوة الدينية إلا أنّ هناك قلة صدق وإخلاص في المجتمع العربي ، لأنّه لو كان هناك إخلاص لما جلس الكثيرون مع رجال الدولة . في البداية تم إرسال وفد يهودي إلى أرض فلسطين لتفحّص المنطقة وكان الرد أنّ : الأرض ممتازة وملائمة للشعب اليهودي ولكن الأرض مرتبطة بسكانها فما هي الطريقة لفك الإرتباط ؟ الطريقة الأولى كانت تشغيل الإغراءات المالية والطريقة الأخرى هي دق الأسافين بين الشمال والجنوب من أجل تطبيق سياسة فرّق تسد . يقولون كانت أرض النقب عبارة عن ممر بين دول الخليج ومصر ، ولكن ما هو تفسير وجود سبع مقابر إسلامية قبل وجود الإحتلال ؟ من يأتي اليوم على العراقيب يبدأ بالتسائل أين هي العراقيب ، ولكن الصور تُثبت كل الحقائق . نحن نقول أنّه حتى لو لم ترضى حكومة نتنياهو سنصمد في العراقيب ” ، وأضاف : “المحاكم الإسرائيلية قرّرت أن الأطفال يتواجدون في بقعة صغيرة والرجال في المقابر يعني الأموات يكفلون الأحياء ! أضف إلى ذلك ، أنهم قطعوا عنا المياه ونادوا كل القرى المجاورة بعدم المساعدة . هذا ولا ننسى عملية التجريف الأخيرة التي أخرجت من القرية حوالي 400 شاحنة ركام وحتى أنهم وجدوا ضامن ليشتري أكوام الحديد ، بعد ذلك طلبوا منا 2 مليون شيكل أجرة التراكتورات وسيارات الهدم ، ولكن كل شيء في هذه المنطقة يُقاوم حتى الشجر فإنه ينبت من جديد . هويتنا في النقب هي الأرض ، وهذه الدونمات ليست للعراقيب وإنما لكل عربي ، العراقيب أرض فلسطينية عربية وتتكلم عربي” .
بعد ذلك خرج الوفد إلى جولة صغيرة في أرجاء العراقيب وتمّ فيها زيارة مقبرة شهداء العراقيب الذين سقطوا في المجزرة ، ومن ثمّ انطلقت الحافلة إلى مدينة بئر السبع وتحديدا إلى المسجد القديم وهناك قابل الوفد الأستاذ سعيد الخرومي أمين عام حزب الوحدة العربي الذي صرّح قائلا : “لقد أرادت سلطات الإحتلال تحويل هذا المسجد إلى متحف وصالة للحفلات ، إلا أننا وبعد نضال طويل استطعنا أن نصل إلى نتيجة جزئية ولكنها أفضل من الخيار الأول بكثير وهي : أن يتحوّل المسجد إلى متحف للتراث الإسلامي وعندها نضمن أن لا يحدث تغيير في صورة المسجد . قضية بئر السبع هي قصة النكبة وفلسطين كلها ، وهذا المسجد هو شاهد على الوجود العربي والإسلامي ” ، وأردف قائلا : “مخزون الأرض الوحيد الذي بقي للعرب هو النقب أي حوالي مليون دونم . مخطط برافر هو مخطط يسعى لتجميع سكان النقب في منطقة لا تتعدّى 100 ألف دونم ، وبذلك فإنّ حوالي 500 ألف دونم غربي شارع 40 مصادرة وهي الأراضي الخصبة . مطالبنا واضحة وهي : أولا ، الإعتراف بالملكية ، وثانيا ، الإعتراف بالمواطن أينما تواجد . لا يوجد تنازل لأنه لا يوجد شيء لنتنازل عنه” .
من ثمّ توجّه الجميع إلى قرية حورة وتحديدا إلى المركز الجماهيري ، حيث كان ينتظر الوفد هناك وجبة غداء فاخرة . بعد ذلك ، قام الأستاذ علي أبو القيعان مدير المركز الجماهيري في حورة بتقديم شرح وافي عن القرية وإقتصادها المميز حيث قال : “هناك 6 مدارس إبتدائية في حورة ، 5 مدارس ثانوية و 43 رياض أطفال وبساتين” وأكّد أنه يمكننا أن نبقى نلقي اللوم على دولة إسرائيل وعلى حظنا السيء ولكن هذا لن ينفعنا لأنّ الواجب هو أن نأخذ المسؤولية على عاتقنا ونحاول حل مشاكلنا بأنفسنا بطرق حكيمة وأضاف : “الطرق التي بواسطتها يمكننا تغيير المجتمع هي بواسطة التربية والتعليم ، الإقتصاد والصحة . التفكير في المستقبل هو بداية التغيير وليس أحاديث كان يا مكان وحسب” . مسك الختام كان مع عرض فيلم عن العدوان على غزة وذلك تزامنا مع الذكرى الثالثة للحرب وهو فيلم من إنتاج حركة الرسالة ، ويعرض حجم الدمار الهائل إن كان على المستوى البشري والمدني والمالي ، وكنوع من إستكمال إحياء هذه الذكرى القاسية تمّ توزيع بوسترات عن العدوان الغاشم على غزة هاشم وهي أيضا من إنتاج حركة الرسالة .