لا تكن بقرة في المقبرة!!

تاريخ النشر: 21/05/14 | 9:38

يظن البعض أن العنوان أحجية أو لغز من الصعب أن يحلها المرء منا، وقبل أن أخوض في غمار وفحوى المقال سأسرد عليكم قصة قصيرة لعلها تفسر ما أقصد.
ذات يوم حضر حكيم الى قرية في إحدى ضواحي دولة أوروبية، وراقب معيشتهم وأعمالهم وتبين أن لديهم بقرة يعتاشون أهلها منها فقط، يحلبونها يومياً ومجموعة أخرى من السكان يسافرون لبيع الحليب وشراء الخضار والفاكهة والرز والطحين، وهكذا مرت أشهر وسنوات على حياتهم، ولم يفتشوا عن مصدر آخر وأصبحت البقرة شغلهم الشاغل..
فجأة قرر الحكيم إخفاء البقرة، عندها عقد أهل القرية اجتماعا بحضور رئيسها واللجنة، وتقرر تشكيل لجان والتفتيش عن البقرة وبعد مرور أسبوعين، لم يتم العثور على البقرة، فبدأ أهل القرية بمناقشة اقتراحات عديدة اتفقوا على الاخذ بواحد منها وهو الانتقال الى زراعة أراضيهم وفعلا زرعوا ارضهم حتى أصبحوا تجارا يصدرون لبقية القرى والمدن، وبعد مرور عام قام الحكيم بإحضار البقرة الى القرية ووضعها بمركز القرية.. ولكن أحداً لم يلتفت إليها بالرغم من انها كانت مصدر معيشتهم..
تبين ان البقرة كانت هي السبب والعائق في تقدم تلك القرية، وكانوا كأنهم أموات في مقبرة الحياة عندما اعتمدوا على تلك البقرة ولم يفكروا بمصدر آخر…
وهذه القصة تنطبق على حياتنا اليومية فالبعض منا يعمل في مؤسسات معينة كأنه في مقبرة يقدم الكثير ولكن دون أن يتقدم، وتقف تلك البقرة “المؤسسة” أمامه عائقاً.. وتمر السنوات وما زال في مكتبه وكأنه القدر المحتوم الذي لا مفر منه.
ان الله تعالى خلق الانسان ليحيا وليعيش في هذه الحياة وليعمرها على احسن وجه، فهو تعالى لم يخلقه ليموت، بل انه سبحانه وتعالى عندما خلق الانسان وفر له كل الادوات واللوازم من اجل ان يحيا احسن حياة وبكامل السعادة.
المهم هو ان نتعلم كيف نعيش حياتنا، وهي الفرصة الوحيدة التي يمنحها الله تعالى عادة لكل واحد منا، فاللحظة التي تمر علينا لا يمكن ان تعوض ابدا أو تعود، والى هذا المعنى اشار قول الشاعر:
دقات قلب المرء قائلة له: ان الحياة دقائق وثوان
واذا كانت هذه هي حقيقة الحياة، واذا كانت الحياة دقائق وثوان، واذا كانت الحياة فرصتنا الوحيدة، واذا كانت الحياة قنطرة المرء الى الآخرة، وهي المزرعة التي نزرع فيها ليوم الحصاد الاكبر، فلماذا لا نستغلها على احسن وجه ونوظف لحظاتها من اجل انجاز اعظم ما نقدر عليه من الاعمال الصالحة؟ ولماذا نسوّف في الزمن ونبذر في الفرصة ونستهلك العمر، الذي يتشكل من مجموع الثواني، بالقيل والقال والكلام الذي لا يغني ولا يسمن من جوع؟.
هنالك فئة في مجتمعنا لا تستحق ان تضحي لأجلهم.. وهنالك فئة تعطيهم كل ما تملك وتعيش معهم وتتقدم معهم لأنهم يستحقون.. وهنالك فئة تستولي على كل شيء، وتظن انها تملك القوة ولكن في نفسها تعرف الحقيقة، علينا، كمواطنين ان نتشبع بثقافة الحياة من اجل خير أنفسنا وبلدنا.
ان الناجحين هم الذين يحبون الحياة من اجل مواصلة نجاحاتهم، اما الفاشلون فهم الذين يبحثون عن الاستسلام للواقع ويبقون في موقعهم بقية العمر!! ويدفنون في المقبرة.
عزيزي القارئ.. اذا سنحت لك فرصة للتقدم فامض واترك المقبرة التي تحتويك في الحياة، لأنها قد تكون البقرة في داخلك وتعيقك عن التقدم وانت لا تعلم.. فليكن قرارك أن لا تكون بقرة في المقبرة.

حسين الشاعر – شفاعمرو

hseenalsha3er

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة