عادات سادت ثم بادت "هدم الخال"
تاريخ النشر: 04/01/12 | 1:38في اللغة هدم وجمعها أهدام والهدم الثوب البالي أو المرقع ، يقال عليه هدم أو أهدام أي ثياب أخلاق …
أما الهندام فهو حسن القد واعتداله والأصل فارسي وهندم الشيء: ظرفه وأتقنه .
أما لماذا سمي اللباس الذي يهدى الى الخال هدما مع أنه ثوب بال ومرقع فلا أعرف لذلك تفسيرا الا الدلالة على التواضع والأكتفاء بالنزر اليسير… ولنعد الى هدم الخال وقصته…
هدم الخال عادة عايشتها في طفولتي وشبابي المتقدم لتصبح فيما بعد في خبر كان، فقد سادت ردما من الزمن هي وزميلاتها كطبخة الشباب، وجلد العريس “ليلة أمسية الدخلة” وسنأتي على ذكر بعضها مستقبلا.
والذي أتأكد منه أن هذه العادة سادت في المنطقة الجغرافية التي أنتمي اليها والمسماة بالشعراوية واليها تنسب دبكة الشعراوية ومن مدنها وقراها:باقة الغربية، جت، قرى زيمر، زيتا، عتيل، دير الغصون ونزلة عيسى وقرى أخرى من قضاء طولكرم سابقا. وهدم الخال هذا كان عرف تعارف عليه القوم واحترموه وطبقوه والويل الويل لمن يتهرب منه أو يتجاوزه فأنه يكون بهذا قد اقترف جرما بحق عادة لها مكانة التقديس في نظر من عايشوا هذه العادة… والى هدم الخال وقصته: فكان على والد العريس أو أخوته اذا كان الأب متوفى أن يقدموا لخال العروس أو لأخوالها هدما أو أهداما تعتبر جزءا لا يتجزأ من مهر العروس… وما هو هذا الهدم المتعارف عليه في عرف مجتمعنا؟ انه من لباس الرجل فاما أن يكون قمبازا أو طقما كاملا (قمباز ومعطف) واما عباءة، وفي حالات نادرة شالا.
وماذا لو لم يقدم هدم الخال وامتنع أهل العريس عن تقديمه؟ فهنا الطامة الكبرى فقد يؤدي ذلك الى تأجيل العرس أو الغائه ومن ثم القطيعة ما بين أهل العريس والعروس ، خاصة اذا كان العريس من خارج قرية العروس ، وفي حالات معينة يكون موضوع الهدم مرنا يتجاوب أحيانا ووضع أهل العريس المادي فيكتفى والحال هذه بهدم أو أهدام أقل ثمنا وكثيرا ما تعاون أقارب العريس معه في تغطية تكاليف الهدم أو الأهدام…
وعلمت من صديق يكبرني سنا أمد الله في عمره وأنعم عليه بالصحة وحسن الختام أنه كان بالإمكان استبدال الهدم بما يساويه من عملة ذهبية ، فضية أو ورقية ، وذكر أنه في أيام هدم الخال الأخيرة ترجم هذا الهدم الى خمس ليرات ، وذلك في سنوات الخمسينيات من القرن الماضي ، أيام كانت الليرة ذات قيمة شرائية لا بأس بها.
وسيبقى سؤال لا بد وأنه يدور في خلد كل قارىء ومفاده: ولماذا الخال بالذات وليس العم مثلا ألأن “العم مولى والخال مخلى” كما يقول المثل. أم أنها “رضوة خاطر له” أي تطييب خاطره، وهذه “الرضوة” للأم أيضا أخت الخال التي تفارق أعز مخلوق ساعدتها في أمور المنزل واتخذتها أحيانا صديقتها تبوح لها بأسرارها ومشاكلها، هذا التفسير من عندي وحسب مفهومي ولم أسمع تفسيرا آخر غيره ممن سبقونا أو عاصرونا، والله أعلم.
(باقة الغربية)