الحاج مصطفى
تاريخ النشر: 10/10/10 | 15:31بقلم الاستاذ يوسف جمل
منذ سنوات عديدة ذهب الحاج مصطفى رحمه الله إلى أحد الصرافين الذين يشتغلون بتصريف وتحويل العملات المختلفة وقام بتحويل ما توفر معه من نقود إلى دولارات أمريكية يحفظ بها قيمتها ليستعين بها في ما بعد على قضاء حوائج الدهر والعمر .
كان وقتها الشاب مصطفى مجتهداً نشيطاً , يكد ويتعب مع زوجته المدبرة في الحقل , يزرعون شتى أصناف الخضروات ويبيعونها في الأسواق ويحرصون على العيش باعتدال ويوفرون ما يمكن توفيره لمواجهة القادم المجهول .
سر يومها مصطفى من حسن معاملة ذلك الصراف وقرر أن يحول كل ما يتوفر لديه تباعاً عنده واستمر على تلك الحال سنوات عديدة.
كان يعود في كل مرة إلى زوجته فيسلمها ما عاد به من دولارات فتقوم بإضافتها إلى ما سبق وتصرها وتعيدها إلى مكان لا يعلمه حتى الجن الأزرق.
ومن وقت لآخر كان يوصد باب البيت وينادي زوجته ليقوما بعَدِّ ما صار لديهم من أموال ويحسبها في ذهنه ويفرك يديه ويرفعها بالحمد والشكر لله ويقول لزوجته أن ما أصبح لديهم يكاد يقترب من المبلغ المطلوب لأداء فريضة الحج وأنه لربما في السنة القادمة أو التي تليها يتحقق لهم المراد .
لقد كان حلماً وأملاً كبيراً بالنسبة له ولزوجته ولطالما راوده وخاصة عندما كانت جموع الحجيج في كل عام تغادر البلدة وهو يزورهم لوداعهم ويعود ليبكي لوعة وشوقاً لأن يكون بين المودَّعين لا بين المودِّعين ويتضرع بالدعاء إلى الله أن يتحقق هذا الحلم ويلبي له هذه الأمنية بأداء فريضة الحج , ولطالما استبشر بالخير عندما كان يخطر بباله نداء الناس إليه بالحاج مصطفى بعد قضاء هذا الركن العظيم من أركان الإسلام العظيم.
وما أن يعود الحجاج إلى بلادهم حتى كنت تراه يهرع لملاقاتهم وزيارتهم للتهنئة بالحج المبرور الذي ليس له جزاء إلا الجنة .
وكانت زوجته تشاركه هذه الأحلام والأمنيات وتقول عقب كل صلاة ” اللهم يسر لنا السبيل إلى الحج ويسر لنا زيارة لرسولك الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم ”
وعند اقتراب موسم الحج في السنة المقبلة عقدا العزم بما مكن لهما الله وبدأت عملية التسجيل والإجراءات والترتيبات , فذهب مع زوجته لإتمام عملية التسجيل وهو يكاد يطير فرحاً وغبطة وسرورا وعلم كل من في البلدة بذلك وفرح بفرحه الجميع .
وعندما اقترب موعد السفر وحان موعد دفع الرسوم والتكاليف وإتمام الإجراءات نادى زوجته وطلب منها أن تحضر له الصرة التي لا يعلم مكانها حتى الجن الأزرق , فذهبت وطال انتظاره فهرع إليها ليجدها تبحث عن الصرة والهلع ظاهر على محياها وصارت تنبش كل ما يصادفها باحثة عن صرة الحج بينما سرت في جسده رعشة وقشعريرة ولم تعد رجلاه قادرة على حمل جسمه حتى سمعها تصرخ وجدتها وجدتها فتنفس الصعداء وردت الروح إليه.
وقف أمام موظف التسجيل وابتسامة تعلو شفتيه وبيده الصرة فقال أنا الحاج مصطفى وهذا المبلغ عني وعن زوجتي .
فتح الموظف الصرة ونظر إلى الأوراق النقدية , ونظر ونظر وفحص ونظر ثم رفع عينيه نحو الحاج مصطفى وقال له ما هذا يا حاج ؟ هذه نقود مزورة !!
إسودت الدنيا في وجهه وارتعدت فرائصه وضاق نفسه وانهار أمام الجميع .
ورغم كل المحاولات لإنقاذه إلا أن الحاج مصطفى فارق الحياة!
كتبت له حجة والله أعلم
تحياتي يا الله كم تاثرت لما حدث لهذا الانسان الذي تعب وكد من اجل حصد المال ليؤدي فريضه الحج وباخر المطاف يكون كل ما وفره مزور لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم :من لم يذق مره التعلم ساعة تجرع ذل الجهل طول حياته….نجد السكينة والرضا اذا اعطيت شكرت واذا منعت رضيت واذا ابتليت صبرت واذا دعاك الله لامر لبيت.
يا الله كيف الدنيا تعب كل حياتة عشان يروح على الحج وبالاخر ينتصب عليه يا ويله من الله اللي بعمل هيك الله لا يسامحه
قصة جميلة معبرة, هذا واقع يمر به البعض, هنالك اناس كثيرون جشعون خداعون.. علينا اتخاذ الحذر والحيطة دائما.. نهاية مؤسفة وأليمة.. اتقوا الله في اعمالكم..
بروكت كاتبنا العزيز على هذه القصة..
حياك الله يا استاذ يوسف, وجمل احلامك ومقالاتك, حكايتك معبرة وهادفة.
علينا دائما اتخاذ التدابير اللازمة لكي لا نقع بفخ الاحتيال والنصب, علينا ان نشتري العملة الصعبة من البنوك والمحلات الرسمية, وان نودع اموالنا في البنوك, ونستثمرها في مكان آمن غير الصرة او البيت.