ب. مصطفى كبها بمحاضرة حول التغريبة الفلسطينة في باقة

تاريخ النشر: 21/05/14 | 13:32

إحياءً لذكرى نكبة الشعب العربي الفلسطيني الـ 66، نظمت حركة “سُكَيْنَة – باقة التّقدّميّة” السبت الماضي، 17 أيار 2014، محاضرة علمية لرئيس قسم التاريخ والفلسفة في الجامعة المفتوحة، بروفسور مصطفى كبها، حول “دور الدراما في صياغة واستحضار الرواية التاريخية – التغريبة الفلسطينية نموذجًا”، في قاعة المركز الجماهيري بباقة الغربية.
افتُتحَ الحدث بالوقوف إجلالاً للنشيد الوطني الفلسطيني، موطني، ثم بكلمة افتتاحية قدمها عضو حركة سُكَيْنَة، عريف الحدث، عزيز قعدان، رحب خلالها بالجمهور، وببروفسور مصطفى كبها، معرفًا به وبإنجازاته العلمية، وكذلك بحركة سُكَيْنَة ومبادئها وأهدافها.
وقد جاء في كلمة عريف الحدث: “هذا هو الحدث الثالث لحركة سُكَيْنَة – باقة التّقدّميّة، والذي يأتي إحياءً لذكرى نكبة شعبنا العربي الفلسطيني الـ 66، وتشريده في أرجاء العالم، وتدمير مشروعه النهضوي، والإتيان على ريفه ومدنه، هدمًا ومحوًا، وسرقة ومحق كنوزه المعرفية والعلمية والاقتصادية، من مسارحَ، ودور سينما، ومكتباتٍ خاصةٍ وعامة، ومؤسسات، ومدارسَ وكليات، وصحفٍ وإذاعاتٍ، وشركاتٍ، ومصانعَ، وأراضٍ؛ نكبةٌ ما زالت مستمرةً حتى اليوم، نشهدُها في كل تفاصيل حياتنا، من برافر وحتى مخيم اليرموك، مرورًا بكل تفاصيل القمع والاضطهاد، والتمييز والعنصرية، والتهميش.”
وحول سكينة جاء: “سُكَيْنَة حركة جامعة لنفرٍ من أبناء وبنات باقة الغربية، الطامحين لأن تكون بلدتهم مساحةً للفعل الثقافي والاجتماعي والسياسي التقدمي، الحر، والمنفتح، والتعددي.. المتسامح، والعميق، والغني، والمحرك للعقل والروح.. فعلٌ يعتز بقيم وروح الحضارة العربية الإسلامية، وبالوطنية الفلسطينية والعروبة، وبمبادئ الديمقراطية، والعدالة، والإخاء، والمساواة. قيمٌ نؤمن بها حقًّا وعمقًا، ولا نرددُها شعاراتٍ براقةً زائفة.”
افتتح بروفسور مصطفى كبها محاضرته بالحديث عن تناول القضية الفلسطينية في الدراما العربية، مشيرًا إلى أن أعمالًا عديدة شهدتها الدراما حول هذه القضية، إلّا أنّ أحدًا منها لم يرتق إلى مستوى فني متقن، وتاريخي بحثي موضوعي، إذ غلبت الرومانسية والبكائيات واللا دقة عليها، حتى جاء مسلسل التغريبة الفلسطينية عام 2004، والذي كتب نص السيناريو الخاص به أستاذ اللسانيات الفلسطيني، د. وليد سيف، وأخرجه السوري حاتم علي، بدعمٍ وتمويلٍ من الحكومة السورية، وقد مثلت فيه نخبة من الفنانين الفلسطينيين والأردنيين والسوريين، الذين أدوا أدوراهم بحرفية عالية، وخصوصًا إتقانهم للهجة الفلسطينية، خصوصًا الفلاحية؛ وأبدى كبها أسفه من أن صناعة الأفلام والدراما العربية لم تُنتِجَ أي عملٍ شبيه يتناول جوانب أخرى من القضية الفلسطينية بعد مسلسل التغريبة.
وأشار كبها إلى أن المسلسل يتناول من تاريخ القضية الفلسطينية الحقبة الواقعة ما بين 1933 و 1968، مبينًا أن اختيار هذين العامين نقطة انطلاق وإقفال أمرٌ له دلالة، ففي عام 1933 كان اكتشاف الخلايا السرية المسلحة، وفي عام 1968 كانت بداية مرحلة جديدة من مراحل الكفاح المسلح.
ومن خلال عرض مقاطع مختارة من مسلسل التغريبة، بتدرج تاريخي، تحدث كبها عن البعد الطبقي الذي كان يسود المجتمع الفلسطيني قبل نكبة عام 1948، ونظرة أهل المدن الاستعلائية تجاه الريف، والتي تغيرت مع انطلاق الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936، حيث كان أبناء الريف مركزها وعمادها وقادتها ورؤساء محاكمها الثورية؛ ثم لتظهر هذه النزعة الاستعلائية في العلاقات بين اللاجئين في المخيمات ومَنْ لم يُهجّروا من أبناء المدن. ووجه كبها نقده لمنظمة التحرير الفلسطينية التي اعتبر أنه ليس صدفةً أن تكون غالبية قيادتها من أبناء المدن، معتبرًا أن لهذا أصوله في تاريخنا الاجتماعي.
وتطرق كبها أيضًا إلى قضية الإقطاع في تاريخ الشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أنه كان عبئًا على كاهل أبناء الشعب الفلسطيني من الفلاحين، إضافة إلى عبء الاستعمار البريطاني لفلسطين، ومتطرقًا إلى دور الإقطاع السلبي تجاه كفاح الفلسطينيين.
وأوضح كبها أن الشعب الفلسطيني لم يُسلّم مدنه وقراه بسهولة، ولم يستغنِ عنها عام 1948، وهو ما يظهره المسلسل أيضًا، إذ شهدت المدن والقرى الفلسطينية مقاومةً لهجمات القوات اليهودية التي كانت تتفوق على الفلسطينيين عدةً وعددًا، وكبدتهم هذه المقاومة أحيانًا خسائر كبيرة. وبين كبها السياسة التي اعتمدتها القوات اليهودية لتهجير الفلسطينيين، وهي محاصرة القرية من ثلاث جهات وترك جهة مفتوحة، ثم قصفها بالمدافع وأحيانًا بالطائرات، لدفع سكانها الفلسطينيين للهرب تحت النار، نحو حدود الدول العربية المحيطة.
وشدد كبها على أن السؤال الذي يجب أن يُسْأَلَ حول لجوء الفلسطينيين، هو ليس لماذا تركوا بلادهم وهجروا ولم يتمسكوا بها حتى آخر قطرة دم؟ فهذا سؤالٌ لا يسأل لمدنيين عُزّل في مواجهة قوات مسلحة، إنما السؤال الذي يجب أن يُسْألَ هو: لماذا لم يُسْمَح لهم بالعودة بعد انتهاء العمليات العسكرية، ثم تدمير قراهم ومدنهم الـ 532، خشيةَ أن يضغط المجتمع الدولي على الدولة العبرية القائمة حديثًا في حينه كي يعودَ اللاجئون الـ 730 ألفًا إلى مدنهم وقراهم.
وقال كبها إن مسلسل التغريبة الفلسطينية هو أكثر، وربما أول، من أنصف فلسطينيي الداخل، الذين ألصقت بهم تهم التأسرل والتنازل عن الهوية والتفريط، عكس الواقع تمامًا، وبرز هذا الأمر أكثر ما برز في مشهد مساعدة أحد شباب قرية الطيبة في المثلث لرشدي، وهو شخصية مركزية في المسلسل، عندما دخل إلى الأراضي الفلسطينية عام 1948 بعد نكسة حُزيران عام 1967، بحثًا عن أمه خضرة، والتي كانت تقيمُ منذ النكبة في أم الفحم، بعد أن افترقت عن ابنها رشدي خلال التشريد، وهو من زوجها الأول الذي استشهد قبل النكبة، ومن ثم لجوئها إلى أم الفحم مع زوجها الثاني. ويظهر الشاب من الطيبة خلال مشاهد مساعدة رشدي، وأيضًا من خلال حواره معه في طريق ذهابهما إلى أم الفحم، وتعامله مع جنود الاحتلال على الحاجز، يظهر وطنيًّا، وصاحب وعي قومي، ومتمسكًّا بأرضه وتاريخه وإقدامه على الفعل النضالي، معبرًا بذلك عن الصورة التي أراد نقلها د. وليد سيف لفلسطينيي الداخل، غير المشوهة ولا المحرفة.
وأشار كبها في معرض حديثه إلى أن استدلالاته وتقديراته الاستقرائية، تقوده إلى التأكيد على أن القرية النموذجية في مسلسل التغريبة، والتي تعتبر مسرح الأحداث قبل النكبة، ولم تُمْنَحْ اسمًا فيه، تقع في بلاد الروحة في جنوب حيفا، مبينًا أن حكاية العائلة بطلة المسلسل، وهي من آل يونس، أو السبعاوي، حقيقية، وأن الكثير من شخصيات المسلسل واقعية وكانت موجودة، مع تحويرٍ على الأسماء وبعض الأحداث، مثل شخصية القائد أبو صالح، وشخصية الطبيب أكرم. وبين كبها أن خضرة، ابنة عائلة آل يونس وأم رشدي، والتي سكنت أم الفحم بعد النكبة، هي شخصية واقعية على الأغلب.
وفي ختام المحاضرة، شكر بروفيسور كبها حركة “سُكَيْنَة – باقة التّقدّميّة” على استضافتها له، وأجرى حوارًا مع الجمهور حول عدة أمورٍ قيلت خلال المحاضرة.

01

02

03

04

05

06

07

08

09

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة